#سرايا_المقاومة جيشٌ من 50 ألفاً: نعم… لدينا مهمة داخل #لبنان
إيلي حنا – صحيفة الأخبار
بعد المواجهة الشهيرة صيف 1997، التي سقط خلالها هادي حسن نصرالله شهيداً في مواجهة قوات الاحتلال، شهد لبنان حالة تضامن كبيرة مع المقاومة، تطورت إلى تواصل مئات الشباب مع حزب الله، طالبين المشاركة في عمليات المقاومة.
يومها، واجه حزب الله أصعب التحديات. من جهة، لمس حالة تماثل مع مقاومته من جانب شرائح لبنانية مختلفة عنه فكرياً وعقائدياً، ومن جهة ثانية، هناك حاجة لحماية جسمه الجهادي منعاً لأي اختراقات. فكان قراره الشهير، الذي أعلنه السيد حسن نصرالله في مؤتمر صحافي، مطلقاً «السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال» كفصيل يستوعب كل مواطن يريد المساهمة في مقاومة الاحتلال ولا ينتمي لعقيدة الحزب الدينية.
خلال شهور طويلة، كانت الآليات تصنع يوماً بعد يوم لاستيعاب الآلاف من الشباب اللبناني. أُنشئت معسكرات تدريب عسكرية وأمنية لهم، ثم جرى اشراكهم في عشرات العمليات ما قبل التحرير عام 2000. بعدها، تطور الأمر إلى دور مساند في حرب تموز 2006. قبل أن تصبح، اليوم، قوة محلية كبيرة، تمثّل عنصر قلق لجميع خصوم الحزب، وصولاً إلى جعلها عنواناً رئيسياً في كل حوار يقوم مع فريق 14 آذار، وخصوصاً تيار «المستقبل» الذي يعرف جيداً حجم نفوذها وقوتها في شارعه.
ربما نجح خصوم حزب الله في شيطنة «التنظيم الرديف»، ووصمه بـ«مجموعة الزعران والمطلوبين» الذين يرهبون الناس والآمنين. لكن بعيداً عن «نجومية» السرايا في الاعلام وعن تحوّلها إلى شمّاعة تُعلق عليها «حشوات» الرصاص المنهمر هنا وهناك، في جعبتها رؤية مختلفة تقدمها، تصل إلى حد الانفصال عن الواقع اللبناني المثخن بانقسام عمودي لا اجماع فيه حتى على فكرة مقاومة إسرائيل.
حرتقات «المستقبل» خلفنا
يقول قائد «السرايا» الحاج أبو رامي إنّ تجربة «القوات المشتركة» (بين أحزاب لبنانية وفلسطينية خلال الحرب اللبنانية) فشلت. والتعامل مع قوة العدو الإسرائيلي وتفوقه يتطلب شكلاً آخر من العمل، رغمّ أنّ «الجبهة كانت مفتوحة لمن يريد».
اعتاد الرجل البعيد عن الأضواء سماع الاتهامات عن تنظيمه. «حتى في عالم بالحزب ما بيقبضونا جدّ» يقول مازحاً. القائد الجهادي منغمس في تفاصيل عمل «السرايا» حتى تشعر أنه في عالم موازٍ لحرب الشائعات والتهويل ضدها. يتكلّم عن التدريب الاحترافي الذي يتلقاه عناصره، وعن الامكانات والخبرات التي يمتلكونها. «نحن تشكيل قائم من تشكيلات المقاومة، فيه كل الاختصاصات» يقول لـ«الأخبار». في العودة للكباش الداخلي، يضحك لدى ذكره طلب «المستقبل» من نواب حزب الله خلال جلسات الحوار الثنائية اقفال «ملف السرايا» مقابل اقفال التيار الأزرق ملفات أخرى. فتح البازار والمساومة على التنظيم يجعل «الحاج» مندهشاً من سذاجة من يدير رأس حربة 14 آذار.
ينقل عن السيد حسن نصرالله طلبه أن «لا تستمعوا إلى الحرتقات اللبنانية» في هذا المجال. «هذه المسألة خلفنا» بالنسبة لقائد «السرايا»، فـ«ما نعدّه ونواصل عملنا حوله أكبر بكثير من سوق بيع وشراء يُصرف في المستنقع الداخلي». في الكلام عن «سلاح الداخل» المستخدم في معركة عبرا ضد مسلحي الشيخ المسجون أحمد الأسير، واشتباكات داخلية أخرى من السعديات إلى الشمال، يكشف المسؤول للمرة الأولى عن مهمتين لتنظيمه: مواجهة التهديد الداخلي، والمساهمة في المواجهة الخارجية. بكل ثقة يقول: «أصبحنا في هذه الوجهة»، فعبارة «التهديد الداخلي» التي لم ترد سابقاً في أدبيات السرايا يحيلها إلى واقع مبتوت في زمان «مطلوب فيه رأس المقاومة وأنصارها في كل لبنان ومن كل الطوائف». أكثر من ذلك، يؤكد أن المواجهة الخارجية تنسحب أيضاً على «العدو التكفيري»، و«ما وجودنا الأساسي في جرود القاع ونحلة وبريتال (في البقاع) إلا ترجمة لذلك».
تمدّد «السرايا» على امتداد مساحة لبنان وفّر «تآلفاً مع بيئات أخرى وساعد المقاومة على تقوية عودها وطنياً وأمنياً». يروي قائد التنظيم عن ظواهر لافتة في الأيام الأولى من عمل السرايا. من «جوزيف» ابن كسروان الذي ترك بيته ووصل الى الضاحية قائلاً لمسؤوليه في «السرايا»: «علقت مع اخواتي وتركت كل شي وبدي اسكن هون»، إلى «الإخوان الأوائل في الجبل والعرقوب والشمال»… مروراً بقصص تآلف شباب من طوائف مختلفة (معظمهم يمارسون الشعائر الدينية) تحت خيمة واحدة وهم «يستغربون الظرف الذي هُم فيه».
في النهاية… بعض الجدّ على ملامح «الحاج» بعد «فاصل ترفيهي» عن حادثة بين رامي صواريخ ومساعده من «بيئتين» مختلفتين قبيل التحرير: في «السرايا» أكثر من خمسين ألف منتسب…