رسالة اعتذار
موقع إنباء الإخباري ـ
رنا الساحلي:
هي لحظات حزن تنشدها في طيات وريقات بيضاء…
وريقات تتحمل حزنها الدفين… تتسابق نحوها دموع .. تعانقها .. تخبرها عن اختلاجات قلب عن عشق هوى
.. يرتجف القلم ويجف مداده …
وحده طيف خيالها يتراقص على حائط غرفتها مع هبوب رياح صيفية حزينة ويتلاعب بشمعة تسامرها … تنقذ وحدتها…
يتدفق حنينها فتكتب نثراً.. كيف تبدأ رسالتها… كيف ستخبره عن حنين ما زال يراودها!!! كيف ستقول له إنها لا زالت تحلم به في كل لحظة وفي كل خفقة وعند كل موقف!؟ كيف ستناديه بعد ذلك اليوم!؟ ماذا ستقول له .. هل تتجرأ أن تخبره عن آخر لقاء جمعهما!؟! أم تراه سيقرأ رسالتها أم أنه لم يعد يبالي!؟؟!.
تمزق ورقة تلو الاخرى… هل ستصل اليه كلماتها ام ان الرسالة ستصل متأخرة هذه المرة ولن تجدي نفعاً
تعيد رسم تلك الوردة الحمراء التي أحضرها لها في آخر لقاء… وترويها من دموعها لعلها تستنشق الحياة… فتذبل الوردة بألوانها
تلاعب خصيلات شعرها المنسدل على كتفيها … فتتراءى لها عيناه … يتقدم خلفهارويداً رويداً يقشعر جسدها النحيل الأسمر…. يقترب أكثر فأكثر ليلتصق بخيالها المعلق على حائط الغرفة…. أغمضت عينيها فاقترب هامساً في أذنيها …. لا تخافي… لا زلت احبك…. لا زلت أعشق كل نبض من خفقات قلبك….
لا تحزني.. ها انا هنا… هل اشتقت لي!!!
بقيت مغمضة العينين كي تحافظ على صدى صوته وهمساته في أذنيها …
خافت ان يكون حلماً بعيداً… وضع يده على كتفها المنهك فانتابتها قشعريرة العذارى… وكأنها المرة الاولى.. وكأنه اللقاء الأول.
احمرت وجناتها السمراء كوردة جورية… تدفقت الدماء في عروقها… اصطكت ركبتاها.. شعرت بحرارة الصيف وكأنها عند شاطئ البحر.
هل حقاً هذا انت!؟ هل عدت إليّ؟؟! هل وصلت رسالة الاعتذار قبل أن أرسلها .. أو حتى قبل أنأكتبها… هل شعرت بجوارحي ووحدتي؟!؟
هل شعرت بحنيني! لقد ظن الناس انني بدأت بالهلوسة… عندما حدثتهم عنك … عندما أخبرتهم أنك ستعود ..
هل تصدق يا حبيبي .. لقد ظنوا أنني فقدت عقلي … عندما أخبرتهم انني أحدثك كل اليوم وأنك تعود ليلاً وسراً….
جلس عند قدميها فاحتضنته بقوة … قبلت رأسه المسجى في حضنها… مررت أناملها في خصيلات شعره … اشتمت عطره المميز… حدثته عن آلامها وهمومها… أخبرته أن ابنته الكبرى تفوقت في المدرسة وتنتظر هدية منه، وانها تشتم كل يوم عطره على تلك الوسادة.. أخبرته عن طفلته التي بدأت تحبو وتبحث عنه في أرجاء البيت…. وسقطت الدمعة من عينيها… بكت بمرارة… وانطلقت الآه من شفتيها…..اختنقت الكلمات في حنجرتها…
ففتحت عينيها لتعود إلى عالمها الحقيقي… نظرت إلى تلك الطاولة حيث صورته يحمل في جعبته وردة وبندقية…
نظرت إلى الصورة بإمعان… شهيد… قبل اسمه … ابتسمت.. قبلت الصورة… ضمتها إلى صدرها…
وقالت له… أنا أيضاً أحبك… ولن أنساك وسأبقى على الدرب… لأنك العشق أيها الشهيد