رسائل سوريا للدول الداعمة للإرهاب.. توقيتها وأسبابها
صحيفة الوفاق الإيرانية:
خلال جلسة نقاش مفتوح في مجلس الأمن الدولي مؤخراً، حول “الإتجار غير المشروع بالأسلحة الصغيرة والخفيفة”، شدّدت سوريا على لسان مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة بسام صباغ، على ضرورة ضمان المجتمع الدولي عدم وصول الأسلحة بما فيها الصغيرة والخفيفة إلى التنظيمات الإرهابية فيها وفي دول أخرى.
وتأتي تلك المطالبة عقب الانتصارات الكبيرة التي حققها الجيش العربي السوري والقوات الرديفة والداعمة من محور المقاومة في الميدان العسكري بعد دحر المجموعات الإرهابية المسلحة في أغلب المناطق السورية وسيطرته على معظم مساحة البلاد، ما أدى لوصول دمشق إلى مرحلة سياسية وعسكرية هامة ربما تكون “فاتحة خير” لتحرير كامل الأراضي السورية.
وفي ظل ارتفاع احتمالية حدوث عمل عسكري في معقل المعارضة الأخير (إدلب) لاستعادتها من الفصائل الإرهابية والمسلحة بالاستناد إلى المعطيات الحالية إضافة إلى ملف المناطق الشرقية التي تسيطر عليها بعض الجماعات الكردية الانفصالية، أشارت الجمهورية السورية إلى أن دولاً معروفة قامت على مدى السنوات العشر الماضية بإمداد تلك التنظيمات وفي مقدمتها “داعش” و “جبهة النصرة” بمختلف أنواع الأسلحة وكان لهذا النهج العدواني آثار جسيمة في إطالة أمد الأزمة السورية وإزهاق أرواح آلاف الأبرياء.
وبعد أن حولت بعض الدول العربية والغربية سوريا إلى ساحة مفتوحة أمام مختلف التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيمات داعش والنصرة والقاعدة المتطرف، رغم أنّها تشكل خطراً حقيقياً ليس فقط على سوريا وأمنها القومي، بل أيضاً على الدول المجاورة والداعمة بشكل كامل، تؤكد سوريا على أهمية التصدي للإتجار غير المشروع بهذه الأسلحة وتؤمن بدور محوري لمنظومة الأمم المتحدة في مجالات نزع السلاح كعامل أساس لتحقيق أهداف الميثاق وفي مقدمتها تجنيب الأجيال القادمة ويلات الحروب، مع احتمالية أن تقوم تلك الجماعات الإرهابية والمحظورة دولياً بإرسال الإرهابيين الأكثر خطورة وتسليحهم من قبل بعض الدول.
وعقب إفلاس الدول العربية والغربية التي دعمت الإرهاب في سوريا لعقد من الزمن، تحت شعارات زائفة بددتها سنوات الحرب، لفت مندوب سوريا إلى أنّ قيام بعض الدول التي وصفها بـ “المعروفة” بتمويل شراء تلك الأسلحة وتيسير تهريبها إلى دول أخرى لزعزعة أمنها واستقرارها، يمثل انتهاكاً صارخاً لميثاق منظمة الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي والعلاقات الودية بين الدول، إضافة إلى أنّه خرق فاضح لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب وهي أفعال تتطلب إدانة واضحة واتخاذ إجراءات رادعة، وفقاً لسوريا التي ساهمت دول كثيرة بشكل مباشر في افتعال وتدويل أزمتها لتدميرها بكل مؤسساتها وتحقيق مصالحها المختلفة في المنطقة.
وبالتزامن مع الفشل الدولي والعربي في إيجاد حلول سياسية للأوضاع المتأزمة في سوريا الجريحة، في ظل بعض المساعي العربية والغربية لعرقلة جهود بعض الدول في التدخل الايجابي في هذا الملف، لإيقاف محاولة توفير مظلة جيدة لسوريا لتجاوز عثرتها الحالية، جدد صباغ دعوة دمشق الدول المنتجة للأسلحة إلى ضمان تطبيق القيود القانونية لمنع الإتجار غير المشروع بها والالتزام التام بالمواثيق والاتفاقيات الدولية ذات الصلة والتأكد من الوجهة النهائية لهذه الأسلحة، خاصة أنّ الملف السوري من الملفات الأكثر تعقيداَ بالمنطقة، بالنظر إلى كثرة اللاعبين الدوليين وتواجد قوات عسكرية لعدّة دول على أراضيها بشكل غير شرعي (دون موافقة الحكومة السورية).
وفي الوقت الذي سعى فيه المشروع العدواني لإسقاط “معادلة سوريا” وتشريد وتجويع شعبها، ومنعها من العودة للحضن العربي، عقب فشل المشروع الغربي في المنطقة وانتصار السوريين وحلفائهم في هذه الحرب الشعواء ضد أصحاب المشاريع الاستعمارية والعدوانية في منطقتنا، لم تخفِ سوريا قلقها حيال عدم تنفيذ بعض الدول التزاماتها إزاء اتفاق المقصد أو المستخدم الأخير والسماح أو التغاضي عن وصول كميات كبيرة من مخزوناتها من الأسلحة إلى التنظيمات الإرهابية في عدد من البلدان التي هي في رأس قائمتها.
“لدينا الحق باعتبارنا من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة باقتناء الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة وتصنيعها ونقلها والاحتفاظ بها بهدف الدفاع عن النفس وتلبية احتياجاتنا الأمنية في حماية مواطنينا”، رسالة سوريا صريحة لجميع الدول التي مولت الجماعات الإرهابية هناك، وسعت بكل قوتها لإسقاط النظام الحاكم في البلاد، حيث فشلت كل التحالفات السياسية والعسكرية في مشاريعها التدميرية، وهذا ما جعل دمشق تصدح بصوتها عالياً لتحض بعض الدول على تغيير وجهة نظرها الفاشلة تجاه قضية شعب ذاق الويلات.