زلزالُ تركيا وسوريا واختلافُ المعايير الإنسانية
صحيفة المسيرة اليمنية-
د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي:
إنَّ ما حدث في تركيا وسوريا؛ بسَببِ الزلزال المدمِّـر يفرِضُ على الجميع التعاطُفَ مع الضحايا والترحُّمَ على من قضى نحبه، والدعاءَ للمصابين بالسلامة.
ولكن كشف لنا هذا الحادثُ الأليمُ اختلافَ المعايير الإنسانية لدى الغرب، وخَاصَّة أمريكا، ومدى تأثير المواضيع السياسية على هذه المعايير، وقد لفت نظرَ الجميع التحَرُّكُ السريعُ من قبل معظم الدول لتقديم المساعدات الإنسانية وإرسال فرق الإنقاذ بمختلف أنواعها إلى تركيا؛ للتخفيف من آثار الزلزال، كما أعلنت الكثير من الدول التزامَها بتقديم المساعدة لمواجهة أوضاع ما بعد الزلزال، وهذه المواقفُ إيجابيةٌ ويجبُ على الجميع اتِّخاذُ مثل هذه المواقف.
كنا نتمنى أن تسري هذه المعاييرُ على سوريا كما سرت على تركيا، فبعدَ مرور عدة أَيَّـام ما زلنا نسمعُ في مختلفِ المناطق السورية المناشداتِ من قبل المسؤولين للعالم لتقديمِ المساعدات الضرورية التي يحتاجُ اليها المتضررون، ولكن لم تبدأ هذه المساعداتُ تدخُلُ المناطقَ السوريةَ إلَّا في اليومِ الخامس برغم أن الكثيرَ من الدول كانت قد أعلنت أنها أرسلت أَو أنها تستعدُّ لإرسال المساعدات اللازمة.
وتتحمَّلُ العقوباتُ التي أقرتها الأممُ المتحدة على سوريا المسؤوليةَ الرئيسية في تأخير وصول المساعدات للمتضررين من الزلزال، إلى جانب العقوبات التي أقرتها أمريكا تحت اسم (قانون قيصر)، وتتحدث أمريكا والأمم المتحدة بأن هذه العقوبات لا تشمل المساعدات الإنسانية، وتوالت الإعلاناتُ من كثيرٍ من الدول أنها على استعدادٍ لإرسال مساعدات وفرق إنقاذ إلى مطارات سوريا عندما تسنحُ الفرصة، وكان الوقت يمر والناس ينتظرون، والأملُ بإنقاذ ناجين يتضاءل، ولا أحد يعلم ما هو سبب ذلك!
وفي اليوم الخامس، أعلنت أمريكا تعليقَ بعض العقوبات على سوريا، وبذلك انفرجت الأزمة وبدأت المساعداتُ بالتدفق على سوريا، وهذا يؤكّـدُ أن العقوباتِ الأمريكيةَ كانت السببَ في موتِ الكثيرِ من السوريين؛ نظراً لعدم وصول المساعدات وفرق الإنقاذ في الوقت المناسب، كما يؤكّـدُ التصرُّفُ الأمريكي أن المعيارَ الرئيسيَّ للحصول على المساعدات الدولية هو الولاءُ لأمريكا، ومَن لا يسير في ركبها لا يستحقُّ العيش.
ولا ننسى أن نشيرَ إلى أن بعضَ الدولُ تمكّنت في الأيّام الأولى من تخطِّي حاجزِ العقوبات الأمريكية وسارعت بإرسال مساعداتٍ إنسانيةٍ وفرق إنقاذ إلى سوريا، منها العراق وإيران والجزائر وروسيا؛ ولهذا يجبُ أن يعرفَ الجميعُ أن أمريكا لا يعنيها الإنسانُ لذاته، وما يعنيها هو الإنسانُ الموالي لها فقط.