روسيا لن تدرج «حزب الله» على لائحتها
صحيفة السفير اللبنانية ـ
ريما ميتا :
لم يعر الإعلام الروسي اهتماماً كبيراً لقرار الاتحاد الأوروبي إدراج الجناح العسكري لـ«حزب الله» على قائمة الإرهاب، كما لم يصدر أي تعليق رسمي في هذا الشأن ليندد بهذا القرار حسب توقعات البعض.
قد يميل هذا الموقف أكثر إلى الحيادية المطلوبة في ظل الظروف الراهنة، لأن روسيا إعلاماً وقيادة ذهبت عميقاً في ما تسميه «الأزمة السورية» أو أزمة الشرق الأوسط.
روسيا تتصدى بموقفها من الأحداث في سوريا لغالبية الدول المعترف بها في العالم، كما تكد عرقاً في دفاعها عن مواقفها من الثورات، ومن الديكتاتوريات، وربما أن تضيف إلى منبرها الدولي عبئاً جديداً يخرج عن كل الأطر الديبلوماسية التي قد تتمتع بها، أمر لا تحتاج له بكل بساطة اليوم.
اكتفى الإعلام المرئي والمسموع والمقروء في روسيا بعرض الحدث سياسياً ليندرج في إطار شرائط أخبارها اليومية.
وخلافاً للمواقف الشرق أوسطية التي أخذت هذا القرار إما انتصاراً أو تحدياً، اكتفت موسكو بالتعليق على مضمونه القانوني، فقرار إدراج الجناح العسكري لحزب الله في قائمة الإرهاب يسمح للاتحاد الأوروبي بتجميد كل حساباته في المصارف الأوروبية.
ربما تعتبر موسكو أن التوصل إلى تسوية معينة يحملها هذا القرار في ثناياه، وهي ضم «الجناح العسكري» فقط لحزب الله، متذرعة بالتطورات التي أضيفت إلى الهجوم الذي وقع في بلغاريا في 18 تموز/يوليو 2012. إلا أن الواقع يفرض بالنسبة للكرملين أسباباً أخرى لا تمت بأي صلة إلى الذريعة المعلن عنها.
ولا شك في أن الأحداث الأخيرة في مدينة القصير وما كشفت عنه من تدخل «حزب الله» في العمليات العسكرية في سوريا، هي السبب الأساسي والرئيسي والوحيد على الأرجح وراء هذا القرار، خاصة أن كلا من إسرائيل والولايات المتحدة وكندا ومصر ودول الخليج قد أقرت من جانبها حزب الله منظمة «إرهابية».
صرح ألكسندر ديمتشينكو، الخبير في معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية، لـ«السفير» بأن «روسيا في خضم هذه التفسيرات والاستنتاجات تبقى على الهامش وترفض الضلوع أكثر لكي لا تزيد من حدة التوتر».
ولم يستغرب ديمتشينكو صدور قرار من هذا القبيل عن دول أوروبا والغرب «لأن حزب الله، وبكل الأحوال، لم يكن على علاقة جيدة لا مع واشنطن ولا مع الاتحاد الأوروبي، وبالتالي فإن إدراجه على قائمة الإرهاب، وبكلمات أدق، إدراج الجناح العسكري التابع له على هذه القائمة، لن يزيد من حدة هذه العلاقات أو من حالات الجفاء فيها. فحزب الله لم يعول يوماً على الدعم الأوروبي له في محاربته لإسرائيل ولا في ممارسته سياساته الداخلية، فهو وبدون أي تغطية، له شراكاته الواضحة التي تتجسد بإيران وبسوريا، وهنا تبقى روسيا شريك الشريك وليس الحليف المباشر».
إلا أن ديمتشينكو استطرد قائلا: «إن إدراج الجناح العسكري وحده على القائمة هو اعتراف واضح وصريح بحزب الله ككتلة سياسية في البلاد»، وهو ما قد يكشف عن حذر أوروبي إزاء التعرض لحزب يمثل جزءاً كبيراً من الشعب اللبناني، وبالتالي دفع البركان الذي يرقد عليه لبنان حالياً إلى حالة انفجار حتمية.
في قرار الاتحاد الأوروبي تحذير لـ«حزب الله» ولدمشق ولطهران، وإذا ما اتسعت الحلقة قد يكون أيضاً لروسيا والصين.
على الأرجح، نضج هذا القرار على أبواب اجتماع مجلس الاتحاد الأوروبي الذي من المنتظر أن يعطي قراره النهائي بشأن تزويد المعارضة السورية بالسلاح في الأول من آب المقبل.
في هذه الخطوة يحافظ الاتحاد الأوروبي على خيط الحوار مع «حزب الله» كقوة سياسية في المنطقة، وهو أمر لم تخفه كاثرين أشتون التي أكدت فور خروجها من قاعة الاجتماع أن الاتحاد الأوروبي لا يستثني بأي شكل من الأشكال مواصلة الحوار مع «الجناح السياسي» لـ«حزب الله».
يقول ديمتشينكو: «روسيا لم تنضم إلى جملة هذه الدول التي تهلل وترحب وتشيد بكسر أحد جناحي حزب الله، كما أنها لن تذهب أبعد من الحيادية حتى اللحظة. فروسيا من خبرتها مع هذا النوع من المواقف تعترف تماماً أنها من جانبها لن تدرج حزب الله لا العسكري ولا السياسي على قائمتها السوداء، روسيا هي الدولة التي حافظت على هوامش من التواصل مع حركة حماس التي يشير إليها العالم بأكمله على أنها الشر الأعظم ومنبع الإرهاب في العالم».
وأضاف: «حزب الله معركته الأساسية، كما وجوده بالكامل، قائم على الصراع مع إسرائيل باسم المقاومة، والقول إن وقوفه إلى جانب مقاتلي الأسد في سوريا أسس كافية لإلصاق تهمة الإرهاب به، أمر غير عادل».