سلفيّو مصر يتجهون أيضاً إلى التطبيع مع إسرائيل؟
صحيفة الأخبار اللبنانية – أحمد توفيق
فجّر الحديث عن لقاء بين القيادي في حزب «النور» السلفي نادر بكار وتسيبي ليفني حالة من الجدل داخل الشارع المصري، خاصة مع تعمُّد طرفي الأزمة تجنب الجزم بتفاصيل ما حدث
بعد صمت طويل وتصريحات من قيادات حزب «النور» السلفي، بشأن ما أثير عن لقاء بين المتحدث الإعلامي باسم الحزب، نادر بكّار، ووزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني، بدا أن طرفي القضية تعمدا تجنب التصريح البواح والجازم بتفاصيل ما حدث.
وبعدما حاول «النور» إظهار أنه «غير مرغم على الحديث حول إشاعات» تستهدف النيل منه، عاد في بيان صدر يوم أمس ليقرر الرد.
قدّم البيان بالقول إن «جامعة هارفارد تعدّ من أعرق الجامعات السياسية في العالم، ويحاضر فيها قادة وحكام حاليون وسابقون وسياسيون وصناع قرار من كل دول العالم… أما ما نشر عن لقاءات سرية بين نادر بكار وليفني أو غيرها فهذا محض كذب وافتراء». لكن «النور» لم يوضح في بيانه هل حضر بكار لقاءً عاماً شاركت فيه ليفني أم لا، مكتفياً بالقول: «كل نشاطات بكار هناك (الولايات المتحدة) كانت في إطار الجامعة والكلية التي يدرس فيها، وبصفته طالباً (ماجستير)، وليس بصفة حزبية».
لكن بيان الحزب بدلاً من أن يبدد الشكوك، فإنه زادها، لأنه لم ينف الواقعة بالجملة، بل حمل إقراراً ضمنياً بإمكانية حدوث ذلك، وهو ما دفع عضو «الهيئة العليا لحزب النور» سابقاً، القيادي السلفي محمود عباس، إلى القول إن البيان «لم يكن شافياً للرد على تساؤلات الجمهور بخصوص لقاء بكار والوزيرة الصهيونية». وأضاف عباس، في حديث إلى «الأخبار»، أن «الرد لم يتطرق إلى تبيين موقف الحزب من الكيان الصهيوني أصلاً».
ووفقاً للمعلومات، فإن بكار حضر الندوة التي حاضرت فيها ليفني بصفته طالباً في الجامعة المضيفة وتفاعل مع المحاضرة المذكورة، علماً بأن بيان «النور» أشاد بمتحدثه، قائلاً إن حصوله على «درجة الماجستير في الإدارة الحكومية والسياسة العامة بتفوق واجهة مشرفة ليس لحزب النور، ولكن لشباب مصر جميعاً». كذلك رفضت ليفني، الاثنين الماضي، التعليق على ما نشر بشأن لقاء بكار، في وقت أكدت فيه مصادر مقربة منها حدوث اللقاء، وفق ما نقلته الإذاعة الإسرائيلية العامة (الرسمية)، كما ذكرت وكالة «الأناضول» التركية.
في المقابل، أكد القيادي السلفي عباس أنه تواصل مع مصادر خاصة، لم يسمّها، داخل مصر وخارجها، أكدت له «صحة الواقعة واللقاء السري بين الشخصيتين»، مضيفاً: «على العكس، قيادات النور السلفي كانت على علم بلقاء نادر بكار منذ البداية، وهم الذين كلفوه ذلك».
في غضون ذلك، نقلت مصادر قريبة الصلة بالملف الحقوقي في القاهرة أن اللقاء حصل بين الطرفين في نيسان الماضي، وأن نادر بكار «أراد توجيه رسالة إلى ليفني عن شعبية النور السلفية وأنهم باتوا البديل الوحيد لـ(جماعة) الإخوان في القاهرة بعد دخول الأخيرة السجون واضمحلال شعبيتهم في الشارع المصري». لكن هذه المصادر، التي هي على علاقة بمراكز حقوقية أميركية، قالت إن هذا اللقاء ليس الأول بين الاثنين، لكن بكار يغطي الأمور بصورة «لقاءات في مراكز بحثية»، رغم أن بعض هذه المراكز محسوبة على أجهزة استخبارية. وحاولت «الأخبار» الحصول على تصريح من بكار نفسه، لكنه اكتفى بالرد من حسابه على موقع «فايسبوك»، قائلاً: «لست بحاجة إلى الرد الآن، ويكفي بيان الحزب. حينما أود الرد على ما يقال سأكتب بياناً على صفحتي».
وفيما إذا قرر بكار متابعة السجال الضخم حوله في الشارع المصري من دون رد مباشر منه، فإن ذلك سيكون على حساب مشواره السياسي، وكذلك سمعة حزبه، ما قد يدفعه إلى الرد قريباً، وفق مقربين منه.
كالعادة، رفض حزب «الوطن» السلفي موقف نظيره «النور» وبيانه بخصوص الواقعة، وقال عضو الهيئة العليا في «الوطن» محمد نور، المقيم في ألمانيا، إن «موقف النور بات سيئاً في ظل التخبط الذي يعيش فيه حالياً».
أما «جماعة الإخوان المسلمين»، فرأت أن «بيان النور ليس جاداً في نفي الواقعة»، وهو الموقف الذي عبّر عنه أحمد رامي، القيادي في الجماعة والمتحدث الإعلامي باسم «حزب الحرية والعدالة». وتابع رامي، في حديث إلى «الأخبار»، قائلاً إن «النور ونوابه في البرلمان لم يكن لهم أي دور في رفض زيارة سامح شكري (وزير الخارجية المصري) لتل أبيب».
إلى ذلك (الأخبار)، نظم عشرات الصحافيين المصريين، أمس، وقفة احتجاجية أمام مقر «نقابة الصحافيين» وسط القاهرة للاعتراض على سفر سامح شكري إلى القدس المحتلة، فيما منعت قوات الشرطة عشرات المواطنين من الانضمام إلى الوقفة التي استمرت لوقت قصير. وأحرق الصحافيون العلم الإسرائيلي على درج النقابة المعروفة بموقفها المناهض للتطبيع.