سذاجة فصل الإقتصاد الألماني عن الصين!
موقع الخنادق:
عقب التصريحات الأخيرة لوزير الاقتصاد الألماني، روبرت هايبك، المتعلقة بتخفيف العقود التجارية مع الصين، حملة من الانتقادات، قادها اقتصاديون المان وخبراء صينيون، بما وصفوه بـ “السذاجة” نظرا لارتباط الاقتصاد الألماني بنظيره الصيني. اذ وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى أكثر من 230 مليار دولار خلال عام 2021 فقط. حيث اعتبر هايبك خلال اجتماع مع نظرائه في مجموعة السبع الأسبوع الماضي، أن “السذاجة تجاه الصين قد ولّت”. وأعلن ان وزارته تدرس اتخاذ تدابير جديدة لجعل الأعمال التجارية مع الصين أقل جاذبية، بما في ذلك الفحص الدقيق للاستثمارات الصينية في أوروبا، حيث تسعى لتقليل اعتمادها على السوق والمنتجات الصينية.
ضمن هذا الاطار، تتحدث صحيفة “غلوبال تايمز” الصينية عن هذه التصريحات واصفة أياها بـ “غير المهنية” ولا معنى لها. ليس من غير المنطقي فحسب، بل إنه أقل شأناً، أن يعترف وزير الاقتصاد بأن بلاده كانت ذات يوم “ساذجة” واستفادت منذ فترة طويلة من هذه “السذاجة”.
مثلاً، لنأخذ تصنيع السيارات، الركيزة الرئيسية للاقتصاد الألماني، على سبيل المثال، تمثل مبيعات فولكس فاجن في الصين 49% من إجمالي مبيعاتها، بينما تمثل أودي ومرسيدس بنز وبي إم دبليو على التوالي 42% و36% و34%. وهو وضع مشابه لشركات مثل Bayer وBASF وSiemens والعديد من الأبطال المخفيين الألمان الآخرين.
ماذا يعني هذا لألمانيا؟ الجواب هو أن السوق الصينية تحرص على ألا تضطر الشركات الألمانية الكبرى إلى التنافس بجدية مع بعضها البعض. بالإضافة إلى ذلك، لا يزال بإمكان الموظف الألماني العادي الذي يعمل 35 ساعة في الأسبوع أن يضمن أجورًا ومزايا عالية، وهناك مكانة أقوى للصناعة التحويلية الألمانية تُعرف باسم “مصنع جميع المصانع”. في الوقت نفسه، يأتي أكثر من عُشر واردات ألمانيا من الصين، وبالتالي يمكن للألمان شراء الكثير من السلع الرخيصة والعالية الجودة. ليس من الصعب معرفة هذه الأشياء، حيث يجلب السوق الصيني فوائد عملية للألمان.
في الواقع، حتى بعض وسائل الإعلام الغربية التي تحاول تضخيم تصريحات هابيك كان عليها أن تذكر أن الصين كانت أكبر شريك تجاري لألمانيا على مدى السنوات الست الماضية على التوالي، حيث وصلت التجارة الثنائية إلى 235.12 مليار دولار في عام 2021، بزيادة 22.5% على أساس سنوي. في النصف الأول من عام 2022، وصل الاستثمار المباشر لألمانيا في الصين إلى مستوى قياسي بلغ 10 مليارات يورو، كما زادت الواردات من الصين بنسبة 46% على أساس سنوي. يفسر هابيك وأمثاله عمداً “التكامل” بين الاقتصادين الصيني والألماني على أنه “اعتماد ألمانيا المفرط على الصين”، الأمر الذي يتجاهل حقيقة أنه في سياق العولمة، فإن السلسلة الصناعية مترابطة ويساهم الاعتماد المتبادل في استقرار العلاقات الثنائية. على العكس من ذلك، فإن “الفصل” القسري لأسباب أيديولوجية سيؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار وعدم اليقين.
وتقول غلوبال تايمز، إن ماضي وواقع التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين وألمانيا يجعل هابيك وأمثاله، الذين يدافعون عن سياسة “ليست ساذجة” تجاه الصين، يبدون “ساذجين” إلى حد ما. هذا هو السبب في أن العديد من المنظمات الصناعية مثل الرابطة الألمانية لصناعة السيارات ورابطات أرباب العمل في الصناعات المعدنية والكهربائية والعديد من الشركات الألمانية انتقدت هذه الخطوة صراحة، قائلة إن تدهور التعاون الاقتصادي والتجاري مع الصين “ساذج وقاتل سياسيًا واقتصاديًا”. يواجه الاقتصاد الألماني الحالي بالفعل صعوبات، ومن شأن نهج هابيك، الذي يتعارض بوضوح مع المصالح الوطنية لألمانيا، أن يجعل الناس أكثر قلقًا بشأن الاقتصاد الألماني تحت قيادته.