سوريا تستعد والمعتدون مربكون
وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:
الارتباك الذي ظهر في الساعات القليلة الماضية على حلف العدوان يعود إلى تفاعلات سياسية وإستراتيجية فرضت على الإدارة الأميركية وحلفائها الدخول في حسابات الكلفة والنتائج التي يرتبها العدوان على سوريا.
أولا: ردود الفعل على قرار العدوان لدى سوريا وحلفائها أظهرت صلابة وعزما واستعدادا لإلحاق ضربات موجعة بحلف العدوان والتصميم السوري على الدفاع عن الوطن في وجه أي اعتداء استعماري لم يتأثر للحظة واحدة بالدجل الأميركي الذي ملأ وسائل الإعلام في محاولة للتأثير على اليقظة السورية عبر تعميم النظريات والفذلكات التي وقع فيها الكثيرون حول تصنيف الضربة العدوانية وتقدير حجمها فالقيادة السورية التي أصدرت الأوامر للقوات المسلحة بالاستعداد لصد العدوان الاستعماري والرد على مصادر النيران واستعدت لجميع الخيارات الممكنة في ردع المعتدين بينما واصلت عملياتها الهجومية في منطقة الغوطة كاسرة بذلك رهان المعتدين على إنقاذ فلول العصابات التي دحرها الجيش العربي السوري هناك تحت غطاء التحقيق في الكيماوي المفبرك.
ثانيا سوريا مستعدة لردع العدوان وتعد نفسها للمعركة الأهم في الدفاع عن منظومة المقاومة وعن خيار التحرر والاستقلال في المنطقة و هي تحتفظ بكمية كبيرة من المفاجآت في مخططها الدفاعي الشامل على ثلاثة مستويات:
1 – الرد على مصادر النيران بخيارات مفتوحة تطال جميع أدوات العدوان والقوى المشاركة فيه.
2 – اكتساح ودك معاقل العصابات الإرهابية على الأرض السورية وتمدد القوات المسلحة التي لم تكن قد انخرطت بكامل عديدها وعدتها القتالية في التصدي للعصابات الإرهابية من عملاء الناتو والمرتزقة والتكفيريين.
3 – الاحتفاظ بالعديد من المفاجآت ضمن خطط الردع الحاسم في استهداف الكيان الصهيوني وفتح جبهة الجولان في سلة الخيارات الدفاعية الموضوعة في عهدة القيادة العسكرية السورية.
ثالثا: الرد الإيراني الحازم سياسيا والرادع ميدانيا كان واضحا وهو جاء بصورة حاسمة من خلال تحذير السيد الخامنئي من تبعات العدوان على سوريا في المنطقة والعالم وعبر البيان الذي أصدره قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الفريق قاسم سليماني في حين ان موقف كل من الصين وروسيا في مداولات مجلس الأمن كان واضحا وفيه النذير بفيتو جديد ضد أي قرار تسعى الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا لاستصداره بهدف تغطية العدوان على سوريا وقد أبدت كل من الصين وروسيا يقظة واضحة في التعامل مع مهمة التحقيق الأممية في سوريا مع الإدراك الكلي بان الولايات المتحدة ودول حلف العدوان قامت بتصنيع الحدث الكيماوي مخابراتيا وبالاشتراك مع عصابات التكفير في سوريا لكبح العمليات الهجومية السورية التي دحرت العصابات بجدارة في الأسبوعين الماضيين ودمرت أوهام بندر بن سلطان بالاقتراب من دمشق.
رابعا: ردود الفعل على مستوى الرأي العام داخل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا تظهر رفضا للتورط في حرب جديدة وهي بذلك تفرض قيودا على حركة الحكومات وقد كان الذهاب المفاجئ إلى مجلس الأمن نتيجة لتلك التداعيات التي طالت مبدأ مشروعية الحرب وخوفا مستمرا من تداعياتها.
لقد تمكنت عصابات الحرب في الولايات المتحدة وأوروبا ومجموعات الضغط الصهيونية من كسب تأييد غالبية فعلية داخل النخب الحاكمة التي اشترت السعودية وقطر الكثير من مفاتيحها بالمال ولكن الرأي العام البريطاني والأميركي والغربي عموما ما زال بغالبيته الساحقة معارضا لفكرة الغزو والعدوان في ضوء الكلفة التي حصدتها المجتمعات الغربية من حربي أفغانستان والعراق.
خامسا هذه العوامل والتفاعلات خلقت إرباكا سياسيا وتخطيطيا في حلف العدوان وهي تسمح للدولة الوطنية السورية وحلفائها بتعزيز معادلات الردع على جميع المستويات وتوجيه المزيد من الرسائل حول الكلفة التي سيدفعها المعتدون وأهم ما يرتبط بالمواجهة السياسية والإعلامية هو إسقاط أكذوبة الكلام عن الضربة المحدودة وتهشيم الراويات الأميركية و السعودية المسربة عن تواطؤ مسبق في تمرير العدوان بادعاء الموافقة الروسية والإيرانية أو أخذ العلم بضربة محدودة وصل بعضهم إلى الإيهام بان القيادة السورية نفسها أخطرت بتفاصيل الضربة وقد تسكت عليها أن هذه الدعاية الخبيثة تستهدف النيل من المعنويات السورية والحد من رد الفعل الشعبي والسياسي في المنطقة على العدوان المزمع شنه ضد سوريا وهي كذلك تهدف إلى بذر الشكوك في صفوف الحلف الداعم للدولة الوطنية السورية فالعدوان هو العدوان أيا كان شكله أو مداه بصاروخ واحد أم بآلاف الصواريخ والرد المقاوم على هذا العدوان يجب أن يكون مزلزلا والحملة ضده لا بد وان تكون قوية هادرة وحلفاء سوريا يعرفون أن قوى العدوان إذا نجحت في تمرير ضربتها بدون ردع فهي تعيد المنطقة والعالم عشرين عاما إلى الوراء إلى زمن الهيمنة الأحادية الأميركية الإسرائيلية ولذلك فسوريا لم تطلب من أحد شيئا وهي تترك للجميع إجراء حساباتهم واتخاذ خياراتهم والأكيد أن أحدا من حلفاء سوريا لن يخذلها فالكل مستهدف باستهداف قلعة المقاومة العربية.