زيارة العلولا إلى لبنان: محاولات مكشوفة لتعويم حلفاء السعودية وتحسين وضعهم الانتخابي
موقع العهد الإخباري ـ
حسن سلامة:
يجمع معظم المتابعين لزيارة الموفد السعودي إلى لبنان قبل أيام ولقاءاته مع الرؤساء ميشال عون، نبيه بري وسعد الحريري وبعض الحلفاء، أن هذه الاستفاقة المفاجئة لولي عهد السعودية محمد بن سلمان على الوضع اللبناني بعد ما شهدته هذه العلاقة قبل قرابة الثلاثة أشهر من التهديد والوعيد، انتهت باحتجاز رئيس الحكومة سعد الحريري واضطرار ابن سلمان لإطلاق سراحه تحت وطأة الموقف اللبناني الحاسم، لا يراد منها تصويب سياسة الرياض الفجة تجاه لبنان، إنما هي محاولة لعودة السعودية للإمساك ببعض الأوراق في لبنان في سياق المشروع الأميركي الذي تنخرط به الرياض، وبالتالي هو محاولة الحد من الخسائر التي مني بها هذا المشروع بعد فشله في ضرب قوى المقاومة أو إضعافها، بدءاً مما يشكله حزب الله من موقع متميز داخل قوى المقاومة.
وبدا واضحا، وفق مصادر سياسية مطلعة على أجواء زيارة الموفد السعودي لكل من الرئيسين عون وبري، أن هاتين الزيارتين لم تكونا اكثر من رفع عتب للتغطية على ما سعى إليه الموفد السعودي بطلب من ولي عهده محمد بن سلمان، وهو محاولة إعادة تيار المستقبل الى “الحظيرة السعودية” وبما يؤدي إلى تعويم ما تبقى من قوى 14 آذار، بمعنى أن زيارة العلولا الى لبنان كانت بهدف لقاء الحريري لدعوته لزيارة الرياض ولقاء ملك السعودية وولي العهد وإعطائه التوجيهات التي ترغب بها الرياض بما يؤدي الى تحقيق هدف الزيارة، بالإضافة إلى توجيه رسائل للحلفاء حول الموقع المتميز الذي تنظر إليه السعودية بالنسبة لرئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع؛ وهو الأمر الذي يمكن ملاحظته من خلال ما قاله العلولا عن جعجع عندما اعتبر “أن ذهابه إلى معراب كأنه يذهب الى بيته” وتناول عشاء مطولا مع جعجع.
ولهذا توضح المصادر أن الهدف الأول والأخير من زيارة العلولا الى لبنان هو الآتي:
1 _ السعي لإعادة “تيار المستقبل” ورئيسه إلى تحت المظلة السعودية عشية إجراء الانتخابات النيابية، عبر ممارسة الضغوط والترغيب لتحقيق هذا الهدف، وبالتالي محاولة ابن سلمان إصلاح العلاقة مع الحريري بعد الفشل في إحداث انقلاب داخل تيار المستقبل عندما احتجز الحريري في الرياض وجرت محاولات للإتيان بشقيقه لرئاسة المستقبل.
2 _الدفع لإعادة تعويم ما تبقى من قوى 14 آذار، بما يؤدي الى التحالف بين المستقبل و”القوات اللبنانية” على مستوى الانتخابات في المرحلة الأولى، وهو الأمر الذي اعترف به المسؤول في “القوات” وهبي قاطيشا بقوله إن “العلولا نصح الحريري بالتحالف مع حزبه”، مقابل السعي لـ”فرط” تحالف المستقبل مع التيار الوطني الحر في الانتخابات وغيرها.
3 _ دفع رئيس المستقبل الى تصعيد مواقفه ضد العهد ممثلا برئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وكذلك في وجه المقاومة، بما يؤدي إلى فك العلاقة التي تجمع الحريري مع الرئيس عون، الى التحريض ضد المقاومة خاصة ضد حزب الله مباشرة.
4 _ ” شدشدة” عصب حلفاء السعودية داخل الطائفة السنية، بما يؤدي الى تصويب العلاقة بين هذه القوى خاصة بين المستقبل وكل من الوزير السابق أشرف ريفي والرئيس نجيب ميقاتي وصولا الى محاولة تعويم فؤاد السنيورة في ظل مؤشرات لإبعاده من لائحة المستقبل في الانتخابات النيابية.
وفي معلومات المصادر أن “العنوان الأول لتحقيق هذه الأهداف التي تسعى إليها السعودية سيكون في تمويل حلفائها ماليا لخوض معاركهم الانتخابية ومحاولة تحسين نتائج الانتخابات لهؤلاء الحلفاء في ظل ما يجري تداوله من معطيات واستطلاعات تؤكد تراجع حصة هؤلاء في انتخابات السادس من أيار.
وترى المصادر أن ابن سلمان رغم أزماته الاقتصادية، إلا ان ما جمعه من عشرات مليارات الدولارات مؤخرا بعد احتجاز مئات المتمولين الكبار من آل سعود وغيرها تحت عنوان “مكافحة الفساد” يمكنه من تمويل حلفائه في لبنان.
لكن السؤال الآخر، هل تتمكن السعودية من تحقيق ما تسعى إليه؟
المصادر تدعو للانتظار بعض الوقت إلى حين تبيان “الخيط الأبيض من الخيط الأسود” لنتائج لقاءات الحريري في السعودية خاصة مع محمد بن سلمان، إلا أنها تؤكد أن كل هذا “الحشد السعودي” لمحاولة جمع حلفائها وتعويمهم، لن يؤدي الى إحداث تغييرات في المشهد اللبناني عموما وفي نتائج الانتخابات خصوصا، اولا، لان ليس في استطاعة الحريري إحداث انقلاب في توجهاته التي درج عليها في الفترة الأخيرة، خاصة انه يرغب بالعودة الى رئاسة الحكومة بعد الانتخابات النيابية، وثانيا ان تغيير المستقبل في تحالفاته الانتخابية لن يؤدي الى تحسين حصص حلفاء السعودية مهما استخدم من مال انتخابي لاعتبارات عديدة منها طبيعة قانون الانتخابات ومنها تراجع حضور حلفاء الرياض على المستوى الشعبي، وثالثها انه ليس من السهل عودة الكيمياء بين الحريري وجعجع بعد خيانة الأخير للأول، مهما استخدمت السعودية من أدوات الترهيب والترغيب.