سليمان يكرّم نفسه بنُصُب في عمشيت!
ليا القزي –
صحيفة الأخبار اللبنانية:
قبل أقل من شهرين على موعد مغادرته قصر بعبدا، لم يجد الرئيس ميشال سليمان من يشيد له نُصباً تذكارياً، فقرر أن يتولّى مقرّبون منه المهمّة. إذ علمت «الأخبار» أن مقربين من رئيس الجمهورية اقترحوا على بلدية عمشيت، بلدة الرئيس، شراء قطعة أرض بغية إقامة نصب تذكاري له فوقها.
وقال أحد أعضاء البلدية من المحسوبين على التيار الوطني الحر إن سليمان التقى، لهذه الغاية، رئيس بلدية عمشيت أنطوان عيسى، الذي لم يُبلغ إلا ثلاثة من أعضاء البلدية بالفكرة، «من دون أن تُناقَش خلال اجتماع المجلس البلدي». وفي الحديث الذي نقله رئيس البلدية للأعضاء الثلاثة، ذكر المصدر أن «فخامته سيقدم كل ما يلزم لتشييد النصب وحديقة صغيرة، من دون تحديد العقار»، مؤكداً أن ليس في الأمر أي مخالفة، «وخصوصاً إذا كان العقار خاصاً، والنصب ليس دينياً».
من جهته، أنكر عيسى في اتصال مع «الأخبار » أن يكون سليمان قد وضعه في هذا الجو. وقال: «صحيح أنني التقيت به أخيراً، ولكنه لم يفاتحني بهذا الأمر». لكنه كشف أن «اثنين من المقربين من الرئيس أبلغوني رغبتهما في تشييد نصب»، مشيراً إلى أن الأمر «لم يأخذ أي منحى جدي». وأعرب عن اعتقاده بأن الهدف من هذا الخبر هو «جسّ نبض الشارع ومدى تقبله لهذه الفكرة».
عضو البلدية شادي كرم، رأى أن «القصة انتهت قبل أن تبدأ». وقال إن هناك رغبة لدى الرئيس والمقربين منه في تشييد نصب، «لكن لا توجد قطع أرض عامة تسمح بذلك». وخارج إطار هذا الثلاثي، ينفي بقية الأعضاء علمهم بالموضوع، «فهذا الهمس كان خارج إطار البلدية»، استناداً إلى أحدهم. ويستغرب عدد منهم هذه الخطوة «وخصوصاً أن الجو ليس مريحاً لمصلحة الرئيس، كيف يبجل نفسه، وقد مضى قرابة سنة على آخر زيارة رسمية له لعمشيت؟»، يقول أحد أعضاء البلدية.
بالمناسبة، هي ليست المرة الأولى لسليمان، إذ عرض الرئيس عندما كان قائداً للجيش على المجلس البلدي القديم، الذي رأسه أيضاً عيسى، تشييد تمثال برونزي «وفاءً لتضحياته العسكرية، ولكن لم يبصر المشروع النور بسبب خلافات بلدية».
في أحياء عمشيت، لا صدى لهذه المعلومة. منزل الرئيس المبني من الحجر مهجور إلا من حارس قوى أمن داخلي « يتفرج» على المارين. كذلك لا شيء يوحي بأن هذه هي بلدة رئيس الجمهورية، باستثناء الصورتين المرفوعتين على مدخلي البلدة الشمالي والجنوبي. تضحك إحدى الفتيات عندما تعلم بقصة النُّصب، مستذكرة كيف أن «ابن بلدتها» لم يعد يفوّت مناسبة إلّا يطلق فيها مواقف سياسية، «فهل يُعقل أن يشارك رئيس بافتتاح مؤتمر يخبرنا كيف بإمكاننا أن نصنع من العسل قناعاً للوجه؟». بينما يستفز الأمر أحد الشبان، قائلاً: «تكفينا شوارع وأحياء بأسماء أشخاص»، واضعاً الأمر في إطار «غيرة» سليمان من حزب الكتائب «الذي شيد نصباً لتخليد ذكرى شهدائه».
مع اقترابه من خط النهاية، قرر سليمان «استمالة» أبناء عمشيت، «وتنفيس احتقانهم»، بعد أن «عاقبهم» عبر عرقلة عدد من المشاريع، بسبب معارضتهم له في الانتخابات النيابية. ففي عمشيت شاطئ يسمى «المعيقلة» بحاجة إلى مرسوم يسمح بشق طريق من أجل الوصول إليه، لا يزال سليمان يعرقل حله. كذلك إن مشروع «تلوين وترقيم» الشوارع في عمشيت، لم يُفرج «فخامته» عن بقية الأموال اللازمة لتنفيذه، إلا منذ بضعة أيام. سليمان سيفتتح، أيضاً، في مدينة جبيل قرية رياضية تحمل اسمه، بتمويل من رجل الأعمال كارلوس سليم الذي يغيب عن الاحتفال «لأنه غير راضٍ عن طريقة صرف الأموال»، على ما يقول أحد أعضاء بلدية عمشيت. ويشير المصدر إلى أن «سليمان عرف كيف يثير حفيظة العمشيتيين، الذين تربطهم علاقة تاريخية سيئة ببيلوس، وندعوه إلى مساواتنا بجبيل». حتى المشاريع التي أسهم في إمرارها، لم تكن المصلحة العامة دافعاً لها دوماً. فهو، على سبيل المثال، سعى إلى شق طريق خارجي «يربط عمشيت بالجرد الشمالي لجبيل، وتحديداً بلدة لحفد، حيث يملك منزلاً».
لا شكّ في أن سليمان، يسعى إلى خلق حالة شعبية تضمن بقاءه في الحياة السياسية بعد مغادرته قصر بعبدا. لكن الرئيس جاء متأخراً، فحتى أبناء بلدته، أو جزء كبير منهم على الأقل، بعيدون كلّ البعد عن اتخاذ سليمان زعيماً لهم. أما البلدية، فيقول أحد المعارضين لسليمان من أعضائها، إن «الرئيس يضع كل إنجاز للبلدية في جيبته، وكأنه هو من صنعه، والحقيقة غير ذلك».
وللغاية، «هناك تسعة ملفات ومشاريع في عمشيت، الآن مجمدة، وسنحيلها على التنفيذ بدءاً من 26 أيار 2014».