سرّ فشل ريال مدريد أمام سطوة برشلونة
فرضت استثمارات تجارية هدنة في العلاقة بين جوزيه مورينيو وكريستيانو رونالدو.
في شباط 2012، سجل البرتغالي كريستيانو رونالدو ثلاث اصابات ليقود فريقه ريال مدريد الى الفوز على ليفانتي 3-1 ضمن الدوري الاسباني لكرة القدم.
كانت المناسبة خاصة، فقد وعد رونالدو مواطنه مدرب اللياقة ريو فاريا (38 سنة) بالاحتفال معه في حال كتب له إحراز ثلاثية “هاتريك” في تلك المباراة.
وفور هزّه الشباك للمرة الثالثة، ركض “سي آر 7” نحو دكة احتياط “الفريق الملكي” في ملعب “سانتياغو برنابيه”، ووقف فاريا لاحتضانه، الا ان مواطنهما جوزيه مورينيو ظن أن اللاعب يتجه نحوه. لم يتمكن رونالدو من تجاهل المدرب، فارتمى بين ذراعيه مجبراً، قبل ان يتجه لتحية فاريا.
عكست الصورة مشهداً مثالياً وايجابياً كان من المسلم به بين رجلين، بحكم جنسيتهما، ان تجمع بينهما علاقة وطيدة.
الواقع كان خلاف ذلك تماماً. فالثنائي البرتغالي عرف أوقاتاً عصيبة وعلاقة شائكة في ريال مدريد، ما لبثت ان تفجرت في الموسم الماضي، الاخير لـ”مو” في “البيت الأبيض”، عندما قال عن رونالدو: “لديه ثقة مفرطة بالنفس ويعتقد أنه يعرف كل شيء”.
اللاعب رد على مدربه، مبدياً عدم ارتياحٍ حيال تلك التصريحات، وصولاً الى انتقاد خططه التكتيكية.
وبمرور الأيام، تبيّن أن الإشكالات بينهما بدأت منذ الموسم الاول لمورينيو في مدريد.
بعد أيام من الفوز العزيز الذي حققه “الملكي” على غريمه برشلونة 1 – 0 في نهائي كأس ملك اسبانيا على ستاد “ميستالا” في فالنسيا بإصابة رأسية من رونالدو، والذي مثّل اللقب الاول لمورينيو مع الفريق في موسمه الاول، عاد ريال مدريد ليخسر امام خصمه الكاتالوني نفسه في “سانتياغو برنابيه” 0 – 2 في ذهاب الدور نصف النهائي من مسابقة دوري ابطال اوروبا.
بدا رونالدو مستاءً للغاية من الاداء الدفاعي لفريقه، ولم يتمكن من كبت انفعاله، فدعا زملاءه في استراحة ما بين الشوطين الى اللعب بطريقة هجومية اكبر، لتعلو الاصوات في غرفة تبديل الملابس بين مورينيو ولاعبه الذي لم يتوانَ عن التعبير عن رأيه، اذ كشف للصحافيين بعد المباراة ذاتها ان سياسة التحفظ الدفاعي لريال مدريد لم تعجبه.
وما كان من “ذا سبيشال ون” الا ان اتخذ القرار باستبعاد لاعبه عن التشكيلة الاساسية للفريق، في المباراة التالية امام ريال سرقسطة والتي خسرها “الملكي” في عقر داره
بدأ مورينيو يشعر باضمحلال سيطرته على رونالدو، وراح يوصل توجيهاته إليه بواسطة مساعديه بعد انقطاع التواصل المباشر بينهما، الا ان هؤلاء وجدوا أنفسهم مضطرين الى الاستعانة بوكيل أعمال اللاعب، البرتغالي جورجي منديش، للتوفيق بين الرجلين كونه مقرباً جداً منهما.
لم يحلُ لمنديش ان يجري تحييد رونالدو عن المباريات في الوقت الذي كان ينافس على لقب هداف الدوري “بيتشيتشي”، فتدخّل لاقناع مورينيو بالعودة للاعتماد عليه، وحُلّت المشكلة.
لم يتكرر الخلاف العلني وخصوصاً أن مورينيو ورونالدو يحصلان على اموال طائلة من استثماراتهما في شركة “جستيفيوت” التي يملكها منديش. كانت المصلحة الشخصية “أعلى” من مصلحة ريال مدريد، فعودة المياه الى مجاريها بين المدرب ولاعبه فرضتها اعمال مشتركة بين الرجال الثلاثة.
قصص كثيرة تحكى عن علاقة مورينيو برونالدو، الا ان “ما هو مؤكد ان تواصلهما كان من باب الواجب، اذ نادراً ما تبادلا اطراف الحديث خلال السنوات الثلاث التي جمعتهما في ريال مدريد”. هذا ما قاله مصدر مقرب من النادي لموقع “غول” العالمي على شبكة الانترنت.
تأكد بعد فترة أن منديش هو من ابقى الرجلين معاً في الفريق المدريدي لمدة ثلاث سنوات كاملة.
قبل ايام، نفى رونالدو نفسه ان يكون احتفاله المفرط بالإصابتين اللتين سجلهما لريال مدريد في مرمى تشلسي الانكليزي (3 – 1) في نهائي كأس غينيس الدولية الودية للابطال في ميامي الأميركية، موجّهاً ضد مورينيو العائد لتدريب الـ”بلوز”.
وكانت المباراة حظيت باهتمام اعلامي كبير في اسبانيا، لانها وضعت “الملكي” في مواجهة مورينيو الذي ترك “سانتياغو برنابيه” في نهاية الموسم الماضي بسبب علاقته المتوترة بعدد من لاعبيه والمشجعين وادارة النادي.
وارتفعت حدة التوتر بين الطرفين، وبالتحديد بين مورينيو ورونالدو، عندما اعتبر الاول في مقابلة مع موقع “اي اس بي ان” على الانترنت أن رونالدو الحقيقي هو النجم البرازيلي السابق وليس لاعب ريال مدريد الحالي.
ورد “صاروخ ماديرا” – وهو لقب رونالدو – بأفضل طريقة من خلال تسجيله ثنائية في مرمى تشلسي، واحتفل بالاصابتين بطريقة مفرطة على رغم كون المباراة ودية.
لكن النجم البرتغالي نفى أن يكون مورينيو هو السبب في الطريقة التي احتفل بها، مضيفاً: “أفضل أن يكون كلامي (رده) في ارضية الملعب. ما يحصل خارج الملعب لا يؤثر علي أو يؤذيني”.
وأكد في حديث الى صحيفة “ماركا” الاسبانية: “هدفي هو مساعدة ريال مدريد على تحقيق اهدافه، وما يحصل خارج ذلك (بعيداً من الملعب) لا يؤذيني”.
حاول مورينيو تجنب المزيد من الجدل في المؤتمر الصحافي الذي عقده بعد المباراة، قائلاً: “لا اعلم ما ادّعاه كريستيانو رونالدو. هذه ليست مشكلتي. ما يهمني هو اعطاء كل ما لدي لتشلسي”.
لكن عندما سئل عما قاله بحق رونالدو، اجاب: “قلت إنه (البرازيلي) هو رونالدو الحقيقي لأنه كان الاول. اذا سألتني من هو مولر الحقيقي، توماس (نجم بايرن ميونيخ الحالي) أو غيرد (النجم الدولي الالماني السابق المعروف بـ”المدفعجي”)، فسأقول: غيرد. بالنسبة الي هو الحقيقي لأنه كان الاول (اول من يحمل الاسم). ما حصل (في مسألة رونالدو) هو فيلم قام ريال مدريد بصنعه، فمدريد مدينة الافلام”.
واشارت التقارير الى ان كزابي الونسو والبرتغالي فابيو كوينتراو كانا الوحيدين اللذين تحدثا الى مدربهما السابق بعد المباراة، وهو ما يعكس حجم التوتر بين مورينيو وغالبية لاعبيه السابقين في “النادي الملكي”.
وكانت وسائل الإعلام الاسبانية مقتنعة بأن احتفال رونالدو بإصابته الاولى كان موجهاً الى مورينيو، لأن نظره كان مركزاً على الاخير وهو يحتفل، لكن نجم مانشستر يونايتد الانكليزي السابق نفى ذلك، قائلا: “نظرت الى مقاعد احتياط فريقي، الى زملائي. لم اتحدث الى مورينيو (بعد المباراة) لأني لم أرَه، لكني ألقيت التحية على افراد الطاقم الفني لتشلسي. لست من الأشخاص الذين يحملون ضغينة. هذا الأمر للفاشلين”.
بعد كل ما ورد، لن يستغرب عاشق ريال مدريد بعد اليوم لمَ فشل “الملكي” في وضع برشلونة عند حدّه في عهد مورينيو، ولمَ عجز خلال الاعوام الثلاثة الماضية عن تحقيق “العاشرة”، في اشارة الى اللقب العاشر في مسابقة دوري ابطال اوروبا.
المصدر: صحيفة النهار اللبنانية