سيادة الشعب الدينية في ايران
موقع العهد الإخباري-
مختار حداد:
إجراء الاستحقاق الرئاسي من أكبر الإنجازات التي تفتخر بها الجمهورية الإسلامية الايرانية منذ انتصار الثورة الإسلامية؛ فقبل عام 1979 لم يكن هناك ماراثون رئاسي بسبب وجود الاستبداد الملكي، ولم يذق الشعب طعم الديمقراطية بأصدق وأعدل وجه لها إلاّ مع بزوغ فجر الثورة الإسلامية على أيدي مؤسسها الامام الخميني (قدس)، ومع رسم الخطوط العريضة لشكل مبدأ “سيادة الشعب الدينية” من قبل الامام الخامنئي.
وبينما تتواصل مسيرة المرشحين السبعة (السيد ابراهيم رئيسي، سيد امير حسين قاضي زادة هاشمي، سعيد جليلي، عليرضا زاكاني، محسن رضائي، محسن مهرعليزادة، عبد الناصر همتي) باتجاه كرسي الرئاسة الايرانية، لتقديم أجمل صورة عن الديمقراطية الاسلامية أمام دول العالم، وبينما تتكثّف الحملات الانتخابية استعداداً ليوم الاستحقاق (18 يونيو/حزيران الجاري)، سنسلّط الضوء على مبدأ “سيادة الشعب الدينية” أحد أبرز إنجازات نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية.
مبدأ “سيادة الشعب الدينية” هو شكل من أشكال الحكم، تمخّض عن فكر الامام الخميني (قدس)، ليدقّ اسفينا بين النظريات التي ارتكزت على أسس علمانية أو قومية وبين نظام الجمهورية الاسلامية القائم على حالة من الانسجام المتبادل والفريد من نوعه بين “السياسة والدين” نظرا لأن الدين له دور كبير في “تطهير السياسة” من شوائبها التي ما تزال تعاني غالبية الأمم من تداعياتها.
يقول سماحة الامام الخامنئي: لقد نبع مبدأ السيادة الشعبية الذي نعتقد به من قلب الإسلام. لقد قلتها مراراً عندما نقول السيادة الشعبية الدينية، هذا لا يعني أبداً تركيب مفهوم السيادة الشعبية مع مفهوم آخر، أو تركيب الدين مع مفهوم آخر على الإطلاق. إن مفهوم السيادة الشعبية الذي نتحدث عنه نبع من الدين، الإسلام هو من أرشدنا إلى هذا الطريق، ومن خلال هدي الإسلام وصلنا لنظام الجمهورية الإسلامية.
ويقول سماحته: تقع قضية الانتخابات في البلد على جانب كبير من الأهمية، فإنّها تمثّل المظهر التامّ لمشاركة الشعب وانتخابه؛ ذلك أنّ الشعب بحضوره في ميدان الانتخابات ــ سواء الانتخابات الرئاسية أو الانتخابات النيابية أو انتخابات مجلس الخبراء ــ يجسّد السيادة الشعبية الحقيقيّة في البلد.
فقد أوضح الإمام الخامنئي جوهر هذا النوع من الحكم بشكل أيسر، حيث قال في أحد خطاباته في بالعام 2014: “ويمثل الالتزام بالشريعة الإسلامية روح النظام الإسلامي وحقيقته، وهذا ما ينبغي الالتفات إليه، والتطبيق الكامل للشريعة الإسلامية في المجتمع من شأنه أن يضمن الحريات العامة والمدنية – حرية الأفراد والحرية الشخصية – وكذلك حرية الشعب الموسومة بالاستقلال – فالاستقلال حرية على مستوى الشعب بأن يكون متحرراً من التبعية لأي أحد ولأي مكان، والشعب الحرّ هو الخارج من ربقة معارضيه أو أعدائه أو الأجانب”.
وبعد انتصار الثورة الاسلامية يختار الشعب الايراني الرئيس ونواب البرلمان ونواب مجلس الخبراء والمجالس المحلية بالاقتراع المباشر، ويتم اختيار “قائد الثورة” بشكل غير مباشر من جانب الشعب عبر أعضاء مجلس الخبراء، وذلك فضلاً عن الانتخابات والاستفتاءات التي أقيمت بداية انتصار الثورة لاختيار نوع النظام وتأييد الدستور، فصوت الشعب هو ركن أساسي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وفي يومنا الراهن، عشية الانتخابات الرئاسية الايرانية التي ستقدّم أجمل صور “سيادة الشعب الدينية” بكل ما تحمله هذه الكلمات من معنى، تتجه أنظار العديد من الأنظمة السياسية في المنطقة والعالم بأعين يملؤها الشغف نحو هذه الظاهرة المباركة التي تصب فيها روافد إرادة الشعب ببحر الإسلام الواسع والعميق بغية إدارة المجتمع وخلق نظام سياسي مرن ومتكامل وعادل.