ركن أبادي لـ«السفير»: لينتظر الإسرائيليون نتيجة الخطيئة الكبرى في جمرايا
جريدة السفير اللبنانية:ـ
مارلين خليفة
تأتي الذكرى السنوية الـ34 للثورة الإيرانية مع اشتداد الضغوط على إيران وحلفائها خاصة سوريا، وكذلك مع بروز مؤشرات مقابلة أبرزها تلك الاشارة الايجابية التي اطلقها نائب الرئيس الأميركي جو بايدن في اتجاه جلوس الايرانيين والأميركيين على طاولة الحوار الثنائي المباشر، وتبعها رد ايجابي من الايرانيين بلسان وزير خارجيتهم علي أكبر صالحي. يحرص السفير الإيراني في بيروت غضنفر ركن أبادي على أفضل العلاقات بين جميع الأطراف اللبنانية فلا يستفزّ ولا يتحدّى ولا يشاكس «إلا العدوّ الصهيوني». يدوّر زوايا القضايا الخلافية مع الجميع دولا وأحزابا وأفرادا متسلحا بطول أناة استثنائية. هو إبن مدينة قم الشهيرة بحوزاتها العلمية ولكن ايضا بسجّادها العجمي الذي يتطلب أعواما لحياكته، ما يفسّر رحابة الصّدر والصبر اللذين يتمتّع بهما ابناؤها وأشهرهم الإمام الخميني. يكرّر ركن أبادي في حوار مع «السفير» دعم إيران للإصلاح في سوريا، ويقول: «منذ بداية الحوادث قلنا إن الغالبية الشعبية تريد إصلاحات بقيادة الرئيس بشار الأسد وإيران تؤيد هذا المطلب، لكن قلنا أيضا إن ثمة مشروعا صهيونيا أميركيا يخطط لإسقاط النظام في سوريا لأنه مقاوم وممانع بوجه الاحتلال الإسرائيلي. أكدنا على هذا الموقف طيلة عامين اثنين، والدخول الإسرائيلي المباشر على الخطّ السوري (الغارة الأخيرة) مؤشر الى يأس من إمكان نجاح المجموعات المسلّحة في سوريا من إحراز تقدّم. هذا العدوان الإسرائيلي خير دليل على انهم يريدون إسقاط سوريا شعباً وحكومة وقيادة لإضعاف جبهة المقاومة». بعد الضربة الاسرائيلية نشأت تساؤلات مرتبطة بالاتفاقات الدفاعية بين إيران وسوريا وهل من الممكن أن تفعّل في حال حصول ضربة أقوى فتدخل إيران في حرب إقليمية؟ يجيب ركن أبادي: «لينتظر الإسرائيليون نتيجة الخطيئة الكبرى التي ارتكبوها في جمرايا قبل أن يفكّروا بمبادرات أخرى». وكيف تفكّر إيران؟ يجيب: «نحن نقول إن سوريا ليست كبقية البلدان بل هي ركيزة أساسية من ركائز المقاومة وعليهم أن يأخذوا هذا الأمر بالحسبان». وعن قراءة إيران لدور «حزب الله» في هذه المرحلة السورية الصعبة خصوصا في ظلّ زيادة الحديث عن متطرفين دخلوا الى الأراضي اللبنانية، يقول ركن أبادي: «أعيننا وطاقاتنا كلّها موجهة صوب العدوّ الإسرائيلي ولا ننظر إلا الى هذا العدوّ، وندعم المقاومة ونعزّز إمكاناتها وقدراتها لمواجهته». وماذا عن خصوم المقاومة الداخليين؟ يقول: «في الداخل ندعو الجميع الى لمّ الشمل والوحدة، وأكرر اننا لا نعرف إلا عدوّا واحدا هو العدوّ الصهيوني». يضيف: «نحن نبذل قصارى جهدنا من أجل الحد من وتيرة النعرات الطائفية والمذهبيّة، ونحن في إيران منذ انتصار الثورة ولغاية اليوم قمنا بتأسيس مراكز عدّة للتقريب بين المذاهب وللحوار الإسلامي المسيحي، وسنبقى نسير على النهج ذاته حتّى نتّحد ونوحّد الجميع بوجه الاحتلال الإسرائيلي، وأملنا كبير بأننا نستطيع أن نلمّ شمل الجميع هنا في لبنان بمواجهة المشروع الإسرائيلي». وعمّا إذا بدأت ظروف التسوية تنضج في سوريا في ضوء اجتماعات ميونيخ، يقول ركن أبادي: «لطالما ردّدنا أن الطبيب الذي لا يعرف الداء لا يمكنه أن يقدّم الدواء، ولكلّ طرف دوره لحلّ هذه المشكلة، ونحن منذ البداية أكدنا أن لا جدوى للاشتباكات العسكرية، وركّزنا على ضرورة الحلّ السياسي. شيئا فشيئا فهم الجميع أن هذا الكلام محق، ولا جدوى من العمليات العسكرية وينبغي أن يتم الاتجاه صوب الحلّ السياسي، وخصوصا بعد زيارة أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون الى طهران ومقابلته المسؤولين الإيرانيين الذين أكدوا له أن إيران جزء من الحل وتستطيع أن تساعد فيه، وكذلك الأمر مع المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي حيث تكرر القول بأن إيران مستعدة لتقديم كل ما بوسعها من أجل الحلّ في سوريا وخصوصا الحل السياسي». يضيف: «من هذا المنطلق، بدأنا نسمع ان كثيرا من الأطراف الدولية تتجه صوب الحل السياسي والإفادة من التجارب الإيرانية في حلّ الأزمة في سوريا، نظرا الى وصول هذه الاشتباكات المسلحة الى طريق مسدود». وعن وجود تواصل إيراني مع السعودية في الملفّ السوري وسواه، يوضح ركن أبادي ان العلاقة مع السعودية متواصلة، وثمة لقاءات واتصالات مستمرّة، و«نحن نعتبر ان مواقف المملكة العربية السعودية تجاه الأزمة السورية في الآونة الأخيرة تصبّ في اتجاه الحلّ السياسي والسّلمي وتدلّ على استيعاب الظروف في هذه المرحلة بالذات. هذه الأمور كلّها تساعد بإيجابية في حلّ الأزمة السورية». وعن القمة الإسلامية في القاهرة التي يشارك فيها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد قال: «يواجه القمة الإسلامية الكثير من المهمات في العالم وتترتب مسؤولية كبرى على عاتق المشاركين فيها خصوصا قيادات هذه البلدان، ونأمل ألا يتم الاكتفاء بإصدار بيانات، بل اتخاذ قرارات عملية لمساعدة البلدان موضع الأزمة لحلّ مشاكلها». العروض الإيرانية تجاه لبنان مستمرة وردّا على سؤال عن تأثير تراجع الدور السوري على الساحة اللبنانية على العلاقات الثنائية بين لبنان وإيران قال: «نحن ننظر الى الأمور من منظار لمّ شمل الجميع وتعاون كلّ بلدان المنطقة واجتماعها والتركيز على حلّ المشاكل في هذه المنطقة، وإيران لا تبحث عن دور لها في أي بلد أو منطقة في العالم. العنوان العريض هو تحقيق العدالة في العالم، ولأجل الوصول الى هذا الهدف نحن نستفيد من كلّ الوسائل المشروعة». وعن المساعدات الإيرانية للبنان يقول ركن ابادي: «كلّ العروض التي قدّمتها إيران لا تزال قائمة: من المساعدة في استجرار الكهرباء وإنشاء السدود وسواها، وقد قمنا بإزالة كل العوائق التقنية في العراق وسوريا فوصلت الطاقة الكهربائية الإيرانية الى الحدود السورية اللبنانية، ونأمل بتذليل الإجراءات الروتينية في لبنان بأسرع وقت ممكن للمباشرة باستجرار الكهرباء، والجانب الإيراني يتابع المواضيع كلها ولا مشكلة من جانبنا». ويشير الى سدّ بلعا قائلا: «بعد توقيع الاتفاقية التنفيذية بدأت المرحلة التمهيدية للبدء بتنفيذ المشروع». يبلغ عدد الاتفاقيات الإيرانية الموقعة مع الدولة اللبنانية 32 اتفاقية ومذكرة تفاهم تتضمن مشاريع للتنقيب عن النفط والغاز من قبل شركات إيرانية الى مشاريع إصلاح شبكة الكهرباء والمحطات الكهربائية، «أسهمت شركات إيرانية عدّة في المناقصات في هذا المجال، وننتظر ردود الحكومة اللبنانية ونحن مستعدون للمساعدة دوما بحيث توجد اتفاقيات بيننا تغطي المجالات كلّها، وقد أعلنّا عن استعدادنا للتنفيذ فورا بمجرّد أن نعطى إشارة الإنطلاق، وقد خصصنا مبالغ ماليّة منها قرض للحكومة اللبنانية مجمّد منذ العام 2003 بقيمة 100 مليون دولار وهو مبلغ مرصود من إيران لكن لم تتم الإفادة منه بعد، بالإضافة الى 450 مليون دولار لمصلحة مشاريع إنتاج الطاقة الكهربائية». يفسّر السفير الإيراني هذا التقاعس والبطء في قبول لبنان الهبات الإيرانية في السياسة بقوله: «هذا واجبنا فنحن لدينا مبادئ ومن واجبنا أن نقدّم ونستمر على هذا النهج». وعن القول بأن الدول الخليجية لن تسمح لإيران أن تأخذ دورا رياديا متقدما في لبنان، يقول ركن أبادي: «نحن لا نريد أي دور ريادي في أي منطقة في العالم لا في لبنان ولا في سواه، جلّ ما نريده هو تحقيق العدالة فحسب». ختاما، يقول ركن أبادي ان الذكرى السنوية الـ 34 لانتصار الثورة الإسلامية «تحل وإيران أقوى وهي تعزز قوتها في كلّ سنة، وقد حققنا هذه السنة إنجازات كبرى في الاتجاهات المختلفة، وفي المرحلة الأخيرة أرسلنا القردة الى الفضاء على مسافة 120 كيلومترا، وأعلنا انه قبل سنة 2020 سنرسل أول إنسان من إيران الى الفضاء، وقد خطونا خطوات جبارة في اتجاه «النانو تكنولوجيا» والصناعة والطائرات والغواصات والسفن وآخرها الطائرة الحربية «قاهر 313» المضادة للرادار، وثمة اكتفاء ذاتي في المجالات كافة: في إنتاج وتصدير القمح وعلى الرغم من الضغوط كلها والحصار والعقوبات، فإن الشعب الإيراني متمسك بالمبادئ ولا يمكنه أن يتراجع عنها قيد أنملة، والجميع في إيران متفق على هذا الموضوع».