زيارة وفد الكونغرس إلى سورية تصعيد واضح ضدّ الجيش السوري
جريدة البناء اللبنانية-
رنا العفيف:
زيارة وفد الكونغرس الأميركي القصيرة، والمكوّن من ثلاثة نواب بينهم عضو الحزب الجمهوري فرانش هيل، والتي شملت جولة في معبر السلام الحدودي مع تركيا، تأتي تزامناً مع التصعيد الميداني ضدّ الجيش السوري وحلفائه، كيف تفهم هذه الزيارة في ظلّ التصعيد الميداني؟
هذه الزيارة لا شك أنها تنمّ عن تقارب تركي أميركي، لأنّ الزيارة تمّت من مناطق ما يُسمّى الحكومة المؤقتة وكان الاجتماع للوفد مع رئيس الحكومة المؤقتة، استناداً لتفقد معبر السلام وهو معبر رئيسي كانت تدخل منه الوفود الأميركية وكذا معبر باب الهوا، لا سيما أنّ التنسيق يتمّ مع الجولاني، ورأينا الوفد الفرنسي الأخير الذي زار منطقة إدلب تحت عنوان فرنسي، وهو في حقيقة الأمر كان وفداً أمنياً فرنسياً بمستوى عال، وبالتالي ربما هذه الزيارة أتت ضمن تنسيق بالإشارة إلى الرضى الأميركي عن ملف شمال سورية، بعد أن كان هناك خلافات أساسية في الدور التركي، يتعلق بشمال شرق سورية، أو دور قسد لنقل وتركيا، اليوم نسمع لهجة جديدة تتعلق في هذا الملف مع زيادة التنسيق والدعم والبحث عن إمكانية تقديم المساعدات الإنسانية والبنى التحتية، أيّ إعادة تدوير أدوات التمكين كما في السابق، عبر ما يُسمّى هيئة تحرير الشام، أيضاً يمكن القول بأنّ دلالات هذه الزيارة تفهم في السياق على أنّ الولايات المتحدة تريد كسب ودّ تركيا من جديد في أكثر من ملف، خاصة أنّ الحكومة المؤقتة لم تتجرّأ على الدخول على الشمال السوري، لأنها تحتاج إلى عشرات الموافقة من قادة فصائل المجموعات الإرهابية التي تدعمها أميركا وبالتالي دخول رئيس الحكومة المؤقتة برفقة الوفد الأميركي، دليل على أنّ هناك تنسيقاً تركياً بالتوازي مع زيارة التنسيق الأمني العسكري الاستخباري الأميركي والفرنسي مع الجولاني…
في مقابل ذلك قسد تتحدث عن انطلاق عملية أمنية بمنطقة دير الزور شرق سورية بدعم من التحالف الدولي، ومع ذلك النظام التركي يأخذ بعين الاعتبار بأنّ هذا الدعم الأميركي لا يصبّ في الجولاني والفصائل المدعومة تركياً بل أيضاً بالخصم الأساسي وهنا نتحدث عن قسد، بعد كلّ ما يحدث في سورية باستثناء موضوع الجزئية المتعلقة بقسد، كانت هناك خلافات في الإتفاق بين الأميركي وكلّ ما يحدث في سورية، إلا أنّ تركيا والاتفاقيات الأخيرة ضمن الخطة الأميركية التي سعت إليها لإغلاق معبر الحدود السورية العراقية، كان هناك اتفاق بين تركيا والولايات على أن تطلق يد تركيا في الشمال السوري، وبالتالي تزيح سيطرة قسد على ما تبقى من مناطق ملاحقة للحدود السورية، لكن أحد أسباب فشل الخطة هي رفض قسد الدخول في هذا المشروع، تحسّباً لخسارتها المدن والمراكز والبنية التحتية التي أقامتها والتي تؤهّلها في الشمال لتكسب في الجنوب، لتكون كيانا ربما انفصاليا، وكذا ستخسر المدن الرئيسية مثل الحسكة والقامشلي وبعض القرى على امتداد الشريط الحدودي، لأنّ الشريط الأمني التركي سيتمدّد على كامل الحدود السورية التركية بعمق 35 كم…
وطبعاً النوايا الأميركية أو الوفد الكونغرس الأميركي في ظلّ التحشيد الكبير وكذا الاحتكاك الأميركي الروسي وما نشهده تحديداً يعني من تنظيمات موالية للقاعدة ولهيئة تحرير الشام، أعلن نائب رئيس مركز المصالحة الروسية فاديم كوليت، أنّ طائرة مُسيّرة تابعة للتحالف الأميركي اقتربت بشكل خطير من طائرة روسية من طراز تو 35 في سماء سورية وكانت تقوم برحلة مجدولة على طول الحدود الجنوبية السورية، وبالتالي هناك أحد عشر انتهاكاً للبرتوكولات تمنع اصطدام ارتكابها، وبحسب مسؤول روسي قال إنه جرى تسجيل سبعة عشر خرقاً في منطقة التنف خلال النهار من قبل أربع مقاتلات من طراز أف 35 وطائرتين من طراز أف 16 وطائرتي تايو وثلاث طائرات مُسيّرة متعددة الأغراض من طراز «أم كي وان سي»،
وفي السياق ذاته نفى رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأميركي الجنرال مارك ميل زيارة قوات بلاده إلى سورية محذراً من طبيعة التهديدات القائمة في الشرق الأوسط معتبراً أنها ستعكس على حجم القوات الأميركية أو تقليصها في المنطقة، ما يعني أنّ كلّ ذلك مرتبط بالفرملة التي أصابت ربما حركة الإنفتاح العربي على دمشق، إذ واشنطن تمكنت بفعل العقوبات المفروضة على سورية والتهديدات تقديم ربما مسارات تشريعية، لتثبيت ربما عزلة دمشق، وقد لا تتمكن من هذا نظراً لجزئية التصعيد والخروقات والإحتكاك الأميركي الروسي وإلى ما هنالك من تصعيد تجاه الجيش السوري وحلفائه، وذلك لإصدار قانون مناهض للانفتاح على سورية، وبالتالي نحن أمام مرحلة حاسمة ميدانية وعسكرية قاسية مقابل إعادة تشغيل المجموعات الإرهاربية التي ترعاها أميركا لأنها تخشى المواجهة المباشرة مع الجيش السوري وحلفائه حتى باتت عقدة الصراع في هذه المنطقة محصورة بمعركة الحدود أو المعابر لإعاقة الحلول السياسية في سورية والمنطقة لإعادة إحياء المشروع الأميركي القديم وخلط الأوراق من جدديد لكسب نقاط سياسية في ظلّ تقليص نفوذها أو دورها في المنطقة.