سلفيت تحيي حرب استنزاف عبد الناصر والهجوم الاستراتيجي مستمرّ!
صحيفة البناء اللبنانية ـ
محمد صادق الحسيني:
1 ـ انّ محاولة الاجهزة الأمنية الإسرائيلية، ومتعاونين محليين في فلسطين المحتلة، فرض توقيت ايّ حرب على المقاومة الفلسطينية وربما على قوات حلف المقاومة، عبر إطلاق الصواريخ المشبوهة من قطاع غزة باتجاة تل أبيب باءت بالفشل الذريع…!
ومع انكشاف المخطط الإسرائيلي بشكل فوري وضبط النفس الذي تحلت بة فصائل المقاومة، بالاضافة الى عجز نتن ياهو عن دخول مواجهة عسكرية واسعة مع المقاومة الفلسطينية، كل هذة الظروف مجتمعة ادّت ليس فقط إلى فشل المخطط بل إلى اشتعال حرب الجنرالات المسعورة داخل عصابات الصهاينة…!
2 ـ انّ العملية التي نفذها فدائي فلسطيني، عمره 19 عاماً بالقرب من مستوطنة ارئيل المقامة على اراضي بلدة سلفيت المصادرة، جاءت لتكشف عجز الجيش الإسرائيلي التامّ، ليس فقط في مواجهة حلف المقاومة أو أحد مكوّناته، بل حتى عن مواجهة فدائي واحد، لم يكن مسلحاً وإنما غنم سلاحه، بندقية من طراز M 16 من جنود الاحتلال الذين اشتبك معهم في موقعين بعد العملية الأولى وأثناء عمليات المطاردة والتي شارك فيها قرابة أربعين ألف جندي «إسرائيلي»، علماً انّ مساحة المنطقة التي تجري فيها المطاردة لا تزيد عن مائة كيلومتر مربع.
لذلك لكم ان تتخيّلوا ما الذي سيواجهه الجيش «الإسرائيلي»، في حال حصول حرب على الجبهة الشمالية… حيث ستكون خطوط إمداده تحت رحمة الفدائيين الفلسطينيين، الذين سبق لهم ان طبّقوا هذا التكتيك في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
3 ـ فقبيل البدء بحرب الاستنزاف المصرية، على جبهة قناة السويس 1968 ـ 1970، عقد الرئيس جمال عبد الناصر اجتماعاً مع الشهيد ياسر عرفات، الذي كان قائداً لحركة فتح ولم تكن التنظيمات الفدائية قد دخلت منظمة التحرير بعد، سأل خلاله الرئيس عبد الناصر الشهيد أبو عمار عما إذا كانت حركة فتح قادرة على تثبيت لواء قوة «إسرائيلية» بحجم لواء في غور الأردن غرب النهر حيث انّ الغور يسمّى كذلك نسبة الى النهر الذي اسمة نهر الأردن وذلك للتخفيف من الضغط العسكري «الإسرائيلي» على جبهة القناة عند الضرورة. فأجاب أبو عمار بأنّ قوات الثورة الفلسطينية قادرة على تثبيت فرقة الى فرقتين حوالي ثلاثين الف جندي وليس لواءً واحداً فقط. فقال له عبد الناصر: إذاً، توكلنا على الله.
وكان ما كان آنذاك.
4 ـ وعليه نستطيع القول انّ من الممنوع على نتن ياهو وحكومته وجنرالاته ان يفرضوا على قوات حلف المقاومة توقيت البدء بتنفيذ المرحلة النهائية من الهجوم الاستراتيجي، الذي بدأ في حلب، والذي لن يتوقف الا بتحرير القدس وإعادتها عاصمة لكلّ فلسطين.
وإذا كان صحيحاً القول بأنّ كلّ ما يلزم للبدء بتنفيذ المرحلة النهائية من الهجوم الاستراتيجي قد أصبح جاهزاً، كصواريخ حزب الله الدقيقة التي تغطي كلّ فلسطين المحتلة وجيش من القوات الشعبية، على اهبة الاستعداد في كلّ من سورية والعراق، يبلغ تعداده ما يربو على مائتي ألف مقاتل، كما صرّح يوم أمس الأول اللواء محمد جعفري قائد الحرس الثوري الإيراني.
5 ـ لكن قرار بدء المعركة لن يتخذه نتن ياهو وإنما قادة أركان جيوش كلّ من إيران والعراق وسورية المجتمعين في دمشق لمناقشة تفاصيل ذلك ووضع الخطط الاستراتيجية اللازمة للمستقبل والكفيلة بتغيير خارطة المنطقة باتجاه إنهاء الوجود الاستعماري الأميركي والأوروبي منها بشكل كامل. الأمر الذي سيساهم بشكل كبير في إعادة تشكيل ميزان القوى الدولي وإنهاء سيطرة وهيمنة القطب الواحد، أيّ الولايات المتحدة، على مقدرات شعوب العالم.
6 ـ وها هو رئيس أركان الجيش العراقي، الذي شارك في كلّ الحروب العربية ضدّ الاحتلال «الإسرائيلي» لفلسطين، يعلن من دمشق عن قرب فتح معبر حدودي بين العراق وسورية بشكل كامل ودائم. وهو الأمر الذي يعني فتح الطريق البري الرابط بين موسكو وبيروت، عبر كلّ من طهران وبغداد ودمشق، وما يعنيه ذلك من أبعاد استراتيجية في المنطقة سيكون لها ما بعدها في أقرب الآجال، خاصة أنّ من أعلن عن قرب فتح المعبر ليس وزيراً للمواصلات وانما رئيساً لجيش العراق البطل، الذي تسانده عشرات آلاف الوحدات العسكرية المقاتلة والمنضوية تحت لواء الحشد الشعبي العراقي.
ولمزيد من التوضيح فمن الواجب القول بأنّ هذا التطوّر يشكل رسالة واضحة لقوات الاحتلال الأميركي في كلّ من سورية والعراق… مؤداها: ارحلوا وإلا…!
7 ـ هذا في الوقت الذي تقف فية الولايات المتحدة عاجزة عن الدخول في حروب جديدة، سواء في سورية والعراق أو غيرها من مناطق العالم، رغم أنها لا زالت قادرة على إشعال الفتن والحروب الداخلية في مناطق عديدة من العالم. ولكنها وعلى الرغم من ذلك ستواجة هزيمة ساحقة، أمام روسيا والصين، في أي حرب قادمة كما ورد في دراسة نشرتها مؤسسة راند الأميركيةRAND Corpoation قبل أيّام، علماً أنّ هذة المؤسسة تعتبر من المؤسسات المحافظة والقريبة جداً من الرئيس ترامب.
8 ـ من هنا يجب النظر إلى الزيادة التي طرأت على ميزانية البنتاغون، للعام 2019، التي بلغت سبعمائة وخمسين مليار دولار، ليس فقط على أنها زيادة تهدف الى مزيد من الاستعدادات لشنّ حروب جديدة في العالم وإنما أيضاً من أجل تصحيح الكثير من الخلل الذي تعاني منه الجيوش الأميركية في مجال التسليح.
فها هي البنتاغون تطلب قبل أيّام قليلة، حسب ما نشره موقع Task and Purpose الأميركي، شراء 10193 عشرة صاروخاً مدفعية صاروخية موجهة في موازنة 2020، ما يعني زيادة 26 عن عدد الصواريخ التي تمّ شراؤها في ميزانية 2019، والتي كان عددها 8101، بينما الرقم المطلوب شراؤه للعام 2020 زيادة تبلغ 43 عن ما تمّ شراؤة في ميزانية 2018، حيث كان عدد الصواريخ التي تمّ شراؤها آنذاك 6936 صاروخاً فقط.
وحسب ما ورد في حيثيات طلب البنتاغون، التي نشرها الموقع الأميركي المشار اليه أعلاه، فإنّ البنتاغون تخطط لتوجيه هذة الصواريخ الى كلّ من روسيا والصين.
9 ـ كما يجب على المرء ان لا يتجاهل الأوضاع السيئة التي تعاني منها القوات الجوية والبحرية الأميركية، بما فيها المشاكل الهائلة التي تواجه طائرة أف 35 وانكشافها تماماً أمام سطوة شبكات الدفاع الجوي الروسية من طراز «أس 400» و «أس 500».
كما لا بدّ من الانتباه الى الاوضاع المشابهة والتي تعاني منها جيوش دول حلف الشمال الأطلسي الرئيسية، مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا. اذ نشرت صحيفة «فيلت ام سونتاغ» الألمانية المحافظة يوم الأحد الفائت تقريراً حول التقييم السرّي لقدرات الجيش الألماني العسكرية جاء فيه انّ 6.11 فقط من مروحيات الجيش من طراز تايغر النمر ، وعددها 53 مروحية، جاهزة للعمل، بينما هناك 5.17 فقط من مروحيات النقل الثقيلة، من طراز NH، جاهزة للعمل.
وهو الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً في ألمانيا، رغم محاولة المفتش العام للجيش الألماني، ايرهارد تسرون، التخفيف من وقع التقرير على الرأي العام وذلك من خلال تصريحه بأنّ 70 من قوات ومعدات الجيش الألماني قادرة على العمل بشكل عام.
عالمهم ينهار رويداً رويداً فيما عالمنا ينهض ساعة بعد ساعة.
بعدنا طيّبين قولوا الله…