صالح مسلم لـ«السفير»: وعد تركي بمواجهة «النصرة»!… ماذا فعل الرفيق السوري لأوجلان في اسطنبول؟
صحيفة السفير اللبنانية ـ
محمد بلوط:
يومان تركيان لصالح مسلم محمد بعد 30 عاماً من القطيعة، والعودة الأسبوع الماضي كانت للتفاوض على وقع اشتباك سياسي واسع عنوانه التلويح بكيان كردي في شمال سوريا، وآخر عسكري مع «جبهة النصرة»، التي تنزل القطارات التركية في محطة رأس العين المئات من مقاتليها لمحاربة رفاق الأمين العام لـ«حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي» (بي يي دي(.
تجرع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وصول الوافد الكردي، ورفيق عبدالله أوجلان بالكثير من الازدراء العثماني «سيقابل رئيس الاستخبارت حقان فيدان ليقول له إنه لن يكون هناك حكم ذاتي كردي في الشمال السوري». في الواقع لم يصافح زعيم الـ«بي يي دي» السوري أحداً من الأمنيين الأتراك. واكتفى بلقاء كبار المسؤولين السياسيين في وزارة الخارجية التركية. وهو سيعود قريباً إلى اسطنبول.
متغيرات كثيرة جعلت الأتراك يلتقون برفيق أوجلان السوري، ومن بينها تحطم الإستراتيجية التركية بعزل القوة الكردية الرئيسة في المعارضة، ومنعها من الانضمام إلى أي من الأطر الخارجية من «المجلس الوطني السوري» فـ«الائتلاف السوري»، وإخفاق الائتلاف بإيجاد تمثيل كردي ذي مصداقية، جعل الأتراك يلجأون إلى ضم «الديموقراطي الكردي» إلى إستراتيجيتهم في المنطقة، بالإضافة إلى فشل محاولات تحجيمهم عسكرياً، وانتصارهم في رأس العين، ووصول وحدات الحماية الشعبية الكردية إلى المعابر الحدودية، بالتزامن مع الحديث عن إدارة ذاتية كردية لا رادع داخلياً لها في الشمال السوري، ما جعل من الأكراد رقماً إقليمياً صعباً لا بد من التفاوض معه.
وفي الآتي مقابلة أجرتها «السفير» مع صالح مسلم لمناسبة زيارته التركية الأخيرة وتطورات الأحداث في شمال سوريا:
صالح مسلم محمد، ما هي المتغيرات التي جعلت زيارة تركيا ممكنة، بعد كل القطيعة المعروفة بينكم؟
ـ الأتراك لديهم فوبيا من القضية الكردية، وخلال القرن العشرين حاربوها. وهناك اليوم تغيير في النظرة التركية للقضية الكردية، واعتراف بها، وهناك اتجاه تركي لحلها بين أكراد تركيا والسلطة التركية. وهذا يلقي بظلاله على الأكراد الآخرين، لذلك يريد الأتراك إقامة علاقات جيدة مع كل الأكراد.
وهم لديهم علاقات تجارية واقتصادية ممتازة مع اكراد الجنوب، كما أنهم في الطريق لحل مشاكلهم مع أكراد الشمال، وبدأوا يتقبلون اكراد غرب كردستان.÷ ما الذي جعلهم يختارون هذه اللحظة للحوار معكم، هل الأمر من ضمن الاتفاق التركي مع أوجلان؟
ـ تركيا مرغمة على ذلك بسبب الوضع في الشرق الأوسط، فإما أن تنقسم، وإما أن تجد حلاً لأكرادها، وربما للأكراد في الجوار، لما لا. وأنا لم أدعَ بصفتي الشخصية، وهي بادرة جيدة جداً ترسخ العلاقات مع الأتراك وتسهل التفاهم وتخفف من العداء. ويعرف رفاقنا في هيئة التنسيق الوطنية مدى الضغوط التركية لإخراج حزبنا من صفوف الهيئة. اليوم انقلبت الأوضاع، ويريد الأتراك أن ندخل الائتلاف لكي يصبح «بي يي دي» محوراً للمعارضة السورية. يريدون أن يقود الـ«بي يي دي» المعارضة، وهذا تغيير كبير
كيف يشجعونكم على القيام بدور اكبر في المعارضة، وهل يقبلون بشروطكم وبمشروع الإدارة الذاتية في الشمال، وهم يقاتلونكم في الوقت ذاته عبر «جبهة النصرة» التي يدعمونها، وغيرها؟
ـ هنا المشكلة. نحن لا نعرف من يأمر من داخل هذه الفصائل «الجيش السوري الحر» أم «جبهة النصرة».
هل تحدثتم مع الأتراك بهذه المسألة، وكيف ستنضمون إلى الائتلاف بينما تقاتل مجموعة كبيرة من فصائله من «اللواء 313» إلى «الفرقة 11» و«أحرار الرقة»، وحدات الحماية الشعبية الكردية؟
ـ لا لم نتحدث مع الأتراك بذلك. المشكلة هنا، قلنا «الجيش الحر» العلماني، الذي يقاتل من أجل الديموقراطية مستعدون للتفاهم معه. ولكن «الجيش الحر»، الذي نعرفه هو عبارة عن فصائل صغيرة، ولكن من يقود فعلاً هي المجموعات السلفية من «جبهة النصرة»، و«غرباء الشام»، و«أحفاد الرسول»، و«أحرار الشام» وغيرهم. ومن المستحيل ان نتعامل مع هؤلاء.
الأتراك ضيقوا عليكم الحصار اقتصادياً وسياسياً، وأغلقوا في وجهكم ابواب الائتلاف، أقفلوا المعابر من المناطق الكردية، ومنعوا عبور الإغاثة، ثم سلطوا عليكم «جبهة النصرة»، كيف الصورة بعد الزيارة؟
ـ هناك تغيير جذري في الموقف التركي، ونتمنى أن يكون ذلك صحيحاً، ومن المحتمل أن نلتقي مجدداَ مع الأتراك لنرى اين اصبح تنفيذ ما اتفق عليه من خطط: تقديم المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية، وفتح معبر الدرباسية، وتعهد الأتراك بمساعدتنا في التخلص من «جبهة النصرة» بأي شكل.
كيف ؟
ـ من الممكن أن يقوموا بالضغط على «الجيش الحر» بإبعادهم عن مناطقنا.
لكن «النصرة» وغيرها تأتي من تركيا؟
ـ هنا المشكلة، لا تستطيع أن تقول لمسؤول كبير أنت كاذب، أنت تدعمهم، وهو يقول لك إنه لا يدعمهم. ومعلومات رفاقنا لا تكذب.
التفاهم الأهم هو حول الإدارة الذاتية؟
ـ حول الإدارة المدنية الانتقالية، والإدارة المدنية الذاتية هي الهدف الأبعد.
ولكن كنتم تتحدثون عن إدارة ذاتية؟
ـ هناك سوء فهم. نحن نتحدث عن إدارة مدنية انتقالية تنبثق عن انتخابات محلية خلال ستة أشهر وثم برلمان، وهو ما سيشكل جزءاً من الحل السوري المستقبلي. ولم يعترض الأتراك عندما عرضت عليهم مشروعنا وتفهموا موقفنا. كانوا قد فهموا في البداية خطأ او ظنوا انها حكومة امر واقع، وادارة ذاتية، ولكن شرحت لهم أنها ادارة مدنية انتقالية لكردستان الغربية تضم كل المكونات العربية والكردية والمسيحية.
أنزلتم المشروع إلى مستوى «بلدي»، أقل من «الوطني» الذي كان مطروحاً ومتداولاً عبر ما نشر من وثائق، وخصوصاً مشروع الدستور؟
ـ مشروعنا الحالي هو إدارة محلية من المستوى البلدي، أما مشروع الإدارة الذاتية فهو مشروع حل مستقبلي من ضمن الحل الشامل لسوريا، فيطرح خلال المفاوضات في جنيف او غيرها. نبدأ بالإدارة المدنية الانتقالية لأن الحل السوري الشامل قد يتأخر، أما مسودة الدستور التي تم تداولها فهي مجرد دراسة لما يمكن ان يكون عليه الدستور في المستقبل، وقد طلبناها من لجنة كلفناها بذلك، لم نقم نحن بتسريبها.
الدستور هو الدولة؟
ـ نعم وهو مرحلة من المراحل اللاحقة.
هل من الممكن أن يتدخل الجيش التركي في المناطق الكردية في سوريا لو تقدم مشروعكم الوطني للإدارة الذاتية؟
ـ لا أبداً، الأتراك سيفكرون ألف مرة قبل الإقدام على ذلك. وهم يرون المقاومة التي نبديها في المنطقة، كما يرون أن لا احد غيرنا يقاوم بشراسة هؤلاء الوحوش القادمين من القرون الوسطى، ستكون مقاومتنا شرسة.
حول مؤتمر جنيف، هل غيرت الإدارة الانتقالية موقع الأكراد في أي مفاوضات سياسية مقبلة حول سوريا، سيكون الملف الكردي مستقلاً؟
ـ من المفروض أن يتغير هذا الموقع، وسيكون الملف الكردي بالطبيعة مستقلاً عن بقية الملفات، ولديه تصور للحل مختلف، وخلال 40 يوماً سيكون لدينا الإدارة الانتقالية، وهي ستوفر إطاراً اوسع من الهيئة الكردية العليا وأكثر شرعية.
هل ستكونون في وفد منفصل داخل المعارضة؟
ـ لن نكون سبباً في تشتت المعارضة، اذا اتفقنا على وفد مشترك سنذهب معاً. ولكننا سنعين في الهيئة الكردية العليا من يمثلنا إلى تلك المفاوضات. وإذا لم تتفق اجنحة المعارضة في الائتلاف والهيئة على توحيد الوفد، فمن المستحسن عندئذ ان نذهب بوفد منفصل. ونحن نرى انهم لن يتوحدوا.
هل ستقبل المعارضة بطرح المسألة الكردية بشكل منفصل في المفاوضات، وخصوصاً الائتلاف الذي يرفض ذلك؟
ـ بوسعنا أن نقلب الطاولة على الجميع كقوى موجودة على الأرض. حالتنا حالة خاصة.
هل هو امتداد للاشتباك السياسي المستمر مع الائتلاف؟
ـ من يقاتلنا سواء في «الجيش الحر» او المجلس العسكري او غيره لا يتلقى اوامره من الائتلاف. وبرغم الحديث عن المفاوضات، إلا أن لا احد في الائتلاف يستطيع أن يفرض على هؤلاء أي حل لا يريدونه.