شرور واشنطن تطال الجميع
صحيفة البعث السورية-
عناية ناصر:
شنّت الولايات المتحدة العديد من الحروب باسم الديمقراطية، وحقوق الإنسان ومحاربة الإرهاب، وصدّرت الفوضى، وتدخلت في الشؤون الداخلية لعدد لا يُحصى من الدول حول العالم، ولم تترك الولايات المتحدة في تلك البلدان التي كان لها أو لا يزال فيها وجود عسكري، سوى الخراب والدمار في أعقابها.
بين نهاية الحرب العالمية الثانية، و2001، كان هناك 248 صراعاً مسلحاً في 153 منطقة في جميع أنحاء العالم، من بينها 201 صراع بدأتها الولايات المتحدة، وهذا يعني أن الولايات المتحدة قد بدأت الغالبية العظمى من الصراعات في الوضع الأمني العالمي الراهن بعد الحر، ويظهر ذلك مدى شناعة تأثير واشنطن في جميع أنحاء العالم.
من الأهمية بمكان أيضاً النظر إلى التأثير المستمر للاحتلال الأمريكي، حتى عندما لا تكون واشنطن هي المنتصر، وخير مثال على ذلك هو أفغانستان، حيث خلقت واشنطن، خلال احتلالها الذي امتد لعقود، اقتصاداً يعتمد بشكل كليّ على المجهود الحربي. كما تمّ تغذية قطاعات السوق بأكملها بمبالغ هائلة من دولارات دافعي الضرائب الأمريكيين، وتوظيف نسبة كبيرة من القوة العاملة المحلية. وعلى الرغم من هذا الاعتماد، أفاد بنك التنمية الآسيوي في عام 2020 أن 49.4 في المائة من السكان يعيشون تحت خط الفقر الوطني.
لم تساعد الولايات المتحدة أفغانستان قبل انسحابها المزعوم في إنشاء اقتصاد مستقل، مما جعل عدداً لا يُحصى من العمال عاطلين عن العمل. وكان برنامج الأمم المتحدة الإنمائي قد تنبأ بعد الانسحاب في آب 2021 مباشرةً أن 97 في المائة من السكان يمكن أن يكونوا في حالة فقر بحلول منتصف عام 2022، وفي الواقع بعد عام واحد فقط من الانسحاب، تمّ الإبلاغ عن أن 91 في المائة من متوسط أموال الأسرة الأفغانية كان ينفق على الطعام، مما أجبر العديد من الأسر على اللجوء إلى التقنين وغيره من استراتيجيات التأقلم.
ويمكن ملاحظة مغامرات واشنطن الطائشة في جنوب شرق آسيا خلال منتصف إلى أواخر القرن العشرين، حيث كانت الولايات المتحدة في ذلك الوقت، متورطة بعمق في حرب إبادة جماعية في فيتنام على أساس ذريعة كاذبة. وبينما تشهد دولة فيتنام ارتفاعاً سريعاً في النمو الاقتصادي الآن، أصدرت الدولة في عام 1995 تقديراً رسمياً بأن ما لا يقلّ عن مليوني مدني، وأكثر من مليون جندي من فيتنام الشمالية لقوا حتفهم في الحرب، بالإضافة إلى ما يقرب من 60.000 جندي أمريكي وما بين مائتي ألف إلى 250 ألف جندي جنوب فيتنام.
كما كانت دول أخرى في المنطقة مثل لاوس تحت مرمى النيران أيضاً، حيث ألقى الغزاة الأمريكيون من عام 1964 إلى عام 1973 أكثر من 2.5 مليون طن من الذخائر على البلاد خلال 580.000 مهمة قصف، أي ما يعادل حمولة طائرة من القنابل كل ثماني دقائق لمدة تسع سنوات متتالية، وهو ضعف الكمية التي تمّ إسقاطها في أوروبا وآسيا خلال الحرب العالمية الثانية، وهذا يجعل لاوس البلد الأكثر تعرضاً للقصف الشديد في التاريخ، ولا تزال الذخائر غير المنفجرة تقتل الأبرياء حتى يومنا هذا.
قبل “حقبة فيتنام”، كانت حرب واشنطن المنسية تشنّ في كوريا الديمقراطية، واستخدمت الولايات المتحدة خلال تلك الحملة أسلحة تقليدية مثل المتفجرات والقنابل الحارقة والنابالم لدرجة أن جميع مدن وبلدات البلاد قد دمرت تقريباً. كما أشارت التقديرات إلى أن 85 في المائة من جميع المباني، بما في ذلك المباني المكونة من طابقين وما فوق، قد سويت بالأرض، كما أن الجنرالات الأمريكيين كانوا يفكرون في استخدام أسلحة نووية تكتيكية على الحدود مع الصين والاتحاد السوفييتي السابق.
قُدّر عدد الضحايا خلال ثلاث سنوات وشهر واحد من الصراع بنحو 4 ملايين شخص، ولم ينته من الناحية الفنية حتى اليوم مع استخدام الولايات المتحدة باستمرار التقسيم في شبه جزيرة كوريا كوسيلة لفرض هيمنتها على شرق آسيا.
واليوم، لا تزال الولايات المتحدة تحتلّ سورية عسكرياً بعد محاولاتها الفاشلة في إسقاط الدولة السورية، وهي تعمل على سرقة النفط بينما تفرض عقوبات صارمة على الشعب السوري، ومنعه من الوصول الأساسي إلى السلع الأساسية، مثل الإمدادات الطبية وإمدادات الطوارئ.
تظهر حقيقة ارتكاب الولايات المتحدة لمثل هذه الجرائم الفظيعة في الحروب، والتي قامت بها إلى أبعد الحدود دون وجود أي تهديد خطير على أمنها القومي، مدى شر السياسة الخارجية للبلاد.