شبح الحرب الأهلية يطل على #تركيا من الجنوب
مصباح العلي – موقع “لبنان 24”
بدأت تداعيات اﻻزمة السورية تنتقل إلى عمق تركيا، ليست التفجيرات وحدها والتي باشرت “داعش” بتنفيذها في أنحاء متفرقة إنطلاقا من “مطار أتاتورك” هي السبب بل عوامل أخرى، غير أن تفحيرات “داعش” في المطار مقلقة أكثر من غيرها، خصوصا أنها باشرت إستهدافاتها لتركيا من المطار أو البوابة التي فتحها رجب طيب أردوغان مواربة للجهاديين الذين وفدوا من أصقاع اﻻرض نحو الداخل السوري منذ صيف العام 2012، إذ التهديد الكردي يشكل الخاصرة الرخوة التي تهدد بنيان تركيا الحالي ويجعلها عرضة للتقسيم في المستقبل.
مؤخرا ووسط تقديرات متشائمة بإمكانية منع محاولات زعزعة اﻻمن الداخلي ضرب اﻻرهاب مدينة غازي عنتاب، وإستهدف عرسا كان يقام في حي كردي مخلفا عدداً من الضحايا ﻻ يستهان به، وللعلم فقط فإن غازب عنتاب كما اورفا وكيليس المدن الثلاث في الجنوب التركي شكلت “مثلث النزوح السوري” كما يرغب المعارضين السوريين تسميتها حيث شيدت عليها مراكز وقواعد “الجيش السوري الحر”، وتحمل خصوصية معينة لكونها إلى جانب هاتاي ولواء اﻻسكندرون مركز ثقل شعبي معارض لنهج أردوغان، خصوصا بما يتعلق بالتدخل المباشر باﻻزمة السورية.
في هذ اﻻطار، ﻻ بد من التذكير بأن عملية خطف الأمن السوري “المقدم حسين هرموش” وتصفيته فيما بعد جرت في تلك المنطقة ومدينة “كيليس” تحديدا، هرموش هو الضابط السوري الاول الذي إنشق عن الجيش السوري قبل أن يتبعه قريبه العقيد الميكانيكي رياض اﻻسعد وضباط سوريين اخرين من الجيش النظامي وجميعهم من منطقة جبل الزاوية ومحافظة إدلب نظموا صفوفهم في الداخل وعبروا الى اﻻراضي التركية.
أهمية “حسين هرموش” بأنه أول ضابط سوري من داخل المؤسسة العسكرية السورية قام باﻻتصال مع الطرف التركي ونجح بفتح الباب على مصراعيه نحو تركيا، وبناء عليه ظهر لوسائل اﻻعلام العالمية مؤسسا لكتائب “الجيش السوري الحر”، وقد كشفت المعطيات اﻻمنية في حينها بأن أجهزة النظام السوري في شتاء 2012 نجحت بخطفه وإعادته إلى الداخل السوري عبر معبر باب الهوى، أكثر من ذلك أثارت العملية ضجة كبيرة ليس لجهة الخرق اﻻمني الكبير بقدر إكتشاف اﻻتراك تواطؤاً بين ضباط جيشهم من الطائفة العلوية متعاطفين كما غالبية سكان الجنوب التركي مع نظام بشار اﻻسد.
تبدلت اﻻحوال بعد فتح اﻻجواء التركية أمام الجهاد العالمي للعبور إلى سوريا، إضمحل وجود الجيش السوري الحر لصالح الجهاديبن العالميين في الجنوب دون أن يعير أمن أردوغان إهتماما لمسألة في غاية اﻻهمية وهي أن تكوين الجنوب التركي من ماردين وإنطاكيا وغيرها بحكم الثقل الشعبي العلوي بالدرجة اﻻولى والكردي بالدرجة الثانية كما اﻹنتماء القومي العربي للواء اﻹسكندرون ثالثا يعتبر أرضية مناهضة لسياسة “السلطان أردوغان” وتوجهاته في سوريا ما يعني تشكيل بيئة شعبية تشكل حاضنة طبيعية لنظام اﻻسد داخل تركيا.
في ضوء ذلك، يعزو أكثر من محلل سياسي تركي محاولات زعزعة اﻻمن في تركيا إلى اﻹنعطافات الحادة التي سلكتها سياسة أردوغان من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال دون إحتساب الأكلاف كما ردود الفعل، فهناك “داعش” الراغبة بتسديد ضربات إنتقامية موجعة وهناك أيضا طموحات اﻻكراد القومية بالحكم الذاتي بالشراكة الكاملة بين الشمال السوري والجنوب التركي، كما وهناك حدة التناقضات العرقية والقومية في الجنوب التركي العلويين واﻻكراد والعرب، وما بينهم جميعا جاء اﻹنفتاح المستجد على سوريا وإشارات سياسية مباشرة عن إمكانية قبول تركيا بقاء اﻻسد ولو لفترة إنتقالية.