صحافة السوء بين الفرضيات الوهمية والحقائق الواقعية

saudi-newspapers-press

موقع العهد الإخباري ـ
محمد محمود مرتضى:
في 27 تشرين اول/نوفمبر الجاري، نشرت صحيفة الشرق الاوسط السعودية مقالا للمدعو حمد الماجد بعنوان : «مهلاً.. هل نسكت عن التغلغل الإيراني؟» تعرض فيه الكاتب لرئيس تحرير «الأهرام» المصرية حول «عاصفة الحزم» ووصفه لها بأنها اعتداء على اليمن وهدم للمستشفيات والمدارس والمعالم الحضارية والتاريخية. واعتبر الكاتب ان هذا الرأي قد تجاوز الخطوط الحمراء، واردف قائلا : «كنا سنبلع على مضض قبول رأيه في إحجام مصر عن المشاركة القتالية في «عاصفة الحزم» مع حاجة السعودية للثقل المصري العسكري من باب أن هذا رأي رئيس التحرير في موازنة المصالح والمفاسد في المشاركة المصرية العسكرية، لكن أن يسمي حرب السعودية الدفاعية ضد «التغلغل الإيراني» في جزيرتنا العربية عدواًنا فهو العدوان ذاته من شقيقة كنا نظن أنه لا يفصل بيننا وبين مشاركتها إلا «مسافة السكة»، وهذه الفكرة لا يتبناها رئيس تحرير «الأهرام» فحسب، بل معه ثلة من مقدمي البرامج الحوارية الفضائية المصرية وكتاب الرأي».

ثم ينطلق الكاتب ليطرح فرضية على المصريين، إعلاميين وكتابا، حسب قوله، وتنص هذه الفرضية على التالي :« ماذا لو أن إيران أمدت بعض الذين تشيعوا في ليبيا بالعتاد والسلاح النوعي، وبدأت «ميليشيات الشيعة المؤدلجة» باحتلال المدن المتاخمة للحدود المصرية، ثم سيطرت على بنغازي لتواصل زحفها نحو العاصمة طرابلس، وفعلت إيران ذات الشيء مع «ميليشيات الشيعة شمال السودان» التي سيطرت على عدد من المدن والبلدات السودانية المتاخمة لمصر، ومع كل احتلال للمدن والبلدات السودانية تعمل هذه الميليشيات على مسارين: تهجير السنة من قراهم أو التبشير بالمذهب الجعفري الاثني عشري الشيعي بين السودانيين السنة؟ بل شاغلت إيران مصر عبر بعض المصريين الشيعة ممن يطالب باستقلال سيادي لمناطق الشيعة في مصر، فهل يعقل أن مصر ستسكت عن الحراك الطائفي الإيراني باسم عدم التورط في صراع طائفي؟ وهل ستقبل مصر أن يتهمها أحد بالطائفية، لأنها درأت عن نفسها الخطر الذي يهدد كيانها ووحدتها المذهبية ويتلاعب بالديموغرافية المذهبية في الدول المجاورة لها؟»

الى هنا انتهت فرضية الكاتب والتي لنا عليها وعلى مقالته بالاجمال الملاحظات التالية :

1- اننا لا نستطيع ان نتفهم حجم الحقد الدفين الذي يكتنز ال سعود واعلامهم تجاه الشعب المصري، وهو ما يعيد الى الاذهان الصراع الكبير الذي وقع بينهم وبين الزعيم الراحل جمال عبد الناصر. نعم لم يستطع ابناء ال سعود ان «يبلعوا»، حسب توصيف الكاتب، كيف ان المصريين، قيادة وشعبا، قالوا لهم : جيشنا ليس للبيع او الايجار، ولن يكون اداة لتذبيح الشعب اليمني.

2- لماذا طرح الكاتب ما سماه «فرضيات» يعلم القاصي والداني انها ستبقى في اطار الفرضيات ولن تتحول الى حقيقة في يوم من الايام. لان الجميع يعلم ان المساعدات الايرانية لا تنطلق من معايير طائفية او مذهبية بل من معايير اسلامية عامة، ومعايير استضعافية. فحركات المقاومة الفلسطينية ليست شيعية، ومع ذلك لم تبخل ايران في تقديم كل الدعم لهم فيما غاب «السخاء» السعودي عنهم الا فيما يقسم صفوفهم ويشرذم جماعتهم.

3- لماذا على الشعب المصري ان يتعامل مع «فرضية» مقابل ان يتجاهل الوقائع، والوقائع تقول :

– ان الخطر الواقعي لا الفرضي الذي يتهدد مصر من جهة سيناء هو خطر يتأتى من جماعات تحمل الفكر الوهابي التكفيري.

– ان الخطر الواقعي لا الفرضي المحدق بمصر من جهة حدودها الليبية هو الخطر الوهابي التكفيري المدعوم والمسلح من قبل الامراء السعوديين.

– ان الخطر الواقعي لا الفرضي المحدق بمصر من جهة بعض الجماعات الناشطة في تونس هو الخطر الوهابي التكفيري.

– ان الخطر الواقعي لا الفرضي المحدق بمصر من جهة السودان هو المدارس الوهابية التي تنتشر فيها لتنشر الفكر الوهابي التكفيري.

– ان ما يحصل في اليمن هو انتفاضة شعبية ضد الفكر الوهابي التكفيري الذي اريد له ان يغير معالم البلاد ويضرب عيشها المشترك بين الزيديين والشافعيين، لينشر مكانه الفكر الوهابي التكفيري وافكار تنظيم القاعدة وداعش.

-ان الخطر الواقعي لا الفرضي هو السماح باسقاط سوريا العروبة والقومية والوسطية والتسامح الديني على حساب نشر الفكر الوهابي التكفيري.

– اليس ما يتهدد مصر الآن، واقعا لا فرضا، هو نفس ما اسقط سوريا في اتون الحرب، اعني ما تمثله مصر من رمزية عربية وقومية ودينية وسطية؟

– اليس ما يتهدد مصر داخليا، واقعا لا فرضا، هو ذلك الفكر، الذي يصفه الازهر الشريف، بالفكر الضال والمنحرف، وهو فكر وهابي تكفيري احضرته المدارس الوهابية المتخمة بالمال الى البيئة المصرية التي لم تعتد مثل هذه الافكار؟

يريد الكاتب «العبقري» ان يحذر المصريين من «فرضية» وهمية، ويتناسون كل هذه الوقائع والحقائق، كل ذلك من اجل ان مصر قالت: لا للعدوان على اليمن!!!

[ad_2]

Source link

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.