سوريا وإيران تحذران واشنطن من مغبة التصعيد
موقع العهد الإخباري-
محمد عيد:
بلغة هادئة وواثقة حذر كل من وزيري الخارجية السوري فيصل المقداد والايراني حسين أمير عبد اللهيان واشنطن من مغبة التصعيد والتحشيد في المناطق التي تحتلها في سوريا والمضي قدماً في مشروعها الهادف إلى قطع التواصل بين دول المنطقة. وإذ بدت العاصمتان مرتاحتين لموقف بغداد الرسمي والشعبي الرافض لجعل العراق منصة للاعتداء على سوريا، فإن لقاء عبد اللهيان مع الرئيس الأسد وبقية المسؤولين السوريين وما صدر من مواقف شكل ما يمكن تسميته بخارطة طريق تقود نحو الاستقرار في المنطقة فيما حضرت العلاقات الاقتصادية بقوة بين الجانبين من خلال تأكيدهما على الدفع قدمًا نحو تنفيذ الاتفاقيات الموقعة أثناء زيارة الرئيس الإيراني الأخيرة إلى دمشق.
دمشق وطهران: لخروج قوات الاحتلال الأمريكي
يؤكد المحلل السياسي محمد خالد القداح أن زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى دمشق ولقاءه مع الرئيس بشار الأسد وكبار المسؤولين السوريين ورغم كونه حدثًا اعتياديًا في العلاقة بين الحليفين فإنه غير منفصل عن حراك كبير في المنطقة تلعب فيه كل من موسكو وبغداد فضلاً عن طهران دور من يطفئ الحرائق.
وفي حديث خاص بموقع “العهد” الإخباري، أشار القداح إلى أن المؤتمر الصحفي المشترك بين الوزير المقداد وضيفه الإيراني تناول بشكل موسع التصعيد والتحشيد الميداني الأمريكي في الشمال الشرقي من سوريا ورغبة واشنطن الواضحة في قطع التواصل البري بين دمشق وبغداد معربين عن الثقة الكبيرة بالعراق حكومة وشعباً والرفض المطلق أن يكون منصة أمريكية لقطع الجسور بين بلدان المنطقة.
وأضاف أن الثقة بالقدرة على إجهاض المشروع الأمريكي في هذا الشأن بدت واضحة في تصريحات الوزير المقداد ونظيره الإيراني الذي نصح الأمريكيين بنبرة واثقة بالعودة الطوعية إلى بلادهم قبل أن يقهروا على ذلك وهي النصيحة التي ترددت على لسان الوزير المقداد في طهران قبل شهر من الآن ليرتبط كل تصريح برمزية المكان والجهة التي أطلقته والتناغم المدروس بين الجانبين.
وشدد المحلل السياسي في حديثه لموقعنا على أن التصريحات السورية – الإيرانية بشأن التحشيد العسكري الأمريكي في سوريا والرغبة في استعادة أجواء العام ٢٠١١ لا تستند فقط الى القوة العسكرية الداعمة للمقاومة الشعبية هناك وهي مقاومة أثبتت بعملياتها المتواترة والمدروسة بعناية قدرتها على خلط الأوراق، بل تستند كذلك إلى الموقف العراقي المعلن في رفض استخدام الأراضي العراقية للوثوب على سوريا وبقية بلدان المنطقة، مشيراً إلى أن العراقيين سرعان ما بنوا على زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الأخيرة إلى دمشق والتي ناقشت مع السوريين كل القضايا ومنها ضبط الحدود ومكافحة الإرهاب وتعزيز التواصل البري والتجاري بينهما وتجلى ذلك قبل أيام حين استقبل وزير الدفاع العراقي ثابت محمد سعيد العباسي السفير السوري لدى بغداد صطام الدندح حيث تمت مناقشة كل الهواجس الأمنية وضبط الحدود فيما بدا أنه تكريس عراقي لاستقلالية القرار الوطني بعيداً عن الضغوط الأمريكية بشأن سوريا. ومتزامنا كذلك مع دور تحاول بغداد بالتعاون مع إيران وروسيا لعبه بخصوص التقارب التركي السوري وقد كان موضوع تقاسم المياه المدخل الأولي له وصولاً في مراحل أخرى ربما إلى استعادة زخم التعاون الإقليمي بين الدول الثلاث مع بقية دول المنطقة.
ولفت قداح كذلك إلى أن التنسيق السوري الإيراني يأتي في ظل تنامي العلاقات العربية – الإيرانية وخصوصاً بعد الزيارة التي قام بها عبد اللهيان قبل اسبوعين إلى الرياض والنقاشات البناءة التي خاضها مع المسؤولين السعوديين وفي مقدمتهم ولي العهد محمد بن سلمان، وهو ما استدعى وضع دمشق في صورة هذه التطورات من أجل بناء موقف موحد تجاهها.
البعد الاقتصادي الهام
من جهته، يؤكد المحلل السياسي محمد خير اللبابيدي أن العلاقات السورية – الإيرانية تاريخية ومتينة وثابتة وتسير وفق إرادة قيادتي البلدين والشعبين الصديقين ويعلم الجميع كيف وقف البلدان الى جانب بعضهما بعضًا في أحلك ظروفهما.
وفي حديث خاص بموقع “العهد” الإخباري لفت اللبابيدي إلى أن زيارة الوزير الإيراني إلى سورية تأتي في إطار استمرار التنسيق والتشاور بين مسؤولي البلدين حول العلاقات الثنائية التي تسير دائماً باتجاه إيجابي والتركيز على متابعة تنفيذ الاتفاقات التي تم توقيعها خلال زيارة الرئيس الإيراني إلى دمشق والتمهيد لعقد اجتماعات اللجنة المشتركة الإيرانية السورية برئاسة نائب الرئيس الإيراني ورئيس مجلس الوزراء السوري في طهران قريباً والتي سيتم التركيز فيها بشكل أساسي على دعم الاقتصاد السوري الذي يواجه ظروفًا شديدة الصعوبة في هذه المرحلة.
وأضاف المحلل السياسي أن هذه الزيارة تكتسب أهمية خاصة حيث تم خلالها مناقشة التحديات التي يتعرض لها البلدان واستمرار السياسات العدوانية القديمة الجديدة من قبل واشنطن والغرب ضدهما وخاصة الاستثمار في الإرهاب من أجل تحقيق غايات سياسية معروفة للجميع، مشيرًا إلى الجهود الإيرانية التي تسعى جاهدة لإقامة أفضل العلاقات بين سورية وتركيا على أساس حسن الجوار واحترام سيادة سورية الأمر الذي سيخلق مناخاً إيجابياً في المنطقة، وحديث عبد اللهيان عن أن الاجتماعات الرباعية بين سورية وروسيا وإيران وتركيا طرحت أفكاراً إيجابية حول احترام سيادة سورية ووحدة أراضيها.