سليماني.. الشهيد الحي والكابوس الدائم للعدو
موقع العهد الإخباري-
إيهاب شوقي:
في الذكرى الثالثة لجريمة اغتيال الشهداء، قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس ورفاقهما، يتجدد وصف الجريمة بأنها “جريمة القرن”، حيث تزامنت مع أطروحة “صفقة القرن” الفاشلة التي حاول مجرم الحرب ترامب قيادتها واهما أنها ستغير جوهر الصراع وتحرف مساره عبر تحويل العدو الصهيوني لحليف لدول المنطقة، وتحويل إيران والمقاومة لعدو لها!
ورغم استمرار المحاولات لحلب أنظمة من المفترض أنها عربية والحصول على كامل مخزونها من الخيانة والتفريط، إلا أن أيقونة الشهداء وذكراهم ومدرستهم التي تخرج منها مقاومون جدد، تقف حائلا دون إنفاذ مخططات الشيطان الأكبر وتابعيه من الشياطين الصغار الذين يحاولون عبثا عزل المقاومة وإعطاء قبلة الحياة للكيان الصهيوني المؤقت.
بعد هذه السنوات الثلاثة من اغتيال الشهيد سليماني جسدًا، لا تزال روحه الثورية المجاهدة ترفرف فوق جبهات القتال لتلهم المقاومين بما قدمته من شجاعة وعبقرية سياسية وعسكرية ونموذج أخلاقي تتمثل به قيم التواضع والوفاء والنبل.
ربما ظن الحمقى ممن خططوا ونفذوا أن الجريمة تضعف المقاومة أو تقودها إلى اليأس، أو أنها ستوقف مسار تمددها وعنفوانها، واليوم ومع الاعتراف الكامل بفداحة خسارة الشهيد سليماني والشهيد المهندس، إلا أن تنامي المقاومة والحماسة وقوة الدفع التي زودتها بها دماء الشهداء، أثبتت صدق المقولة البليغة أن “الشهيد قاسم سليماني” سيكون أخطر على العدو من “الجنرال قاسم سليماني”.
وبنظرة صغيرة الى لائحة الاتهام التي أعلنها مساعد رئيس السلطة القضائية للشؤون الدولية وأمين سر لجنة حقوق الإنسان في ايران، كاظم غريب ابادي، يمكننا تخيل حجم المتورطين بالجريمة لنعرف حجم الشهيد سليماني ورفيقه المهندس وما كانا يمثلانه من خطورة كبرى على مشروع العدو وأذرعه الصهيونية والإرهابية.
فقد أفاد آبادي بمستجدات الملاحقة القضائية في ملف اغتيال الشهيد الفريق قاسم سليماني، مؤكدا ان بين المتهمين 94 أميركيا وفي مقدمتهم الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو والجنرال كينيث ماكنزي.
وأضاف أن القضية تضم الآن 94 متهمًا من الولايات المتحدة، كما تم إرسال وكلاء قضائيين إلى 7 دول أخرى، لأن المتهمين في هذه القضية ليسوا أميركيين فقط، بل لديهم شركاء من دول أخرى، على سبيل المثال من بعض دول المنطقة ودولتين أوروبيتين هما ألمانيا وإنجلترا.
وهنا نرى حجم الجريمة والتخطيط لها ومدى استفادة الغرب وعملائه في المنطقة منها، وهو ما يدلل على قيمة الشهداء وما مثله دورهم من تهديد لهم وإفساد لمخططاتهم.
ولعل فيلق القدس الذي قاده الشهيد سليماني، كان رمزًا لمواجهة المخطط الشامل لابتلاع القدس ومحاولة تهويدها وجعلها عاصمة للكيان، وقد حول الشهيد سليماني الرمز إلى برنامج للعمل وليس مجرد شعار بتحركاته في جميع الجبهات ومواجهته لكل الأذرع التي تعمل لصالح تصفية القضية سواء في فلسطين المحتلة أو في سوريا أو العراق أو لبنان، حيث امتلك رؤية استراتيجية بانورامية وتعاطى معها بمشروع استراتيجي بانورامي يشمل جميع جبهات المقاومة وفصائلها.
إن موضع اتهام إيران الدائم على ألسنة أعداء المقاومة هو تهمة “تصدير الثورة”، وهو موضع للفخر وليس موضع اتهام، إذا ما تم فهمه بمعناه الحقيقي وهو تصدير ثقافة المقاومة والكرامة ودعم حركات المقاومة، وقد كان الشهيد سليماني نموذجًا حيًا للذراع التنفيذي لهذا المشروع النبيل.
بعد ثلاث سنوات لم تضعف المقاومة بل ازدادت عزمًا، ومن يطّلع على أحدث المناورات الإيرانية وما تحمله من أسلحة ومسيّرات تتدرب على قصف موانئ العدو الصهيوني، ومن يطلع على أحدث معادلات المقاومة في لبنان ومبادرتها وتهديداتها الاستباقية للعدو، ومن يطلع على بذور المقاومة في الجولان واستهداف قواعد الاحتلال الأمريكي في سوريا والعراق، يعلم جيدًا أن المقاومة في مسار تصاعدي.
إن المخططين والمنفذين للجريمة وعلى رأسهم ترامب تصب عليهم اللعنات من شعوبهم بعد أن اساؤوا حتى لديمقراطيتهم الزائفة وقاموا بأعمال غير مسبوقة في التاريخ الأمريكي من اتهامات بتزوير الانتخابات واقتحامات للكونغرس حولت صنمهم الأمريكي لدولة من الدول المتخلفة والاستبدادية.
كما أن الوجود الأمريكي بالمنطقة يتضاءل ولم تعد له الهيبة حتى لدى الذيول والتوابع الذين تجرأوا لأول مرة على مخالفة الرغبات المعلنة للإدارة الأمريكية.
لقد فتح صمود المقاومة الباب لتحولات استراتيجية في النظام الدولي وفتح صمود محور المقاومة بجهود الشهداء وخططهم الباب لتشجيع قوى دولية كبرى مثل روسيا على البروز والتصدي للنظام العالمي الأحادي الجائر، استنادًا الى أوضاع إقليمية مطمئنة لا يهيمن عليها المعسكر الأمريكي والصهيوني.
كانت تحركات الجنرال سليماني سرّية ومقيدة بحكم خطورتها ودقتها، ولكن صور الشهيد سليماني معلنة ومفتوحة تلهم وتلهب جميع جبهات المقاومة، وتقدم نموذجًا للعطاء والحكمة والحنكة والشجاعة وأخلاقيات الفرسان، وهو ما يلهم جميع المقاومين ويجعل من مستقبل المقاومة أكثر بريقًا وفاعلية وخطورة على العدو، ويجعل من مخططات العدو لاستهداف القادة أكثر عبثية وفشلًا ومصداقًا لفشل الرهانات.
يكفينا ونحن نتابع تقارير العدو، أن نرى ما يشكله لهم الشهيد من كابوس مستمر، حيث يرفق العدو مع تقارير جرائمه واستهدافاته أنه يعمل على إفشال مشاريع الشهيد سليماني في الجبهات المختلفة، وهو دليل دامغ على أن المقاومة كما هي قيمة خالدة، فإن رجالها ومن صدقوا الوعد معها خالدون.