رغم محاولاته.. الثقة مفقودة بين أوباما وقادة الخليج
موقع دوتشي فيللي:
في حوار مع DW اعتبر المحلل السياسي مايكل دوران من معهد هودسن بواشنطن أن الرئيس باراك أوباما ينهج سياسة تقوم على مبدأ “الغاية تبرر الوسيلة”. ويضيف قائلا: “ليس هناك من أحد يثق به حقا وليس هناك من يعتمد عليه كل الاعتماد.” وفي هذا الإطار يشير دوران بالخصوص إلى السعودية على سبيل المثال ويقول إن أوباما يسعى إلى معاملة حليف مهم كالسعودية وكأنه عدو لدود مثل إيران.
إنها الصورة التي يريد الرئيس الأمريكي عكسها كوسيط في الشرق الأوسط. وبذلك أثار أوباما غضب السعودية و دول الخليج الأخرى بشكل كبير. وجاءت القمة المنعقدة في واشنطن و كامب ديفيد مناسبة بالنسبة لزعماء دول الخليج لإظهار “غضبهم الكبير” من الإدارة الأمريكية. الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز وغيره من الزعماء الخليجيين من عمان والبحرين والإمارات العربية المتحدة لم يلبوا شخصيا تلك الدعوة واكتفوا جميعا بإرسال ممثلين عنهم.
الباحث بروس ريدل من مؤسسة تينكتانك بروكينغس بواشنطن اعتبر أن غياب الملك السعودي عن حضور القمة “يشير إلى وجود نقص للثقة في مصداقية أوباما.” وعلى خلاف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تجنب السعوديون توجيه انتقادات علنية، غير أنهم وجهوا رسالة واضحة وبشكل قاطع تضع أوباما في موضع مخجل، حتى وإن تزعم رجل قوي من الرياض مثل ولي العهد محمد بن نايف رئاسة الوفد السعودي إلى القمة.
اهتمام كبير للصحافة الأمريكية بموضوع العلاقات مع دول الخليج وتقارب أوباما مع إيران
هيمنة الصفقة النووية
وعزت صحيفة نيويورك تايمز سبب عدم حضور الزعماء الخليجيين للقمة إلى “الاستياء المستمر” من سياسة أوباما تجاه إيران. من جهتها نسبت صحيفة واشنطن بوست للسيناتور الجمهوري جون مكين، أحد أبرز المنتقدين لأوباما، قوله: “سيكون من الصعب على أوباما إقناع الحلفاء العرب بأن الاتفاقية النووية مع إيران لن تعود بالضرر عليهم”. الجدل المتنامي بشأن إيران أبعد المواضيع الأساسية في القمة إلى الخلف، بما في ذلك موضوع تنظيم ” الدولة الإسلامية” أو الحرب في سوريا والنزاع في اليمن.
ويشرح المحلل السياسي مايك دوران أن السياسة الأمريكية الخارجية الجديدة تنطلق من أن “أوباما يريد أن يصبح الرجل الذي يجمع الأطراف مثلا في موضوع سوريا أو اليمن لتحذيرها بضرورة العمل على البحث عن حل وسط، ولكنه يؤكد في نفس الوقت على أهمية مشاركة إيران في كل ذلك”. إن أوباما يعتقد أن “إيران ستتجاوب بشكل إيجابي على خلاف موقفها خلال الثلاثة عقود الأخيرة”، وكل ذلك من منظور الصفقة النووية التي يريد الرئيس الأمريكي عقدها مع طهران لأنها تشكل جوهر إرثه السياسي الخارجي.
تأثير ضعيف لواشنطن
وتنظر السعودية ودول الخليج الأخرى بريبة متنامية لهذا الموقف. فإيران استطاعت دائما أن تظهر كقوة قيادية للإسلام الشيعي في وقت تعتبر فيه السعودية نفسها قوة حامية للإسلام السني. وكلاهما يعملان على إظهار سيطرتهما الإقليمية كما اتضح ذلك في العراق و سوريا وفي اليمن أيضا. وترى السعودية والحلفاء أن الاتفاق النووي المحتمل مع إيران يقوي من مكانة طهران و يشكل خطرا على المنطقة بسبب السياسة التوسعية النشطة لطهران.
ويضيف بروس ريدل أن السعودية ليست قلقة بالأساس من أجهزة الطرد المركزي بل من استمرار سياسات التخريب والترويع التي تنتهجها إيران. كما ترى السعودية وغيرها من دول الخليج أن المحادثات النووية تشير أيضا إلى انسحاب أمريكي من المنطقة وضعف نفوذ واشنطن. وفي هذا السياق يعطي بروس ريدل دليلا على ذلك مشيرا إلى أن التدخل السعودي العسكري في اليمن تم بدون استشارة الولايات المتحدة.
ليس هناك من ضمانات أمنية شاملة
وعلى خلفية ذلك طالب سفير دولة الإمارات العربية المتحدة في واشنطن يوسف العتيبة قبيل القمة بـ “ضمانات أمنية من الولايات المتحدة الأمريكية”. ونشرت صحيفة واشنطن بوست قوله: ” في الماضي كان هناك اتفاق حول الأمن مع الولايات المتحدة، أما الآن فنحن بحاجة إلى شيء مكتوب يضفى عليه الطابع المؤسسي”. وقالت الصحيفة إن أعضاء في الحكومة السعودية يطالبون بتعاون عسكري على غرار التعاون بين الولايات المتحدة وإسرائيل ويقوم على نظام مشترك للصواريخ الدفاعية.
وأعرب مراقبون عن اعتقادهم أنه حتى مع وجود ضماناتها أمنية أمريكية أو الرفع من مستوى التعاون العسكري فلن يستطيع أوباما التقليل من التحفظات القوية لدى السعودية. كما يستخلص مايكل دوران أن الرئيس أوباما يهدف من خلال هذه القمة أن يظهر للكونغرس أيضا أنه يمد يد المساعدة ويتعاون مع الحلفاء العرب للحصول على العدد الضروري من أصوات أعضائه، وبالتالي عدم رفض الصفقة مع إيران في الكونغرس.