روسيا بوتين.. وفيّة لتقاليدها بإنقاذ المشرق العربي
موقع إنباء الإخباري ـ
يلينا نيدوغينا*
تَعرض الفضائيات الروسية الجادة هذه الأيام، تحقيقات واسعة عن المساعدات الروسية الفعّالة المُقدّمَة للشعب والدولة السورية. وفي هذه التحقيقات يُشَاهِد الشعب الروسي وللمرة الاولى، الكثير من التقنيات والآليات الحربية الجديدة، التي تُستخدم للمرة الاولى على الأغلب في ساحات الوغى، في إطار الحرب العالمية الروسية المشنونة على الارهاب الدولي.
ومن هذه التقنيات، أجهزة شل قدرات الارهاب اللاسلكي المتطور لدى مشغلي المسلحين من الخبراء غير السوريين، وتفكيك العبوات الناسفة والألغام من أرض حلب والمدن والبلدان والمناطق السورية المختلفة. فقد زرع المسلحون عشرات الالوف منها في كل مكان دون استثناء، ولم تسلم منهم صفوف المدارس، والمستشفيات والاماكن العامة ولا حتى المقابر في حلب، حيث دنّسها الارهابيون المتجردون من كل وازع ديني أو أخلاقي.
والملاحظ للخبراء، أن العبوات والالغام والشحنات المدمرة قد زُرت بطرائق غاية في الذكاء، وتعرض لمهنية عسكرية بالغة لا يمكن ان يتمتع بها مسلحون بسطاء وهواة حرب في استخدام هذه العبوات المعقدة والمتطورة، وفي طرائق زرعها وتفجيرها، الى حد زرعها في وسط الطرق والشوارع وتحت الأسفلت مباشرة، وطمرها به!
وفي الاستهدافات غير الانسانية للارهابيين، وقد اصبحت سياسة عامة مطبقة يومياً، زرع المتفجرات في إسكانات وشقق المواطنين السوريين المسالمين والمقابر التاريخية والاراضي الزراعية، بغية إيقاع خسائر أفدح بالمدنيين، وحَملهم بالتالي على مغادرة منازلهم وأراضيهم، ضمن حملة التهجير التي تّتبعها المراكز الاجنبية التي تشغّلهم وتمدّهم بالأموال والأسلحة والمعلومات عَبر الأقمار الصناعية التي تراقب شهيق كل المواطن السوريين، ومن خلال الإنزال بالحوامات العسكرية.
والملاحظ في الحرب الروسية على الارهاب والاستعمار التاريخي، عودة روسيا على بدء مساعداتها المقدمة للعرب وبلدانهم. فروسيا لم تتوقف عن دعم النضال العربي التحرري للارض العربية من ربقة الاجنبي.
فكما هي روسيا بوتين العظيم تعمل بكل ثقة وبدون توقف على إنقاذنا من الارهاب الدولي وتنظيف الارض السورية من الالغام، كانت روسيا من خلال الاتحاد السوفييتي المساهم والداعم الاوحد والوحيد للجزائر والجزائريين لتنظيف وطنهم من ألغام وأحقاد الاستعمار الفرنسي، ومدهم بمساعدة فورية لتخطي تبعات القصف الذري الفرنسي – الاسرائيلي المشترك لجنوب بلادهم، خلال المواجهة بين جبهة التحرير الجزائرية والاستعمارين الفرنسي والصهيوني للارض الجزائرية الشمّاء.
ففي ذلك العهد التحرري، إنتزع الجنود الروس والسوفييت ملايين الألغام من أرض الجزائر مجاناً، وكان شرطهم الوحيد مقابل هذه المساهمة الاممية، رغبة جامحة بتعزيز العلاقات الروسية الأخوية مع الجزائر الكبرى، وانقاذها من التحوّل مرة اخرى الى مزرعة للقوى الكبرى القابعة وراء البحر الابيض المتوسط، والتي كانت وماتزال تتطلع لتعود الى الشاطىء الجزائري وبسط سيطرتها عليه وعلى صحاريه الغنية بالنفط والغاز والمعادن، واستخدامها كمنفذ آمن للصحراء الكبرى ودول وسط افريقيا.
وأذكر، أن أكثر من جندي روسي واحد قد استشهد اثناء قيامه بواجبه الاممي على أرض هذه الدولة العربية التي كانت استقلت للتو أنذاك، وذلك خلال عملية تنظيف أراضيها من تلك الالغام القاتلة والتي ذهب ضحيتها عدد ضخهم من الجزائريين، ومن بينهم الاطفال والعجائز، وحيث استخدمت موسكو كامل تقنياتها الحربية الخاصة للمساعدة السريعة بإنقاذ أرواح الاشقاء الجزائريين، تماماً كما هو حال روسيا حالياً وقيادتها البوتينية بإرسال تقنياتها المتطورة لإنقاذ الأرض السورية من العبوات والألغام القاتلة للحياة البشرية المُقدّسة.
وفي العام 1967، أعلنت موسكو بحزم بالغ حمايتها للدولة الاردنية من تمدّد العدوان الاسرائيلي الصهيوني نحو شرق الاردن، بعد احتلال تل أبيب للضفة الغربية وقطاع غزة، ومرتفعات الجولان وشبه جزيرة سيناء، ذلك ان الاتحاد السوفييتي تلقى أنذاك معلومات إستخبارية تفيد بأن التمدّد الاستعماري كان يهدف الى محو الدولة الاردنية وشعبها، والوصول الى مشارف شبه الجزيرة العربية والخليج والعراق، وضرب الخاصرة الآسيوية للعرب، فلم تستطع القوات الغازية عبور نهر الاردن، سيّما بعد ان أعلنت موسكو عن قطع علاقاتها الدبلوماسية بتل أبيب، جرّاء عدوانها في الخامس من حزيران يونيو1967 على البلدان العربية المستقلة، ونهبها لبقية فلسطين التاريخية، سعياً وراء تهويدها وصهينتها.
ويقص علينا التاريخ بأحرف من نور ونار، كيف كانت روسيا القيصرية تساهم بفعالية في دعم ثوار جبل لبنان في القرن التاسع عشر، حيث كانت السفن الحربية الروسية ترسو على شواطىء لبنان، محملة بالاسلحة والمقاتلين الروس الاممين، الذين كانت مهمتهم شد أزر رفاقهم العرب اللبنانيين في مواجهة الاجنبي، وبخاصة العثمانيين. ويحدثنا التاريخ بصفحات كثيرة، عن المآثر الروسية المقدمة للبنان.
وفي الحرب العالمية الثانية التي استمرت نحو ست سنوات على الجبهة الالمانية الاوروبية، وبرغم تعرض الاتحاد السوفييتي وروسيا لأكبر حرب عالمية في التاريخ البشري المكتوب، وفقدان شعوبنا لأكثر من27 مليون قتيل، رودت دماؤهم أرض الدولة الروسية، كان القائد جوزيف ستالين، الذي اعتاد الغرب والصهيونية على انتقاده وتسويد سمتعه سوياً مع القائد العسكري الفذ غيورغي جوكوف، يُرسل المساعدات المالية السخية للمسيحيين ومسلمي بلدان الشرق، عن طريق الكنيسة الارثوذكسية الروسية، بغية تأكيد أممية روسيا في دفاعها عن البشرية جمعاء، وليس عن نفسها فقط، وتصديها نيابة عن البشرية جمعاء للطاعون البُني الهتلري النازي، والفاشية الايطالية والعسكرتارية اليابانية وحلفهم العالمي الشرير.
ولنا بقية نحكيها للقراء عن هذا التاريخ الروسي المُشرّف مع شعوب الشرق العربي قاطبة.
*كاتبة ورئيسة تحرير سابقة، ونائب رئيس رابطة القلميين مُحبي بوتين وروسيه للاردن والعالم العربي.