سميرة رجب.. "جنديّ الملك" المخلوع من "رقعة الشطرنج"
قضت «سميرة رجب» ردحًا من عمرها تدافع عن قبيلة آل خليفة، خصوصًا في عهد الملك الحاليّ حمد بن عيسى، وقبل أن تكون في منصب رسميّ، كانت رجب كاتبة في «صحيفة أخبار الخليج» المقرّبة من رئيس الوزراء، ثمّ تمّ تعيينها في مجلس الشورى من العام 2006 إلى العام 2012. وقد عيّنت في أبريل 2012 وزيرة دولة لشؤون الإعلام واستمرّت حتى ديسمبر 2014، أقصيت بعدها من الحكومة، لتعيّن أخيرًا في منصب مستحدث بقرار ملكيّ يحمل رقم 11 لسنة 2015 بتسمية: «مبعوث للديوان الملكيّ».
تعتبر سميرة صاحبة «أقصر فترة» لوزير في تاريخ البحرين الحديث بحسب موقع “منامة بوست”، ومع هذا فقد حفلت حياتها السياسيّة بعدد من المفارقات التي ظلّت محطّ جدل بين المؤيّدين والمعارضين لخطّها السياسيّ، فهي ابنة حزب البعث، والوفية للرئيس العراقيّ «المقبور» صدّام حسين الذي عاث في المنطقة فسادًا، وانقلب على حلفائه، واحتلّ دولة خليجيّة في التسعينيّات.
صرّحت رجب أكثر من مرّة أنّها مصطفّة في صالح الحكومة ضدّ المعارضة، بل قالت إنّها «جنديّ من جنود الملك حمد»، ووصمت المعارضة «بأقذع الصفات»، واتّهمت الشيخ عيسى قاسم «المعروف بخطابه الهاديء.. بالإرهاب»، ورغم أنّ رجب قالت لوكالة «مونت كارلو الدوليّة» بأنّها شيعيّة وتحمل مرض السكلر، فإنّها دأبت على تبرير قمع المرتزقة لشعائر عاشوراء. ففي يوم الأحد 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، قالت إنّ سبب تدخّل الأجهزة الأمنيّة في موسم عاشوراء، هو بعض المخالفات التي قد تصدر من جانب البعض، مضيفةً أنّ هناك ضوابط وإجراءات يجب الالتزام بها من مختلف دور العبادة أو الجهات الأخرى، مشدّدةً على أنّ وزارة الداخليّة تتدخّل فقط عند الإخلال بهذه الضوابط والإجراءات القانونيّة.
ورفض العديد من النشطاء والحقوقيّين تصريحات سميرة رجب التي تبرّر اعتداءات السلطات الأمنيّة على مظاهر إحياء ذكرى عاشوراء، حيث اعتبروها جزءًا من سياسة التضليل والأكاذيب التي تمارسها السلطات البحرينيّة بحقّ الرأي العام.
وحثّت رجب الخطى في الدفاع عن النظام الحاكم بكلّ ما أوتيت من قوّة، بيد أنّها تعثّرت في أكثر من موطن، فقد اعتبرت تنظيم “داعش” الإرهابيّ في أوّل أيّام احتلاله بعض محافظات العراق بالحركة التحرريّة، وقالت إنّ ما يطلق عليه هو«اسم للتغطية على إرادة الشعب العراقيّ في الحريّة والكرامة»، مضيفةً أنّه «قد تكون أحداث الأنبار ثورة ضدّ الظلم والقهر الذي ساد العراق لأكثر من عشر سنوات، ولم يعْتد العراقيون على الإهانة والصبر على الظلم».
كما وصفت مشاريع قطر بالخطرة، حيث قالت في مارس/ آذار 2014 وقالت «نتمنّى ونأمل أن تحلّ هذه الأزمة في أقرب فرصة». في إشارة للمشكلة التي حدثت بين قطر والدول الخليجية الثلاث «السعوديّة والإمارات والبحرين»، وعلّقت على ما أشار إليه تقرير بسيوني الصادر أواخر العام 2011، حول اقتراح قطريّ بتشكيل حكومة انتقاليّة في البحرين، بالقول: «ليس هناك ما يدعى بالحكومة الانتقاليّة في البحرين، ونتمنّى أن تعود الأوضاع إلى مسارها الطبيعي». كما انتقدت بشدّة تدخّل قطر في شؤون الدول، واصفة ذلك بالمشاريع الخطرة، مؤكّدة وجود أزمة بين دول الخليج ( الفارسي ) الشقيقة.
وفي أبريل/ نيسان من العام الماضي، أقرّت بوجود الدرك الأردنيّ، ونقلت صحيفة الغد الأردنيّة عبر موقعها الإلكترونيّ، يوم الثلاثاء 1 أبريل/ نيسان 2014، تأكيداتها «عن وجود قوّات درك أردنيّة في البحرين بموجب اتفاقيّة أمنيّة».
وقالت رجب، صباح يوم الثلاثاء، خلال استضافتها في محاضرة بعنوان «الأوضاع الراهنة في البحرين والخليج ( الفارسي )»، بمعهد الإعلام الأردنيّ، «إنّ التنسيق والتعاون الأمنيّ مع دولة عربيّة أفضل من التعاون مع دولة أجنبيّة»، على حدّ تعبيرها.
وقد دارت الدوائر عليها إبّان فترة وزارتها، حيث بدأ «مستشار الملك الإعلاميّ نبيل الحمر بتصفية حسابات مكشوفة معها» ، وقد كشفت صحيفة «الأيّام» يوم الثلاثاء 1 أبريل / نيسان 2014 عن وثائق فساد في وزارة الإعلام، في إطارمسلسل تصفية الحسابات والمناوشات الدائرة بين الصحيفة ووزيرة شؤون الإعلام سميرة رجب، فأشارت الصحيفة إلى «ارتكاب وزارة الدولة لشؤون الإعلام مخالفة إداريّة جسيمة؛ تمثّلت بدفع راتبين شهريًّا لمستشار الوزيرة الإعلاميّ دون وجه حقّ، والذي يصفه العاملون في الوزارة بأنّه الوزير الفعليّ للوزارة، حيث لا يتمّ الموافقة على البدء بأيّ مشروع دون موافقته».
كما نقلت الصحيفة «تصريحات لبعض المصادر البرلمانيّة أشارت إلى التلاعب الصريح بالمال العام، مستغربين كيف يمكن لمستشار يعمل في وزارة واحدة أن يستلم راتبين في آنٍ واحد على الوظيفة ذاتها، مطالبين ديوان الرقابة الماليّة والإداريّة بالتحقيق في ذلك التجاوز».
أما تعيينها الأخير فيأتي «كتطييب خاطر» كما يعتقد عدد من المتابعين، وبذلك ينتهي دورها فعليًّا في سياق سلطة ظلمت شعبها ولا تزال لحدّ هذه الساعة.
كما لفتت الصحيفة إلى أنّ «الوزيرة عملت منذ تولّيها مهامها على تغييب مدراء هيئة شؤون الإعلام، ورفضها سفرهم معها في جميع مهمّاتها الخارجيّة الرسميّة، والاكتفاء بالمستشار الإعلاميّ فقط، وهي خطوة وصفها بعض المراقبين – كما تقول الصحيفة- بالمريبة ولا يعرف ما يخطّط وراءها، وهي سابقة لم يقم بها أيّ وزير إعلام منذ تأسيس وزارة الإعلام». وهذه المشكلة هي التي قصمت ظهر البعير، ولكن، ماذا ينتظر «بنت رجب» في «رقعة شطرنج» الديوان الملكيّ، الذي لا يؤمن وزيره خالد بن أحمد آل خليفة «بجنديّتها»..؟!