شركات الذكاء الاصطناعي الإسرائيلية تجتاح الفضاء الرقمي وتعمل على تزوير الانتخابات حول العالم
موقع قناة الميادين-
جمال واكيم:
استخدمت شركات الذكاء الاصطناعي الإسرائيلية المعلومات التي حصلت عليها عبر قرصنتها البيانات الشخصية لمستخدمي “فيسبوك” و”تويتر” في الولايات المتحدة للتأثير في الرأي العام الأميركي وفي خياراته السياسية خلال الانتخابات الرئاسية عام 2016.
نهار الثلاثاء 4 نيسان/أبريل الحالي، مثَل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أمام محكمة منهاتن بتهمة دفع مبلغ 130 ألف دولار لممثلة إباحية قبيل الانتخابات الرئاسية عام 2016، لضمان صمتها وعدم إفصاحها عن علاقتهما. وقد أدى محامي ترامب السابق مايكل كوهين دوراً في إبراز أدلة ضد موكله السابق يمكن أن تؤدي إلى سجنه.
يرى كثيرون أنَّ المحاكمة هي جزء من مؤامرة تقودها إدارة الرئيس جو بايدن الديمقراطية ضد ترامب الذي يزمع الترشح للانتخابات الرئاسية عام 2024، علماً أن لديه فرصاً للفوز بهذه الانتخابات في ظل تعثر أداء إدارة بايدن.
التدخل في الانتخابات الأميركية
لكن في وقتٍ تتوجه الأنظار نحو هذه التهمة، يبدو أن هناك ما هو أدهى في ما ارتكبه ترامب ومعاونوه، إذ يتجنب معارضوه البحث في قضية تعدّ أكثر خطورة وحساسية، وهي تورط الإسرائيليين، وعلى رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في التدخل في الانتخابات الرئاسية عام 2016 لقلب النتيجة لمصلحة ترامب على حساب منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون.
وفي تحقيق إخباري مطول في صحيفة “ذا نايشن”، أورد الصحافي الأميركي جيمس بامفورد تفاصيل متعلقة بتورط نتنياهو في الانتخابات الرئاسية عبر شركات ذكاء اصطناعي إسرائيلية قامت بقرصنة حساب هيلاري كلينتون عندما كانت تتولى وزارة الخارجية الأميركية، وسربت آلاف الرسائل من بريدها الإلكتروني، ما ساهم في ضرب صورتها أمام الرأي العام الأميركي.
كذلك، قامت شركات الذكاء الاصطناعي الإسرائيلية باستخدام داتا المعلومات التي حصلت عليها عبر قرصنتها البيانات الشخصية لمستخدمي “فيسبوك” و”تويتر” في الولايات المتحدة للتأثير في الرأي العام في الولايات المتحدة، لجهة خياراته السياسية في الانتخابات الرئاسية عام 2016.
ويفيد بامفورد بأن مصلحة نتنياهو كانت تصبّ في انتخاب صديقه ترامب رئيساً في العام 2016، لأنه كان يعرف أن الأخير ينوي سحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران والاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني ودعم الصهاينة في مواصلة احتلالهم الأراضي الفلسطينية، في الوقت الذي كان نتنياهو يواجه ضغوطاً متزايدة من إدارة الرئيس باراك أوباما للقبول بحلول للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
ويورد بامفورد تفاصيل عن قيام أجهزة استخبارات روسية بقرصنة مواقع الحزب الديمقراطي والحملة الانتخابية لهيلاري كلينتون، إلا أنه يشير إلى ما تضمنته تحقيقات مكتب التحقيقات الفيدرالية الأميركي عن التورط الإسرائيلي الخطر في الانتخابات.
الشركات الإسرائيلية تزوّر الانتخابات في عشرات البلدان
لكن ما يهمّنا في هذا الإطار هو المعلومات التي أوردها بامفورد عن شركات الذكاء الاصطناعي الإسرائيلية التي عملت في العقد الأخير بنشاط في أكثر من 30 بلداً لتزوير الانتخابات التشريعية أو الرئاسية لمصلحة أحزاب أو شخصيات سياسية تدعم “إسرائيل”.
ويذكر بامفورد إحدى شركات الذكاء الاصطناعي، وهي “مجموعة أرخميدس”، التي يقع مقرها في الطابق السادس من مركز “أزريئيلي” التجاري المكون من 16 طابقاً في وسط “تل أبيب”. وسبق أن تورطت في تزوير الانتخابات في عدد من البلدان الأفريقية والأميركية اللاتينية وفي جنوب شرق آسيا.
في الانتخابات الرئاسية في نيجيريا عام 2018، ساهمت حملة نشر الأكاذيب في الإنترنت، التي قامت بها مجموعة “أرخميدس”، في انتخاب قائد الانقلاب العسكري محمدو بوحاري رئيساً للبلاد.
وقد كشفت التحقيقات تورط مجموعة “أرخميدس” في الانتخابات الرئاسية في 13 بلداً آخر، علماً أن أكثر من 3 ملايين متابع في العالم يتابعون المواقع الوهمية للمجموعة في “فيسبوك” و”إنستغرام”.
مجموعة “أرخميدس” ليست الشركة الإسرائيلية الوحيدة التي تقوم بأعمال القرصنة في شبكة الإنترنت وفي مواقع الحملات الانتخابية لتعديل النتائج وفقاً لرغبات زبائنها. وفقاً لضباط استخبارات إسرائيليين سابقين، أصبحت الاستعانة بمصادر خارجية للأخبار الكاذبة والتلاعب بالناخبين صناعة نامية في الكيان الصهيوني، وخصوصاً أن العديد من الشباب الإسرائيليين الذين يخدمون في وحدات الاستخبارات في “الجيش” الإسرائيلي مدربون على استخدام الصور الرمزية أو الهويات المزيفة في مواقع التواصل الاجتماعي.
ووفقاً للتحقيقات، فإن الحكومة الإسرائيلية لم تبذل أي جهد لوقف هذه الأنشطة، خصوصاً أن عدداً من الجماعات التي تنخرط في التلاعب بالناخبين له علاقات وثيقة بوكالات الاستخبارات ووزارة الأمن الإسرائيلية، ما قد يوفر لنتنياهو فرصة للتلاعب سراً بالانتخابات الأجنبية لمصلحة “إسرائيل”.
وقد تم اكتشاف روابط بين شركات استخبارات خاصة وكل من وزارة الأمن الإسرائيلية وشركة “كامبريدج أناليتيكا”، التي جمعت بشكل غير قانوني بيانات من أكثر من 87 مليون مستخدم لاستخدامها في الحملات الرئاسية لعام 2016 لمصلحة دونالد ترامب وتيد كروز.
ارتباط الشركات الإسرائيلية بالموساد
وفي تحقيق مشترك بين عدد من وسائل الإعلام في العالم، من بينها “الغارديان” البريطانية و”لوموند” الفرنسية و”دير شبيغل” الألمانية و”إيل باييس” الإسبانية، تم الكشف عن سوق خاصة عالمية مرتبطة بالكيان الصهيوني تهدف إلى بث المعلومات الخاطئة والتأثير في الانتخابات.
ومن بين المعلومات التي تم الكشف عنها هوية تال حنان، وهو ضابط سابق في القوات الخاصة الإسرائيلية ورئيس منظمة سرية اسمها “تيم جورجي”، تعمل في مجال بث المعلومات الخاطئة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت.
وقد كشف تال حنان للمحققين الصحافيين السريين أنه قدم خدماته في أفريقيا وأميركا الوسطى والجنوبية، وحتى الولايات المتحدة وأوروبا، وأنه تدخل في 33 انتخابات رئاسية، محققاً “النتيجة المبتغاة” في 27 منها.
وتعمل أكثر من 800 شركة ذكاء اصطناعي في الكيان الصهيوني. ومن أبرز هذه الشركات شركة “فايريكس”، وهي شركة متخصصة في تطوير البرمجيات. وقد أطلقت أكثر من 250 مشروعاً خلال الأعوام الـ12 الماضية. ويعمل في الشركة أكثر من 1500 مهندس، ويقع مقرها الرئيسي في الكيان الصهيوني، ولديها 8 مراكز بحث وتطوير في روسيا وأوروبا الشرقية.
ومن الشركات البارزة أيضاً شركة “إيتلوكايشن” المتخصصة بتطوير البرمجيات المخصصة لزيادة عدد الموظفين وتوسيع فرق البرامج الداخلية الخاصة بهم مع مطوري الويب ذوي الكفاءة العالية من أوكرانيا.
تأتي شركة “موبلرز” في المرتبة الثالثة. تأسست عام 2007، وهي حائزة على جوائز لتطوير البرمجيات والويب وإنترنت الأشياء في الكيان الصهيوني، ومتخصصة في تطوير أجهزة الاستخدام، وفي تقديم الخدمات الاستشارية بحسب لطلب.
والجدير ذكره أنَّ غالبية هذه الشركات تأسَّست على يد ضباط سابقين في الموساد الإسرائيلي كانوا يعملون في جهاز الذكاء الاصطناعي أو أنها توظف المتقاعدين من هذا الجهاز. ومن أبرز الأسماء في هذا المجال هو عساف عزرا، أحد مؤسسي شركة غرانوليت ورئيسها التنفيذي، وأمنون شاشوا، أستاذ هندسة الكومبيوتر في الجامعة العبرية والرئيس التنفيذي لشركة “موبيليي”.
ويخطّط الكيان الصهيوني للتفوق في مجال الأمن السيبراني في إطار سعيه لنقل الصراع مع العرب وإيران من المجال الجيوسياسي، حيث تمكّن أعداء الكيان من إحراز توازن معه، إلى مجال الفضاء الافتراضي، حيث يتوقّع أن يحرز تفوقاً نوعياً في هذا المجال.