شكراً حزب الله… شكراً سيد حسن…
موقع التيار الوطني الحر الإخباري ـ
جاد أبو جودة
في حمأة الجدل الدائر حول قانون الانتخاب العتيد، وفي خضمِّ الانشغال بالردِّ على ترَّهات الحريريين، فاتنا أن نشكر حزب الله.
نشكر حزب الله… لماذا؟ قد يسأل البعضُ الجاهل.
غير أن الجواب ولا أوضح…
نشكر حزب الله أولاً، لأنه متواضع… فهو الحزب الأقوى على الساحة اللبنانية، حضوراً ومالاً… وسلاحاً، لكنه يرتضي لنفسه دائماً الحدَّ الأدنى من الحصص النيابية والوزارية والإدارية، مراعاة للحلفاء حيناً، ودرءاً لخطر الفتنة المذهبية، التي لا يأبه الآخرون لاندلاع نارها… أحياناً.
نشكر حزب الله ثانياً، لأنه مترفِّع… فهو الحزب الأقدر على أرض لبنان، لكنه في الوقت نفسه لا يوفر مناسبة إلا ويأخذ في صدره أخطاء الأصدقاء، وخطايا الخصوم، من أصغر خرق أمني في أصغر ضيعة، إلى أكبر خيانة وطنية إبان حرب تموز… يمسحها دائماً في ذقنه، شعاره في ذلك دوماً النظر إلى البعيد، والتخطيط للمستقبل، وعيش القيم الدينية العليا، وكأنَّ مملكة الحزب فعلاً “ليست من هذا العالم”.
نشكر حزب الله ثالثاً، لأنه الأقدر على المناورة، لكنه في الوقت عينه يعد ويفي، ويشرِّف ما يوقع عليه حبراً أو بالكلام، يوماً بعد يوم… كلمته كلمة، ووعده صادق فعلاً، فليس بالقول وحده يحيا حزب الله: فهو من التزم بنوداً عشرة مع المسيحيِّ الأول، الذي حُذف من أول حكومة بعد التحرير. وهو من أيَّد العودة إلى قانون الستين معدلاً في الدوحة، ليستعيد الشريك المسيحي بعضاً من حقِّه في نصف سلبته إياه السنوات الحريرية العجاف.
نشكر حزب الله رابعاً، لأنه أثبت بتأييد اقتراح قانون اللقاء الأرثوذكسي أنَّ كل ما قيل في حقه كذب بكذب. فكيف يكون حزب الله، حزب الولي الفقيه، متهماً بالسعي إلى فرض عقيدة آحادية، في الدين والسياسة، إذا كان أوَّل القابلين بتحرير المقاعد النيابية المسيحية في شكل كامل؟
نشكر حزب الله خامساً، لأنه فضح تيار المستقبل، وعرَّى زيف الحريرية السياسية، نتاج عهد الوصاية السورية، الذي لم تنته صلاحيته بعد، بمجرَّد بقاء مقعد مسيحي واحد، سواء في النيابة أو الوزارة أو الإدارة، تحت رحمة غير المسيحيين.
نشكر حزب الله سادساً، لأننا ضبطنا متفاهمين قبل التحالف، ليثبت أن الآخرين تحالفوا قبل التفاهم، فتأكد الفشل، وبانت الخيبة…
نشكر حزب الله سابعاً، لأن التزامه الحلف الاستراتيجي مع سوريا، حتى في عهد الوصاية، لم يتخطَّ مبدأ حفظ استقرار لبنان، ولم يخرج على خط مقاومة إسرائيل. فحزب الله لم ينخرط في أي حكومة، ولم يكن شريكاً في الفساد، ونأي بنفسه عن قهر اللبنانيين والمسيحيين، سواء عبر التجنيس، أو من خلال اعتبار التوطين مصلحة ضمنية.
نشكر حزب الله ثامناً، لأنه يبذل أقصى المستطاع لإعادة كبريات العقارات المسيحية المشرية من مواطنين شيعة إلى أصحابها الأصليين، ولا سيما في محاذاة خط التماس البيروتي القديم، فيما يصرف الآخرون كل النفوذ لأسلمة الأرض بالشراء…
نشكر حزب الله تاسعاً، لأنه عدَّل وثيقته التأسيسية بكل جرأة، وأسقط بذكاء معهود منظومة الرياء المنسوجة إعلاماً ومالاً… وغرباً، بأن حزب المقاومة اللبنانية منظّمة إرهابية، تخطف الرهائن، وتفجِّر المدنيين.
نشكر حزب الله عاشراً وأخيراً، لأنه يدرك أننا لسنا حزب الله، ولن نكون، ويتعاطى معنا على هذا الأساس…