ستة أسباب إسرائيلية تدعو لتخريب سوريا
لا زال الجدل قائما حول إعطاء “الحرب على سوريا” عنوان يتلاءم مع حجم الهجمة والاسباب الحقيقية لما يجري.
فريق يقول إنها عملية تغيير إيجابية بملحقاتها السلبية وفريق آخر يراها حرب إرهابية يقودها “الارهاب متعدد الجنسيات”، ولكن لو درسنا التصريحات والأدوات والهجمات والتطهير المذهبي والعرقي وحجم المشاركة الاقليمية والدولية لاتضحت الصورة ولاكتشفنا انها حرب جيوسياسية لا علاقة لها بالحرية وبالديموقراطية وما الارهاب الا إحدى الادوات. من هو الغبي الذي يمكن ولو للحظة ان يصدق ان داعش والنصرة وآكلة لحوم البشر يمكن ان يجلبوا حرية وديموقراطية؟
هناك ستة أسباب جيوسياسية تدعو لتخريب سوريا بما تمثله على مستوى “توزيع القوة” والحفاظ على “الوضع الراهن”:
1- إجراء عملية تغيير واسعة تطال “الوضع الراهن” الاقليمي من خلال إجراء تغييرات جيوسياسية على امتداد الجغرافيا السورية بكل مكوناتها الاقتصادية والعسكرية وبالاخص على المستوى الديموغرافي يقسم سوريا الى كانتونات مذهبية وطائفية تعزز موقع القوى المستوردة من الخارج ويمزق القوى الوطنية، واستبدال النظام السيادي القائم بنظام في أحسن أحواله تابع فتفقد سوريا موقعها المتقدم في “توازن القوى” وقدراتها في المواجهات الاستراتيجية المحتملة ودورها كلاعب جيوسياسي، وبالتالي ترتاح “اسرائيل”.
2- نقل سوريا من موقعها الطبيعي والقوي جدا كـ “ركيزة من ركائز محور المقاومة” ودولة نشطة جيوستراتيجيا ولاعب جيوسياسي على مستوى “توزيع القوة” الى دولة هامشية لا تحل ولا تربط يقودها مجموعة من المرتزقة المستوردين من الخارج يؤسسون للاستراتيجية العسكرية اللبنانية المشؤومة “سوريا قوية بضعفها” ويصبح النشيد الوطني السوري “عاشت السعودية” ويزحفون لاقامة سلام ثنائي منفرد مع الكيان الصهيوني، فترتاح “اسرائيل”.
3- تقطيع أوصال محور المقاومة الممتد من إيران الاسلامية الى لبنان الذي صنع الانتصارات بعد عقود من الهزائم والنكسات والنكبات، وقطع طريق الامداد وأحد أسباب القوة عن حزب الله بحكم ان سوريا هي الرابط الجغرافي وحامي ظهره، تقوم على أثر هذه التغييرات كلٍ من الولايات المتحدة والناتو وإسرائيل ودول عربية فاشلة بمراقبة كل شيء يتحرك في لبنان من البحر والبر والجو، فترتاح “اسرائيل”.
4- عزل ايران الاسلامية عن العالم العربي كمقدمة لصراع طويل – ليس بالضرورة صدام – هدفه اشغال ايران عن القضية الأساسية، يأخذ هذا الصراع مجموعة مسميات منها فارسي – عربي او صفوي – عربي او شيعي – سني، بديلا عن الصراع العربي – الاسرائيلي، فترتاح “اسرائيل”.
5- إقامة خط الامداد بالغاز الطبيعي قطر – تركيا عبر سوريا بديلا عن خط الغاز ايران – سوريا عبر العراق. الخط القطري يسلب سوريا مكون جيوسياسي اضافي يمنحها اياه الخط الايراني. بدلا من ان تكون سوريا مركز توزيع، المشروع القطري يجعلها نقطة عبور – ترانزيت لا قيمة لها على المستوى الجيوسياسي، فترتاح “اسرائيل”.
6- اصدار قرار عن جامعة الدول العربية الفاقدة للشرعية يصنف حزب الله “منظمة ارهابية” على غرار قرار مجلس التعاون الخليجي، وانه حزب صفوي فارسي خارج عن القانون الدولي وخارج على القانون اللبناني، ويطالب ايران بالكف عن التدخل في الشأن العربي وان القضية الفلسطينية قضية عربية بحتة لا شأن لايران بها، فترتاح “اسرائيل”.
عندها يتحقق مشروع الشرق الاوسط الجديد لشيمون بيريز والذي تبنته كونداليسا رايس خلال حرب 2006 علما ان المشروع عمره مائة عام وهو “الكومنولث الشرق اوسطي” لمؤسس الليكود فلاديمير جابوتنسكي، فتأتي اللحظة الحرجة وتسقط القضية الفلسطينية نهائيا من قاموس المجتمع الدولي والعربي ويتحول فلسطينيي المهجر الى لاجئين بلا هوية وطنية وتصبح قضية توطينهم حيث هم لاسباب انسانية “أمر واقع” والشرق الاوسط ملكاً لاسرائيل، ولكن …..
رضا حرب – باحث في الجغرافيا السياسية – موقع قناة العالم