روسيا في عالم العرب.. تسليح سوريا لإحباط العدوان
صحيفة الديار الأردنية ـ
المهندسة يلينا نيدوغينا*:
في علاقات روسيا بوتين العظيم ومنذ بداية الحقبة البوتينية، تقف روسيا الى جانب الاستقلالية السورية، والدولة والنظام السوريين، أي الى جانب المؤسسات الدولتية السورية التي يرمي الغرب بمجمله الى ضربها والتخلص منها، دفعاً للمنطقة الى مستنقع كبير يُغرقها، عدا نفطها وغازها، الذي يعملون لسيطرة واشنطن عليه بهرواة صهيونية.
في سياسة بوتين ذكاء منقطع النظير، فهي سياسة هادئة وتسترشد بالروية في معالجة الامور ومنطقية في التفكير والطرح السياسي، وتعمد للدفاع عن الاستقرار وإبعاد شبح حرب عالمية مباشرة مدمرة، بعكس الولايات المتحدة الامريكية وإسرائيل وبعض العرب الذين تجردوا من ورقة التوت الاخيرة، وها نحن نرى كيف يدفعون إعلامياً وعسكرياً وسياسياً نحو الحرب العدوانية الشاملة على سوريا على طبق نفطي للإمبريالية، وكيف باتوا يرعون علانية الإحتلال الإسرائيلي الذي تحوّل برأيهم الى دولة شقيقة وحليفة، أعلنوا عن قُرب ضمها لمؤسسات الجامعة العربية، كيف لا ولدى هؤلاء القادة استثمارات ضخمة وممثليات رسمية في الكيان الاحتلالي الصهيوني!.
عندما يدافع بوتين عن المستقبل العربي، هو يدافع عن مستقبل روسيا ودول البريكس، ومستقبل العالم المتحرر من قيود الاستعمار الاعلامي والاقتصادي والسيكولوجي وليس أخيراً السياسي، ويُدرك أنه بهذا الدفاع، والى جانبه صين “شي جينبيغ” العظيم، إنما يعمل على تحجيم قوة الإمبريالية العالمية ومعسكرها العدواني، وليوقف انزلاق العالم الى شريعة الغاب والفوضى، وليُثبِّت القواعد الدولية لتعامل الدول التي كانت أُقرت منذ عقود عديدة، وليُعري بسياسته الناعمة ذات المخالب القاطعة، نوايا الغرب وأمريكا وحلفاء وزارة الدفاع والمخابرات والاستخبارات من “العرب” والعجم للسيطرة على العالم واستعباده، وهو عاملٌ لعرقلة أماني المُختلين عقلياً للعودة بالعالم الى عصور الإقطاع.
القوة الى جانب قوة الدبلوماسية المستمسكة بالتقنيات العسكرية والحربية الروسية المتطورة هي الكفلية بردع الآخر العدواني، لذا كان الدعم الروسي السري وشبه السري للآن لسوريا بالصواريخ والقذائف والتدريب العسكري الفني المتواصل، ونشر منظومات الرادار الروسية على الأراضي السورية ومِن حولها، وصولاً الى مسحٍ راداري شاملٍ لمناطق كبيرة وواسعة على مِثال الشرق الاوسط والقرن الافريقي ووسط افريقيا وآسيا الوسطى والمحيطين المائيين الهندي والأطلسي والبحر الأبيض المتوسط والبحر الاحمر والخليج ووصولاً الى مضيق بيرنغ وسواحل الآسكا حتى وغيرها. لذا فمن السخف وتسفيه العقول تصديق غثبرات الإعلام الأعرابي المعادي لروسيا والصين وسوريا الذي يدّعي بتراجع رئاسي روسي في دعم سوريا. ففي العلم الاستراتيجي السياسي والعسكري، يعتبر الموقف الروسي، والى جانبه مواقف الصيني ودول البريكسي، موقف لا تراجع عنه لكونه يتجاوب مع استراتيجية روسيا، واستراتيجية تلك الدول، أي أنها تنسجم مع الأهداف العليا لروسيا ولتلك الدول.
لقد وفرت روسيا أسلحة نوعية للقوات السورية، برغم اللعبة الدبلوماسية التي اعترت ذلك وتحدثت عن عدم تسليم منظومات اس اس 300 لسوريا، وغيرها، وتباطؤ في تسليمها الخ، ومن هذه الاسلحة وسائل تدميرية لم يسبق أخراجها من الاراضي الروسية، ولا تسليمها لأي طرف أجنبي، ورافق هذه الاسلحة المتدفقة للآن الى سوريا، خبراء عسكريين روس، وقد رشح ان هذه الاسلحة ستحمل مفاجئات كبرى للقوات الامريكية، وبأنها أقوى بكثير من الاسلحة الامريكية وعشرات أسمائها التي صار يحفظها الصغير قبل الكبير، وبعضها أكد فشله في الحرب على العراق، ومن بعض هذه الاسلحة النوعية، اسلحة تنقسم الى قذائف وصواريخ بالمئات، لتغطي مناطق شاسعة وتبيد الخصم فيها أو تشل حركته، وتستعد روسيا لتسليم صواريخ اس اس 400 لسوريا، وهي من أقوى أنواع الصواريخ المضادة للأهداف الجوية وتتفوق على الباتريوت، إضافة الى أجيال جديدة من راجمات المدفعية تشتمل الواحدة منها على 24 فوهة، وهي الأحدث في العالم والأقوى في أسلحة المدفعية، وتستخدم لتدمير شامل لكل الاهداف الحدودية مع سوريا، وهو الامر الذي يُفسّر هدوء سياسة فلاديمير بوتين والرئيس بشار الاسد والإعلام السوري، مقارنة مع الإعلام العراقي والليبي عشية احتلال البلدين أمريكياً واسرائيلياً.
يَكفي ان نذكر للتدليل على صحة معلوماتنا وكلامنا، أن الرئيس فلاديمير بوتين قد ردَّ سريعاً على اوباما، في وقت سابق، عندما صرّح من لندن بأن الشرق الأوسط “سيشهد أمراً عجيباً كبيراً بتسليح الدولة السورية التي يترأسها الأسد، بأسلحة لم تخرج إلى العلن وغريبة، ومنها الصواريخ المُخاطية، أي تلك التي تقوم بتحديد نقطة الهدف على الحاسوب، فينطلق الصاروخ إلى النقطة بعينها بالتحديد وبدقة متناهية، وتورّد لسوريا غيرها من أنظمة الأسلحة التي تضمن هزيمة العدوان الدولي الذي يخططون لشنِّه على سوريا وشعبها وعلى بقية البلدان العربية أيضاً.