سوريا في القمة العربية مجددًا: رفع للحصار واستعادة للتشبيك الإقتصادي
موقع العهد الإخباري-
محمد عيد:
وسط ترحيب عربي كبير تابع الوفد السوري برئاسة وزير الخارجية فيصل المقداد لقاءاته في مدينة جدة السعودية تمهيداً للقمة العربية التي سيخطف فيها الأنظار ولا شك الحضور المرتقب للرئيس بشار الأسد، وفق ما أكد الوزير المقداد الذي التقى عدداً كبيراً من نظرائه العرب بالإضافة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية احمد أبو الغيط.
في الأثناء استعجلت واشنطن تمرير مشروع قانون في الكونغرس لـ”مكافحة التطبيع” مع دمشق، يسبق اجتماعات القمة العربية بهدف التشويش على الانفتاح العربي على سوريا واستمرت في التلويح بعقوبات “قيصر”، فيما نظم الاتحاد الأوروبي لقاء جمع بين أعضاء في “هيئة التفاوض” المعارضة ومندوبي الدول الداعمة لها في جنيف.
خطوات يراها المراقبون “استعراضية” الغاية منها مجرد التهويل وممارسة الضغوط على مسار بدا أنه آخذ أكثر في الوضوح.
عودة قوية
يرى المحلل السياسي د. أحمد دنورة أن العودة السورية القوية الى المنظومة الرسمية العربية تعتبر تغيراً جذرياً في المشهد العربي بصورة تختتم عقداً ونيف من القطيعة والخلافات والسياسات العدائية، وما ترتب عليها وتعلق بها من الاحتراب الداخلي في أكثر من دولة عربية، وهي تعبر كذلك عن فشل سياسات العزل والحصار السياسي والدبلوماسي التي حاولت الولايات المتحدة، ولا تزال تحاول، تكريسها تجاه سورية عبر الضغط على الدول العربية ودول العالم والاقليم لمنع استعادة علاقاتها مع دمشق.
وفي تصريح لموقع “العهد” الإخباري، أكد دنورة أن المبادئ التأسيسية التي قامت عليها هذه المصالحة (إن جاز التعبير) قد جاءت واضحة الى حد بعيد في البيان الختامي لاجتماع وزراء خارجية عدد من الدول العربية (+ سورية) في العاصمة الاردنية عمان، حيث تضمن البيان عدداً من المحددات الهامة للمقاربة العربية تجاه الحل السوري، منها خروج جميع القوات الموجودة بشكل غير شرعي، وهذا يتضمن الاحتلالين الامريكي والتركي، ويستثني القوات الحليفة للدولة السورية، كما تضمنت هذه المحددات مكافحة جميع اشكال الارهاب، ورفض التدخل الخارجي، ما يعني عملياً ترسيخ الرؤية السورية لمعالم الحل.
مشيراً إلى أن الحديث عن ضمان أمن الحدود بترتيبات ثنائية ما بين الدول العربية يعني سحب هذه الورقة عملياً من يد الغرب (قانون الكبتاغون) واعادتها الى اطار التنسيق العربي.
وشدد دنورة في حديثه لموقعنا على أن عودة سورية الى جامعة الدول العربية، وعودة الدفء الى العلاقات بينها وبين كبريات الدول العربية، يضع الأساس السياسي الضروري – اللازم وليس الكافي – لرفع الحصار عن سورية، واستعادة التشبيك الاقتصادي، مشيراً إلى أنه لا يمكن في المقابل رفع سقف التوقعات حول الانعكاس المباشر لعودة هذه العلاقات على حالة الاقتصاد السوري، ولكن التفاؤل يبقى قائماً حول امكانية تحريك المياه الراكدة فيما يتعلق بعودة حركة الاستيراد والتصدير، وحركة السياحة، وعودة رؤوس الاموال المهاجرة الى موطنها في سورية، ويفتح المجال امام تطور تدريجي في ايجاد آليات مناسبة للانخراط العربي في جهود اعادة الاعمار والاستثمار.
ابتكار من رحم الحصار
ولفت المحلل السياسي في حديثه لموقعنا إلى أن التطورات الدولية تظهر بشكل واضح أن الاتكاء الأمريكي المفرط على سلاح العقوبات يجعل الدول المتضررة تجترح الحلول الضرورية بعيداً عن ربط عجلة الاقتصاد بالغرب، وبالمؤسسات النقدية والمالية الدولية المسيطر عليها غربيا.
من جانب آخر، فإن استعادة التواصل السياسي والحدودي بين اي دولة محاصرة وجوارها الجغرافي المباشر كفيل لوحده بخلق الآليات التي تفتح ثغرات محلية متعددة في جدار الحصار، مشيراً إلى أنه وفي حال امتلكت الدول العربية الارادة اللازمة لتقديم مصالحها المباشرة على التعليمات الامريكية القادمة مما وراء البحار فسيصبح الخرق الجماعي للحصار، ولو عبر طرق التفافية، بمثابة افراغ الاجراءات أحادية الجانب من محتواها، واعلان فشل ضمني ولكنه حقيقي لسياسة الحصار.
السوريون بين التفاؤل والتحفظ
يغلب التفاؤل على معظم السوريين الذين سألناهم عن ما يجري في المنطقة من انفتاح عربي على سوريا أو ما يرغب هؤلاء في تسميته “عودة العرب إلى سوريا” لكنه تفاؤل يبقى مشوبًا بالحذر. وقد عبّر عنه مدرس اللغة العربية عصام في حديثه لموقع “العهد” حين قال: “أرجو أن تكون عودة العرب إلى سوريا قرارًا عربيًا محضًا”.
ابراهيم موظف في الإتصالات أمل في حديثه لموقعنا بأن تكون عودة العرب إلى سوريا بداية لانفراج اقتصادي يحلحل من شدة العقوبات الغربية على سوريا ويفسح المجال أمام عودة الاستثمارات ورؤوس الأموال العربية إلى هذا البلد الذي دفع “فاتورة باهظة وجب على العرب أن يتقاسموها معه” لأنه دافع عنهم في وجه الفكر الظلامي الذي كان سيأتي على كل دولهم.
خالديملك محل حلويات عربيه أكد في حديثه لموقعنا أن تطور علاقة العرب بسوريا سيفتح أمامه وأمام غيره من أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة أبواب الرزق وتصدير البضاعة السورية المرغوبة عند العرب وخصوصاً الحلويات السورية التي يسميها السوريون تحببا “حلو عربي”، مشيراً إلى أنه ينتظر بفارغ الصبر اليوم الذي يأتي فيه السياح العرب إلى سوريا لتذوق حلوياته أو اليوم الذي تعود بضاعته مجدداً إلى الأسواق العربية.
الطبيب خالد العلي أكد لموقع “العهد” الإخباري أن القناعة لديه تبقى راسخة في عدم قدرة النظام العربي الرسمي على تجاوز الأوامر الأمريكية في التعامل مع دمشق لكن الأمل كما يقول د. خالد يكمن في أن سوريا قوية ويمكن لها أن تسير في خطوات التلاقي مع العرب إلى اللحظة التي تتضح فيها النوايا بشكل نهائى حينها “يبنى على الشيء مقتضاه” خاصة وأن السوريين لا يعدمون الخيارات كما يقول.