رولان دوما: الانتخابات في سورية أمر جيد والموقف الفرنسي منها مثير للسخرية
وكالة الأنباء السورية ـ سانا:
انتقد وزير الخارجية الفرنسي الأسبق رولان دوما الموقف الفرنسي المسبق من الانتخابات الرئاسية في سورية وقال “إنني غير متفاجئ من هذا الموقف إذ انني أعرف وأرى ومتأكد بأنه منذ عدة أشهر والموقف الفرنسي مثير للسخرية في هذا الموضوع.. إنه مثير للسخرية أن تقف الحكومة الفرنسية إلى جانب معسكر وتتدخل في منازعات ليس لها أن تتدخل بها”.
وأضاف دوما في مقابلة مع مراسلة سانا في باريس.. “أريد أن أذكركم بأن تلك الأشياء للأسف تفاقمت وأن فرنسا اتخذت مواقف غير مقبولة إنني أتذكر قول وزير خارجية الحكومة الفرنسية على التلفاز الفرنسي عندما قال يوماً.. يجب على الرئيس الأمريكي أن يذهب هذا مثال جديد مثير للسخرية”.
واكد وزير الخارجية الفرنسي الاسبق ان اجراء الانتخابات الرئاسية في سورية “أمر جيد” وقال.. “بكل الأحوال كان يجب إجراؤها في وقتٍ ما.. إذ ان الحل العسكري لا يكفي لحسم الأمور ويجب إعطاء الكلمة للشعب.. ولدي الشعور حاليا بأن الحكومة السورية ناضلت من أجل أن تدافع عن مؤسساتها وهي تستعيد السيطرة على الأراضي السورية وعلى الأغلب ستحدث مفاجآت خلال الأسابيع القادمة فإذا تلك الانتخابات من المؤكد أنها ستنتقد ولكنها أمر جيد والوقت مناسب من أجل استشارة الشعب السوري”.
ووصف دوما قرار الحكومة الفرنسية بمنع المواطنين السوريين على أراضيها من ممارسة حقهم في الانتخابات الرئاسية بأنه سياسي ويستحق الانتقاد وقال.. “بما أنه سياسي فإنه يدخل في سياق المنطقة وفي سياق العلاقات الحالية بين سورية والغرب وهو قرار يستحق الانتقاد لسببين اولهما قانوني سياسي دولي لأنه من غير المقبول قانونياً وسياسياً أن تتخذ الحكومة الفرنسية مثل ذلك القرار لأن التصويت الرئاسي في السفارة حق معترف به منذ زمن طويل وإجراء رسمي يجري في كل سفارات دول العالم وهو حق للشعوب ممارس دولياً على نطاق واسع وهو من الأعراف الدولية والدبلوماسية ولا ينبغي مطلقاً استخدام مفهوم الحظر كلما كان هناك نزاع بين أي بلدين.. الحكومة الفرنسية تغير القوانين والمفاهيم والأعراف الدبلوماسية الدولية تبعاً لتغير مصالحها ورغباتها”.
واضاف دوما “اذا على المستوى السياسي فإن ذلك القرار غير مقبول حكماً كما أن ذلك القرار عليه إشكال كبير على الصعيد القانوني لأنه يخالف القواعد الدولية الآمرة التي تمت الموافقة عليها عبر المعاهدات الدولية”.
وتابع دوما قائلا “اما السبب الثاني فهو أخلاقي حيث انه من وجهة نظر الأخلاق والأعراف الدبلوماسية الدولية يعتبر قرار الحكومة الفرنسية تدخلا غير مقبول بالشؤون الداخلية السورية” متسائلا.. “باسم من تسمح فرنسا لنفسها بالتدخل في سورية وبأي حق ترفض الحكومة الفرنسية أن يصوت المواطنون السوريون لانتخاب رئيسهم كما تنتخب كل الشعوب المتحضرة في العالم”.
كما وصف القرار الفرنسي بانه “انتهاك للقانون الدولي” وقال.. “بل هو أكثر من ذلك.. هو انتهاك للممارسات والأعراف الدولية التي تأسست وعملت بها الدول منذ زمن طويل ولا يحق مطلقاً لأي دولة في العالم تغيير القواعد القانونية الراسخة الحاكمة بين الدول بسبب وجود خلاف بين بلدين وإلا فإن ذلك يعني أن عدداً كبيراً من الدول التي تجري معها نزاعات خارجية أو داخلية ستغير كل القواعد القانونية والأعراف السياسية الراسخة”.
وردا على سؤال حول وجود تناقض اليوم بين قيم الشعب الفرنسي التي ناضل من اجلها وبين الاجراءات التي تتخذها الحكومة الفرنسية الحالية التي تمنع السوريين من حقهم باختيار رئيسهم قال دوما.. “إنني أؤيد هذا الرأي ولقد شرحته على مستوى الحقوق وقواعد القانون الدولي وكذلك على مستوى القانون الفرنسي الداخلي إنه قرار مؤسف ومخجل جداً، وأرى أنه يمكن أن ينتج عنه انتهاكات أخرى وهو مخالف بشكل كبير لكل ما تمثله السياسة الدولية لفرنسا وأقصد هنا فرنسا ثورة عام 1789.. فرنسا الانتخابات.. فرنسا حق الشعب.. وبالتالي فإن هذا الإجراء غير متسق مع الحقوق والأعراف”.
وحول تقييمه لدور الاعلام الفرنسي ازاء ما يجري في سورية بين وزير الخارجية الفرنسي الاسبق أن “وسائل الإعلام مسؤولة عن تشويه حقيقة الأحداث في سورية” وقال “إذا نظرت إلى الصحف الفرنسية ونشرات الأخبار في التلفزيون الفرنسي فان الأخبار التي تأتي عن سورية دائماً هي نفس الصور التي تمرر ويعاد نشرها مئات المرات وحتى آلاف المرات وكان لدي فضول لتتبع كل شيء يخص سورية وتابعت ذلك على وسائلنا الإعلامية ومؤسف جداً أن الوسائل الإعلامية الموضوعة تحت تصرف الدولة أو الحكومة من أجل إخبار حقيقة الأحداث في أي مكان بالعالم تمارس تلك المنهجية في تكرار الحقائق المشوهة”.
وبشأن المخاوف التى تتسع رقعتها لدى حكومات الدول الأوروبية من عودة ما يسمى “الجهاديون الأوروبيون” من سورية إلى بلادهم قال دوما.. “إنه من المؤكد أن هؤلاء الأشخاص الذين يذهبون ويجيئون والذين تتولى أمورهم منظمات يمكن أن يخلقوا مشكلة أمنية واعتقد أن الحكومة الفرنسية تجهز نفسها بشكل سيئ فقد رأيت القصة التى جرت خلال الأيام الأخيرة مع مغادرة اخت المتطرف محمد مراح المسؤول عن هجوم تولوز في فرنسا عام 2012 التي كانت هنا والتي يقال انها كانت مراقبة ولكنها تمكنت من الذهاب إلى سورية دون ان يلاحظ احد ذلك لذلك يمكنني أن أقول إن وراء ذلك يوجد دعاية بروبوغاندا لانه اذا كانت الامور مسيطرا عليها كما يدعون فان الاشياء لا تحدث بتلك الطريقة”.
ورأى الوزير الفرنسي الأسبق أنه “لا يجوز خلق تعليقات حول هؤلاء الذين يغادرون والذين يعودون واشغال الرأي العام الفرنسي بهم عن الخطر والمشاكل الحقيقية التي يعاني منها الشعب الفرنسي” معتبرا أن “فرنسا ستكون غدا في خطر”.
وابدى دوما في ختام المقابلة اعجابه بالشعب السوري قائلا “تعرفون أنني معجب كثيراً بالشعب السوري لقد التقيت بعدة مناسبات مع ممثلين من الدولة السورية.. إنني أكن صداقة كبيرة لكل الشعب السوري وأتمنى له أن يحقق سريعاً الأمن والسلام في بلده لأنه لا يوجد مستقبل طالما هناك حرب ..وأنا بهذا المعيار أجد ان البلد مدارة بشكل جيد وأنا واثق من النتيجة.. وأبعث بأطيب تمنياتي بالسلام للشعب السوري وأقدر شجاعته التي تحلى بها وشجاعة حكومته ولكن كلما توقفت الحرب بسرعة فإن الوضع سيكون أفضل”.
يشار إلى أن رولان دوما عمل وزيراً للخارجية الفرنسية في عهد الرئيس فرانسوا ميتران لمدة عشر سنوات وهو الوزير العاشر والاثنا عشر للخارجية الفرنسية في الجمهورية الخامسة كما شغل منصب الرئيس السادس للمحكمة الدستورية المجلس الدستوري الفرنسي خلال الفترة 1995-2000.
وكان دوما قد ندد في العديد من تصريحاته ومقابلاته الاعلامية بالحرب الارهابية ضد سورية مبينا انها كانت معدة مسبقا قبل سنوات من تنفيذها على الأرض السورية.