ربط العملة بالدولار هو الأكثر شيوعاً في العالم
صحيفة الجمهورية اللبنانية ـ
طوني رزق:
يبقى الاتجاه العالمي هو اعتماد سياسة ربط العملة المحلية بعملات قوية اخرى وابرزها الدولار الاميركي. لكن ذلك يضعف قدرة البنوك المركزية على التحرك بسهولة لمعالجة المشاكل الداخلية فتبقى تحت رحمة السياسات النقدية الاميركية. لكن ربط العملة يحافظ على الاستقرار وخصوصا على مستوى التجارة الخارجية.
مع صعود وتقهقر مراكز القوة في العالم، تتحرك تقلبات اسعار العملات بوتيرة قياسية. وبالعادة ترتفع عملة دولة ما اذا كانت نقطة جذب للاستثمارات الخارجية. في المقابل، تتراجع هذه العملة في فترات عدم الاستقرار والاضطرابات على اختلاف اشكالها.
وتؤذي هذه التقلبات الحادة الشركات التي تشتري وتبيع في الاسواق الخارجية. ولكي تتجنّب الدول هذه الاضرار يثبّت الكثير منها (اكثر من 50 في المئة من الدول) سعر صرف عملاتها لربطها بعملات اخرى وأبرزها الدولار الاميركي بالدرجة الاولى ثم باليورو في حالات اخرى اقل انتشارا.
ومنذ الثمانينات ربطت الليرة اللبنانية بالدولار الاميركي، كذلك ربط دولار هونغ كونغ بالعملة الاميركية منذ العام 1983. وللسماهمة في تثبيت سعر صرف العملة، تسعى البنوك المركزية ال ضبط البيع او الشراء في اسواق الصرف.
لكن اذا ما ارتفع منسوب الضغوط على العملة الوطنية قد تضطر البنوك المركزية للتخلي عن ربط العملة مع كل ما سوف يسفر عن ذلك من تداعيات سلبية. وفي هذا الاطار صدمت سويسرا اسواق الصرف. لكن اذا ما ارتفع منسوب الضغط على العملة الوطنية قد تضطر البنوك المركزية للتخلي عن ربط العملة مع كل ما سوف يسفر عن ذلك من تداعيات سلبية.
وفي هذا الاطار تحركت سويسرا افي 15 كانون الثاني 2015 مع تخليها عن ربط سقف تحرك الفرنك السويسري باليورو. وادى ذلك الى تحقيق البعض ارباح خيالية والبعض الآخر تكبد خسائر ضخمة. ثم تحرك انتباه العالم ازاء الدانمارك التي خفضت اسعار الفائدة لتعديل سعر صرف الكورونة.
انشغلت روسيا في الاشهر الاخيرة من العام 2014 بمحاولة دعم سعر صرف الروبل الذي سجل اكبر تراجع له في 17 عاما مع انخفاض اسعار النفط. وبعد انفاقها اكثر من 88 مليار دولار تخلت روسيا عن جهودها لربط الروبل بسلة من العملات الاخرى.
ومطلع العام 2015 خفضت كل من مصر ونيجيريا اسعار صرف عملتيهما. غير ان الاتجاه العالمي يبقى معاكسا اذ تسعى اكثرية الدول الى الاستمرار بربط عملاتها، اذ تراجعت نسبة الدول التي تفضل حرية تحرك اسعار صرف العملة من 40 في المئة في 2008 الى 34 في المئة في العام 2014.
تضع سياسة ربط العملة البنك المركزي تحت رحمة السياسات النقدية لدولة اخرى. ولا يبقى امامها سوى التصرف باسعار الفائدة. وعليه، لن يعود في استطاعة البنك المركزي استخدام السياسات النقدية بحرية وبفعالية للتجاوب مع المشاكل الداخلية، مثل ضرورة خلق الوظائف الجديدة او ضبط الاسعار في السوق المحلية.