سمو الأمير… لبنان ليس المملكة…
موقع إنباء الإخباري ـ
حسن ديب:
حزين هو بابا نويل هذا العام، حزين جداً، والسبب بسيط، وهو أنه لم يعد لبابا نويل موطئ قدم في لبنان.
حزين هو، فقد أدرك مؤخراً أن تاريخه في العطاء قد انتهى على المسرح اللبناني، وأن الزمان اليوم هو زمان ماما نويل، سيدة الخير الجديد، ليلى الصلح حمادة، مع اختلاف بسيط في الشكل واختلاف أكبر في المضمون:
إختلاف بسيط في الشكل، فقد فضلت الوزيرة السابقة اللون الأسود (حسب النوايا) على اللون الأحمر والأبيض لبابا نويل، كما أنها فضلت أن تدخل البيوت من شاشات التلفزة بعد أن اعتاد هو الدخول اليها من طرق أخرى.
حزين هو، وحزين معه المواطن اللبناني الذي أصبح مجبراً على تقبل السيدة الصلح كضيفة دائمة تحتل مساحة كبيرة من المساحات الإعلامية، حتى أنها أصبحت جزءاً لا يتجزأ من النشرات الإخبارية على تلفزيون الجديد. وهنا لا بد من أن نقدم شهادة حق لتلفزيون الجديد الذي استطاع وبسرعة قياسية تغيير البوصلة من الخزينة القطرية الى الخزينة السعودية لأسباب إيديولوجية تكتية تتناسب مع تطورات المرحلة الحالية والمقبلة.
جميل هو العطاء، وجميلة هي اليد المدودة للخير، ولكن الأجمل منها هو الظهور الذي لا نراه إلا مع كل أزمة حكومية لبنانية، فهل العطاء والخير في مؤسسات الوليد بن طلال مرهون دائماً بالأزمات السياسية اللبنانية؟؟ (بو علي يسأل).
وهل هي مصادفة أيضاً أن تطل علينا سيدة الصلح بهداياها في كل مرة يمر بها لبنان بمخاض عسير من أجل تشكيل حكومة وطنية، أم أن في الأمر بوادر عملية ترويجية لشخصية المنقذ الذي سيأتي على حصان أسود (كان لونه أبيض قبل أن تلطخه آبار النفط) لينقذ لبنان من حالة التخبط السياسي التي أصبحت في توأمة مع الواقع اللبناني؟
هي هكذا ليس إلا، هي يد الخير الملون والعطاء المشبوه الذي لا همّ له سوى الترويج لشخص سمو الأمير الذي أدرك أن لا مكان له تحت شمس المملكة المرخانية، وأدرك أيضاً أن من سمح له بالوصول إلى قمة المال لن يسمح له بالوصول إلى قمة السلطة في المملكة السعودية، لذلك ـ وتداركاً لما تبقى من العمر ـ قرر سمو الأمير الاستفادة من الجنسية اللبنانية التي منحتها لها السلطات اللبنانية وفاءً لتضحيات جدّيه (الأول الذي باع فلسطين، والثاني صديق موشيه شاريت الشخصي) اللذين سبقاه الى مجد السياسات العربية، قرر الإستفادة من هذه الجنسية والتوجه نحو العمل بشكل جدي للوصول الى سدة الرئاسة الثانية بعد أن رُوج لإسمه سابقاً على سبيل هز العصى السياسية لبعض غلمان آل مرخان في لبنان، وهذا ما جعله يشعر بأن الوصول إلى السلطة في لبنان أمر ليس بالعسير، طالما أن الساسة اللبنانيين في جوع دائم، وأن ماما نويل حاضرة في كل الساحات وعن يمينها كاميرات الجديد ترافقها في كل مكان.
هو حلم كاد فيما مضى أن يتحول الى حقيقة عندما وصل الخلاف إلى ذروته بين أقطاب السلطة في لبنان حول تسمية رئيس للحكومة، ما دفع بالبعض منهم إلى إطلاق اسم الوليد بن طلال كحالة إنقاذية، وما أحلى التفتت والتشرذم أمام شخصية إنقاذية تدعو اليهود الى ضرب ايران وهو تلميح مبطن لضرب سوريا والمقاومة.
هو حلم مرخاني جديد على الساحة اللبنانية ، حلم شخصي من مرخاني صغير يعتقد بأن الشعب اللبناني، كما ساسته، يسترخص تراب الوطن ويعلنه سلعة للبيع في كل مزاد علني.
هو حلم صغير بحجم ذاك الحالم بتحويل لبنان من جمهورية الى إمارة يصول ويجول بها، كالحاكم بأمر نفسه، فيتاجر بالناس كما يتاجر بجواريه التي تضج بها قصوره.
هو حلم يسعى بعض يهود الداخل إلى تحقيقه على اعتباره ورقة أخيرة يمكن استعمالها في حال فشل كل المؤمرات التي تحاك للقضاء على المقاومة (وقد فشلت)، حلم كامل يحمل في خباياه شكلاً جديداً للدولة اللبنانية في حال انتصار الصهيونية الإسلامية على مشروع المقاومة. لا بل هو أكثر من حلم، هو مشروع بحد ذاته قائم على تخطيط جدي لمحو المقاومة من خارطة الحياة السياسية، ليس فقط على الصعيد اللبناني ، بل على صعيد المنطقة كلها، لذلك نرى هذا العمل الدؤوب من خصيان الصهيونية الإسلامية لمحاصرة المقاومة من كل جهة، وهذا ما أرادوه في حربهم على سوريا، فبحسب اعتقادهم فإن انتصار الصهيونية الإسلامية في سوريا سيضع المقاومة في لبنان بين فكي الكماشة اليهودية، فيهود الخارج يتربصون بنا في فلسطين ويهود الداخل يتربصون بنا في سوريا. وهكذا وحسب اعتقادهم، فإن هكذا انتصار كان سيصل بهم إلى السيطرة على الدولة. ولنتخيّل المشهد:
الملا سمير جعجع رئيساً للجمهورية وهو القادر على إدارة البلاد كقدرته على تنفيذ الجرائم التي يشهد عليه بها التاريخ ويعاونه في ذلك انطوان زهرة وهو الذي احترف إدارة حاجز البربارة.
باسم السبع رئيساً لمجلس النواب (لطفك اللهم) وهو العاجز حتى عن الوصول إلى منصب مختار في برج البراجنة.
الوليد بن طلال رئيساً للحكومة، وهو البارع في نهب الثروات وتدمير الإقتصاد، والطامح إلى تحويل لبنان إلى قصر كبير تسرح فيه غوانيه على وقع ألحان فنان التوبة فضل شاكر.
ومن الجميل أيضاً أن نطرح بعض الأسماء المؤهلة لتشغل منصب الوزراء في السيناريو الذي لن يرى النور، وعلى سبيل المثال: مي شدياق وزيرة للإعلام، عمر بكري فستق وزيراً للداخلية والبلديات، أحمد فتفت وزير دفاع، مروان حمادة وزير خارجية، أحمد الأسير وزير سياحة، وغيرهم وغيرهم ممن تتناسب طموحاتهم مع هذا المشروع …
هو مشروع حقيقي كان سيتم فعلاً لو انتصرت الصهيونية الإسلامية في حربها علينا.
ولكن الله قد أراد، ولا مشيئة تعلو فوق مشيئة الله .
هي مشيئة الله تلك التي أخرجت من لبنان رجالاً ليسوا كباقي الرجال، رجالاً عشقوا الوطن وتفانوا في حب الوطن، عاشوا لأجله فاستحقوا الحياة، واستشهدوا لأجله فهنيئاً لهم الشهادة.
هي مشيئة الله التي جعلت من أمتنا صخرة شامخة تتكسر عليها كل أحلام وطموحات يهود الداخل والخارج، وجعلت منا قوماً لا نحشى إلا الله ولا نخشى في الله لومة لائم…
هو لبنان الذي لا يتناسب مع أحلام بني مرخان، فلا استطاعوا إلحاق الهزيمة بنا في سوريا ولن يستطيعوا هزيمتنا في لبنان.
وكما هزمناهم في معركة البندقية، سنهزمهم أيضاً في معركة السياسة، فلا هداياكم تعنيناً، ولا خيركم يغرينا، ولا أموالكم ستثنينا عن القيام بواجبنا الجهادي حتى النهاية.
هو لبنان بكل ما فيه من تعدد ديني وطوائفي، ولكنه لبنان الحياة، لبنان الأمل، لبنان البقاء…
سمو الأمير… هو لبنان، ولبنان ليس المملكة.