صفة «الجبان» لنتنياهو تعمّق اضطرابات العلاقات الأميركية-الإسرائيلية
شهدت العلاقات الإسرائيلية – الأميركية، المضطربة أساساً، مزيداً من التأزم مع انتقادات قاسية وجهها مسؤول لم يذكر اسمه إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، واصفاً إياه بـ«الجبان» لكن واشنطن سرعان ما نأت بنفسها عن ذلك.
ورغم اقرارهم بوجود خلافات مع نتنياهو، هاجم مسؤولون في الإدارة الاميركية تعليقات مجهولة صادرة من صفوفهم تصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه «جبان».
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جين بساكي إن هناك مسائل «نبدي قلقنا حيالها وخلافات أيضا»، لكنها شددت على أن العلاقات بين الطرفين «ما تزال قوية». وأضافت أن «روابطنا الأمنية لم تكن يوماً أقوى مما هي عليه الآن كما أن العلاقات بين بلدينا راسخة تماماً».
نقل موقع «ذي اتلانتيك» الإخباري على الانترنت عن مسؤول أميركي، طلب عدم الكشف عن اسمه، وصفه نتنياهو بـ«الجبان». وتابع أن الأمر «الوحيد الجيد في نتنياهو هو خوفه من شن حروب».
وقال إن «الأمر السيئ هو أنه لن يقوم بأي شيء للتوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين أو الدول العربية السنية. وهو مهتم فقط بحماية نفسه من الهزيمة السياسية. إنه لا يتمتع بالشجاعة».
وفي حين دعا كبار السياسيين إلى تقديم اعتذار لنتنياهو والتحقيق للكشف عن هوية الذي أدلى بهذه التعليقات، شدد المسؤولون في الإدارة على أنها لا تعكس افكار الرئيس باراك اوباما أو العاملين في مكتبه.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي اليستر باسكي، أمس، إن هذه التصريحات «لا تعكس بالتأكيد موقف الإدارة» الأميركية، معتبراً أنها «في غير مكانها وغير بناءة». وأضاف أن «رئيس الحكومة نتنياهو والرئيس أقاما شراكة فاعلة وهما على اتصال وثيق ومنتظم». وتابع باسكي: «من البديهي القول إنه رغم العلاقات الوثيقة جداً بين الولايات المتحدة وإسرائيل فنحن لا نتفق على كل المواضيع».
نتنياهو: لن أقدم تنازلات ستعرض دولتنا للخطر
من جهته، سارع نتنياهو إلى الرد على هذا الكلام أمام الكنيست الإسرائيلي، أمس، قائلاً: «لن أقدم تنازلات ستعرض دولتنا للخطر»، مؤكداً أن «مصالحنا العليا وعلى رأسها الأمن ووحدة القدس لا تقف على رأس أولويات المصادر المجهولة التي تهاجمنا وتهاجمني شخصياً». واعتبر نتنياهو أن «الهجوم عليّ جاء فقط لأنني اقوم بحماية دولة إسرائيل».
بدورها، قالت مستشارة الأمين القومي سوزان رايس، سعياً لتخفيف حدة التوتر مع أهم حلفاء واشنطن، إن اوباما «ورئيس الحكومة نتنياهو يقيمان علاقة بناءة وفاعلة»، مضيفة أن «العلاقة بين البلدين اليوم أقوى مما كانت عليه في أي وقت مضى».
كما اعتبر السناتور جون ماكين وزميله لندسي غراهام أنه إذا كانت العلاقات متوترة بين الطرفين «فليس هناك أعذار لإدارة اوباما كي تهين رئيس وزراء اسرائيل». وأضافا: «هذا لن يؤدي سوى إلى إلحاق الأذى بمصالح الأمن القومي الأميركي ويتعين على الرئيس اوباما وضع حد لذلك على الفور».
لكن بساكي قال إنه لن يكون هناك اعتذار عما ذكرته «ذي اتلانتيك»، موضحاً أن كيري سيتحدث إلى نتنياهو.
وقد انتقد مسؤولون اميركيون الحكومة الإسرائيلية، الأسبوع الجاري، بسبب خطط بناء ألف منزل جديد في القدس الشرقية، معتبرين ذلك «لا يتوافق» مع هدف هذه الحكومة في متابعة مفاوضات السلام.
وأشارت «ذي اتلانتيك» إلى تراكم خيبة الأمل الأميركية التي قد تكون بلغت درجة «سحب الغطاء الدبلوماسي» عن الإسرائيليين في الأمم المتحدة. إلا أن بساكي رفض التعليق على ما قد يحدث في مناقشات الأمم المتحدة مستقبلاً لكنه شدد على أن الحكومة الإسرائيلية كررت مراراً رغبتها «في رؤية حل الدولتين». وتابع: «يجب أن أقول بكل وضوح أن بعض الأفعال مثل إعلان مستوطنات جديدة سيأتي بنتيجة معاكسة أو مناقضة لذلك».
كذلك قلل المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ايرنست من أهمية الكلام المنسوب إلى مسؤول أميركي، معتبراً أنه لا يعكس «الآراء الشخصية لرئيس الولايات المتحدة».
وأمام إلحاح الصحافيين حول طبيعة العلاقة بين اوباما ونتنياهو قال المتحدث ايرنست إن الرئيس الأميركي «تحادث مع رئيس الحكومة نتنياهو أكثر مما تحدث مع أي قائد آخر»، مشيداً بـ«العلاقات العميقة» بين الطرفين.
والتعليقات كانت آخر حلقة في حرب الكلمات التي تضمنت تصريحات مهينة لمسؤولين إسرائيليين بحق الإدارة الأميركية، وخصوصاً وزير الخارجية جون كيري. وقد اضطر وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون إلى الاعتذار في كانون الثاني/يناير الماضي بعد أن صرّح بأن كيري يبدو لديه «هوس غير مفهوم» بالتوصل إلى اتفاق سلام.
وقد انهارت جهود كيري للتوصل إلى اتفاق بين الحكومة الإسرائيلية والفلسطينيين في نيسان/أبريل الماضي بعد أن كشف الإسرائيليون عن مخططات لبناء مزيد من المستوطنات في ختام لقاء بين نتنياهو وكيري.