صمت مُريب تجاه ما يحدث في اليمن.. هل الإنسانية لدى المجتمع الدولي تُصنّف وفقاً للعرق واللون؟
صحيفة الوفاق الإيرانية:
لايخفى على أحد أن الحصار البري والبحري والجوي الشامل المفروض من قبل تحالف العدوان السعودي على الشعب اليمني، تجاوز كل الحدود، مما أدى ذلك إلى تعريض حياة المدنيين في اليمن للخطر، فالتحالف الذي شن حرباً على اليمن تمادى في حصاره إلى درجة كبيرة، فأين المجتمع الدولي مما يقوم به التحالف الذي يحتجر ناقلات النفط ويغلق الموانئ ويمنع دخول المواد الغذائية؟
الم ير ذلك المجتمع الدولي المجاعة التي تفتك بالأطفال والنساء والشيوخ في مختلف المحافظات اليمنية ؟
إن الصمت الدولي المريب تجاه مايحدث في اليمن ينم عن تواطؤ فاضح يتنافى كليا مع مقاصد المجتمع الدولي، فتحالف العدوان ارتكب على مدى سنوات جرائم يندى لها جبين الإنسانية بحق الشعب اليمني، حيث إن هذا الشعب يعيش أسوأ كارثة إنسانية في التاريخ المعاصر، وخروج ملايين النازحين المهجرين قسرا من مناطقهم جراء العدوان وعدم التحرك الجاد إزاء ما تتعرض له مخيمات النازحين من قصف متكرر منذ بداية العدوان قد فضحت المجتمع الدولي .. في الوقت الذي يطبق الصمت على المجتمع الدولي تجاه مايحدث في اليمن أثارت الأزمة في أوكرانيا تساؤلات يمنية حول ازدواجية المعايير لدى المجتمع الدولي ، فالمجتمع الذي يعقد جلسة بعد اخرى استجابة للدعوات الأمريكية والأوروبية لعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن تخصص لبحث الأزمة في أوكرانيا ، يستمر في صمته تجاة اليمن وشعبه المحاصر وهذا ما أثار غضب النشطاء والشعب اليمني.
ضمن السياق الذي انتقد فيه عدد من المشاهير في العالم، ازدواجية المعايير لدى المجتمع الدولي في التعامل مع الأزمات في دول العالم شهدت محافظة صعدة اليمنية الاثنين مسيرة جماهيرية حاشدة تحت شعار “حصار المشتقات النفطية قرار أمريكي، وخيارنا إعصار اليمن”. ورفع المشاركون في المسيرة “لافتات حمّلت أمريكا مسؤولية التداعيات الكارثية الناتجة عن استمرار العدوان والحصار الجائر، وتفاقم معاناة الشعب اليمني”. حيث أبدى المتظاهرون غضبهم تجاه المجتمع الدولي الذي يبدو أن صمته يتماها مع أجندات دول العدوان .. وأكد بيان صادر عن المسيرة أن “حصار المشتقات النفطية ومنعها عن اليمنيين عدوان أمريكي، وأن مواجهته واجب شرعي”، وأشار إلى أن “إغلاق ميناء الحديدة جريمة حرب مشهودة”، وحمل “المجتمع الدولي والأمم المتحدة مسؤولية الصمت إزاء هذه الجريمة”.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن العدوان السعودي يستخدم هذه الممارسات كعقاب جماعي ، حيث إن دول العدوان لم تكتف بحربها الاقتصادية المدمرة، وإغراق البلاد بطباعة عملة جديدة بل جعلت من نفسها منظومة قتل متكاملة للإنسان في ظل تواطؤ أممي قاتل.
إغلاق ميناء الحديدة وصمت المجتمع الدولي
استمرار دول تحالف العدوان وزيادة الضربات الجوية التي تقودها السعودية، وإغلاق ميناء الحديدة ، واحتجاز سفن المشتقات النفطية من قبل تحالف العدوان يحدث على مرأى ومسمع من الأمم المتحدة ومبعوثها الأممي إلى اليمن دون تحرك لاتخاذ إجراءات قانونية من شأنها إيقاف الحصار عن اليمن، فإغلاق ميناء الحديدة وصمت المجتمع الدولي جعل الملايين من الناس لا يحصلون على الطعام.
ويشار إلى أن الملايين من البشر على حافة المجاعة في اليمن، حيث يعتبر ميناء الحديدة الباب الرئيس لوصول أكثر من 70 في المئة من جميع الواردات إلى اليمن، ما يوفر شريان الحياة الحيوي للأغذية والوقود والإمدادات الطبية. حتى قبل الحرب، كان الميناء يستقبل 90 في المئة من الغذاء المستورد في اليمن. وفي ظل الحصار وأهمية ميناء الحديدة كمصدر لإمداد الشعب اليمني بالمواد الغذائية، ما زال المجتمع الدولي صامتاً ولم يفرض أي عقوبات تجاة العدوان السعودي إزاء هذه الجريمة البشعة بحق الشعب اليمني.
المجتمع الدولي يكشف النقاب عن ازدواجية المعايير
ازدواجية المعايير التي يتعامل بها المجتمع الدولي وهيئات الأمم المتحدة، أثارت تساؤلات الكثيرين وغضبهم، فخلال خمسة أيام من بدأ الحرب الروسية الأوكرانية تحرك المجتمع الدولي وبدأ بفرض العقوبات والتنديد، في حين ما زال يظل ساكتاً ولم يفرض أي عقوبات على من تسبب بجوع الملايين من ابناء الشعب اليمني، ولم تكن له مواقف واضحة تجاة الجرائم التي ارتكبت في اليمن من قبل التحالف السعودي . فهل يا ترى لو كان الشعب اليمني شعباً اوروبياً سنرى تحركاً لـ “الأمم المتحدة والمجتمع الدولي؟ من الواضح أن ازدواجية المعايير لدى المجتمع الدولي، تدل أنه لا يوجد احترام لـلنظام الأساسي ولا لـميثاق الأمم المتحدة المتعلق بالأمن والسلم الدوليين وحماية المدنيين ، فصمت المجتمع الدولي عن الحصار الذي تفرضه السعودية على اليمن، في مقابل ممارسته أقصى الضغوط لفتح كل المنافذ في أوكرانيا يؤكد ذلك.
في النهاية هل الإنسانية لدى المجتمع الدولي تُصنّف وفقاً للعرق واللون ؟ “هل الدم اليمني بالنسبة إلى المجتمع الدولي وهيئات الأمم المتحدة من الدرجة الثانية؟ في الحقيقة تعامل المجتمع الدولي بازدواجية المعايير وخاصة في اليمن افقد هذا المجتمع مصداقيته وأثبت أنه منحاز لمصلحة دول دائماً ويتجاهل المعايير الإنسانية ، ليس هذا وحسب بل إن المجتمع الدولي تواطأ مع دول العدوان على اليمن نظراً إلى علاقات المصالح التي تربطهما.
ومن ناحية أخرى لو عقدنا المقارنة بين دور المجتمع الدولي في اليمن ودوره في أوكرانيا سنجد فرقاً هائلاً. فعلى الرغم من الوضع الصعب الذي يشهده اليمن حالياً، إلا أن التحرك الدولي يكاد يكون معدوماً لإيقاف العدوان على اليمن ، اما في أوكرانيا فيبدو أن المصالح السياسية والاقتصادية والجيوسياسية كانت الدافع الرئيسي لصدور المواقف الدولية فالمصالح هي المتحدث الأول على الساحة الدولية، ولعل ما فعلته الأمم المتحدة من شطب اسم التحالف الذي تقوده السعودية من قائمة منتهكي حقوق الإنسان خير مثال على ذلك.