سوريا: هل آن آوان الكلام عن إعادة البناء ونحن ما زلنا في قلب المواجهة؟؟
موقع إنباء الإخباري ـ
عمر المعربوني*:
الكلام عن سورية بعد الانتخابات الرئاسية هو غيره ما قبل هذه الانتخابات ..
اما وقد جرت الانتخابات الرئاسية في ظل التفاف شعبي فاجأ المراقبين بحجم المشاركة الشعبية رغم حالة الحرب ..
ورغم الموقف السلبي الذي عبرت عنه دول الهجمة وعلى راسها اميركا على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية التي وصفت الانتخابات “بالعار” .. فانه بات من الضروري ان نذكّر الرئيس المنتخب ببعض القضايا التي ستؤسس لسورية جديدة في اسياق عملية اعادة البناء ..
قد يتساءل البعض .. وهل آن آوان الكلام عن اعادة البناء ونحن ما زلنا في قلب المواجهة؟؟
نعم .. ان الانتصار الناجز يمّر بمراحله الاخيرة .. فالقاصي والداني بات يدرك ان الجيش العربي السوري حقق النصر الاستراتيجي وان المعارك الكبرى على وشك الانتهاء ومن يتابع الميدان يعرف دقة وصحة هذا الكلام ..
وبانتهاء المعارك الكبرى سيكون امام سورية دولة وشعباً ومؤسسات مهمتين رئيسيتين :
1- اكمال المعركة مع الارهاب الذي سيتحول الى مجموعات متخفية ونائمة ستضرب باشكال متعددة كلما سنحت لها الفرصة ..وهذا سيستلزم وضع خطط وبرامج خاصة قد تستمر وقتاً ليس بالقصير للقضاء نهائياً على هذه المجموعات واجتثاثها من جذورها ..وسيكون الامر على الارجح في اطار تعاون جدي ينطلق من المصلحة مع العديد من الدول العربية وغيرها .. التي بدأت تفتش عن طريقة للتعاون مع الجيش العربي السوري بما فيها اميركا والعديد من الدول .. وقد يستغرب البعض كلامي الا انه في سياسات الدول التي تتغير بتغير الظروف لا شيء مستغرب ..فالعواطف هي لغة العاجزين والتابعين .. اما المشغّلين للجماعات كاميركا وغيرها من الدول فالعلاقات الدولية بالنسبة لها هي علاقات تستند للحسابات ونتائج الصراع وليس على القصائد الشعرية والخطابات ..والشهور القادمة ستشهد تحولات حقيقية في مواقف الكثير من الدول التي بدأت تخشى على امنها من خلال تسرب هذه الجماعات الى اراضيها وعلى رأس هذه الدول اميركا التي توقفت اجهزتها الامنية بجدية عند حادثة العملية الانتحارية التي نفذها ابو هريرة الاميركي في ادلب والتي اعتبرتها تحولا خطيرا .. وان كانت اميركا في طريقها لانجاز تفاهم مع حركة طالبان يحفظ لها مصالحها الامنية والاقتصادية وهي الحركة التي قاتلتها اميركا حتى هذه اللحظة صار امراً واقعياً .. فمن الممكن لتحفظ اميركا مصالحها ان تعمد عبر وسطاء او بشكل مباشر للتعاون مع الدولة السورية خصوصا وان آفاق امكانية القضاء على النظام في سورية قد باتت مسدودة ..
2- في اعادة البناء شقان ساتعرض لهما سريعاً على امل ان نتابع البحث فيهما مطولا عبر القادم من الايام ..
أ- اعادة اعمار ما هدّمته الحرب وهو أمر رغم ما يحمل من مصاعب يعتبر أمرا سهل التحقيق لان النية المعقودة لدى الدولة السورية والشعب السوري واضحة وتحمل اصراراً لا يقل اهمية عن اصرار الدولة والشعب انهاء المعركة مع الارهاب .. ومن خلال متابعة جدية فان الكثير من الدول لن تتوانى عن تقديم المساعدة المالية في اعادة البناء اضافة للكثير من الاقتصاديين والصناعيين السوريين الذين صرّح الكثير منهم عن رغبتهم الجدية في اعادة بناء وطنهم ..وتشير بعض الاحصائيات الى تجاوز كلفة اعادة الاعمار ال 150 مليار دولار حتى الان وهو رقم سيكون مرهقا ومتعبا ان لم يقف حلفاء سورية الى جانبها كما يقفون الآن ..
ب- الاصلاح الاداري والسياسي ومكافحة الفساد ومحاسبة تجار الازمة .. يجب ان يكون العنوان الاساسي في المرحلة القادمة ..فأقل ما يجب ان تفعله الدولة السورية في المرحلة القادمة هو ادراك أن ما قبل الازمة هو غير ما بعدها .. وان هذا الشعب الذي وقف خلف قيادته في أصعب الظروف يستحق الأفضل ..وفي هذا الخصوص لا بد من البدء بوضع خطط الاجراءات لمسيرة اصلاحية ان لم اقل تغييرية لمواكبة استحقاقات المرحلة القادمة .. وعلى راس هذه الاجراءات اتمام عملية المصالحة الوطنية على أسس واقعية وليس عاطفية واشراك كل الفئات السياسية والاجتماعية في هذه الاجراءات بما فيها الاطراف السياسية المعارضة ..
سورية لكم جميعا ايها السوريون .. فكما وقفتم في مواجهة الهجمة عليكم وما زلتم .. كونوا يدا واحدة في مواجهة المرحلة الأصعب وهي اعادة البناء بشقيها .. اعادة الاعمار ومكافحة الفساد وبناء سورية للجميع على أساس المواطنة لا المحسوبيات …
* ضابط سابق(خريج الاكاديمية العسكرية السوفياتية)