سجن أريحا: سياسة السلطة الفلسطينية الممنهجة لتدمير الأسير نفسياً
موقع الخنادق:
29 عاماً مرّت على توقيع رئيس منظمة التحرير الفلسطينية الراحل ياسر عرفات لاتفاق “أوسلو” مع كيان الاحتلال وشخص رئيس الوزراء آنذاك شمعون بيريز في العاصمة الأمريكية واشنطن. قامت من بعدها السلطة الفلسطينية على أساس التنسيق الأمني مع الاحتلال ومنع العمليات العسكرية. وقد قمعت كلّ أشكال الاعتراض على خياراتها ورفضت انتقادها. وقد شكّل أمن ومخابرات السلطة الأدوات لتكثيف هذا القمع والاعتقال السياسي بحق المعارضين. كما شكّلت سجون السلطة، الى جانب سجون الاحتلال، أداة لإخماد محاولات التمرّد على الوضع القائم.
اليوم، تعتقل السلطة الفلسطينية 29 أسيراً على خلفية سياسية، يتوزّعون على سجونها كافة. وأسوء هذه السجون هو سجن “أريحا” المركزي الذي يوصف بـ “المسلخ” لشدّة ما يتعرّض له الأسير من تعذيب ومن سياسة ممنهجة في التحطيم النفسي.
يقع هذا السجن في منطقة “شفا الغور” بأريحا، وفيه قسمان، واحد للرجال وآخر للنساء. تحتجز فيه السلطة الفلسطينية المعتقلين على خلفيات جنائية وسياسيّة.
ومن أبرز أساليب التعذيب فيه:
_ الضرب والاعتداء الجسدي بطرق مختلفة
_ العزل الانفرادي
_ حرمان من الطعام والماء والمرحاض
_ منع التواصل مع المحامي أو العائلة
_ تهديدٌ بالاغتصاب والانتهاكات الجنسية
وتوضح شهادات سابقة لأسرى محررين من سجن “أريحا”، ذكرها الاعلام الفلسطيني، حجم التعذيب الذي يتعرض له المعتقلين، وهو يخالف كلّ ما نصت عليه القوانين والاتفاقيات التي ترعى حقوق الانسان.
بمجرد وصول المعتقل لسجن أريحا، تُغطّى عيناه وتُكبّل يداه للخلف، ويعتدى عليه بالضرب المبرح من عدد من عناصر المخابرات. ويصبح الدوس بالأقدام على أنحاء جسد الأسير كافة عملاً روتينياً في الصباح والمساء. اذ يُسمع في كل وقت وعلى مدار اليوم صراخ أسرى يُعذبون، بحيث يبقى الجميع في حالة من التوتر والخوف.
ويروي أحد الأسرى في رسالة الى عائلته أنه “يتعرض للضرب، ويجبر على الوقوف لفترات طويلة مع حرمانه من النوم لأيام متتالية، ويشارك في تعذيبه أفراد الأمن بالسجن معهم مدير السجن شخصياً، وذلك لإجباره على الاعتراف بتهم لم يقم بارتكابها”. وذكر أيضاً أنه “محتجز في زنزانة ضيقة مساحتها متران في متر بلا فرش أو وسادة أو غطاء فضلا عن كونها باردة جدا، وإن أحد المحققين في السجن يقوم بحقنه بمادة مجهولة أربع مرات يوميا رغما عنه”.
وفي شهادات أخرى، قال الأسرى المحررون أنه يجري تكبيل اليدين الى الخلف وتعصّب العينان وتوضع عصى حديدة عريضة بين الركبتين لإبقاء الأرجل مفتوحة، ويترك الأسير داخل الزنزانة لساعات طويلة على هذه الحالة. وهذه الزنازين تكون مراقبة بالكاميرات؛ بحيث إذا حاول المعتقل تغيير وضعيته وإراحة نفسه، يدخل عليه مباشرة أحد العساكر، وينهال عليه بالضرب، ويعيده إلى وضعيته السابقة. وفي زنازين أخرى صغيرة جداً، يوضع الأسير ويتم تعريضه لضخّ هواء بارد ويمنع عليه النوم ويبقى على هذه الحالة عدّة أيام.
وفي بعض الأحيان يعلق الأسير من يديه وهما مكبلتان للخلف لساعات طويلة، ويعتدى عليه بالضرب، أو يترك بهذه الوضعية لساعات طويلة وقد يرفع أحد العناصر اليدين بشكل حاد ما يتسبّب بآلام شديدة الأسير تستدعي العلاج فيما بعد. كذلك ويتعرض المعتقل للسب والشتم، ويجبر على التلفظ بألفاظ لإهانة وسب وشتم نفسه.
وفي بعض الحالات يُوقف عناصر السجن المعتقل أمام جدار وهو مغطى العينين ومكبل اليدين للخلف، ويطلب منه أن يصعد على الدرج أو السلم، وفي الأساس لا يوجد درج ولا سلم، إنما حائط فقط، وبعد ذلك يعتدى عليه بالضرب.
تنظّم الجمعيات والجهات الفلسطينية المعنية بشؤون الأسرى الوقفات والاحتجاجات ضد ممارسات السلطة في سجن “اريحا” لكنّ آذان المجتمع الدولي صمّاء عن معاناة الشعب الفلسطيني، الا من بعض البيانات الاستنكارية أو تحميل مسؤولية حياة الأسرى للسلطة لمن تبقى كلّ هذه خطوات شكلية لا تؤمّن الضغط الكافي لتخليص أسرى “أريحا” من معاناتهم.