رؤية الولايات المتّحدة للبرنامج النووي الإيراني .. “خاطئةٌ”
شبكة بولتن الإخبارية:
اعتبر معهد الدراسات الدولية والاستراتيجية الاميركي ان رؤية الولايات المتّحدة الأميركية حول البرنامج النووي الايراني “خاطئة”، مشيرا الى المشاكل الكامنة في طريق العلاقات بين طهران وواشنطن.
شبکة بولتن الأخباریة: اعتبر معهد الدراسات الدولية والاستراتيجية الاميركي ان رؤية الولايات المتّحدة الأميركية حول البرنامج النووي الايراني “خاطئة”، مشيرا الى المشاكل الكامنة في طريق العلاقات بين طهران وواشنطن.
ونشر المعهد مقالة بقلم الباحث الايراني “هوشنك أمير أحمدي”، أستاذ جامعة روتغيرز ومدير مجلس الأمريكيين والإيرانيين، والمعروف بالشهيد الثالث، تناول خلالها المشاكل الكامنة في طريق العلاقات بين طهران وواشنطن، وقال: “إنّ أساس رؤية أمريكا بالنسبة إلى إيران التي تروم توسيع مجال سلاحها النووي، يستند إلى مبرّرات خاطئة وضعيفة”.
واضاف: فالعلاقات بين هذين البلدين قلّما نشاهد نظيرها على مرّ التأريخ، لأنّ طهران وواشنطن غير قادرتين على إقامة مفاوضاتٍ بطريقةٍ بنّاءةٍ ومنطقيةٍ. فهذه المسألة لم تحدث حتّى في الحرب الباردة بين أمريكا وأعدائها الشيوعيين! إذ لو أنّ الأسباب التي أدّت إلى تدهور العلاقات تبقى على حالها، فلا يمكن توقّع إيجاد حلٍّ ناجعٍ عن طريق المفاوضات خلال الأشهر أو السنوات المقبلة.
ويجيب الباحث في هذه المقالة عن ثلاثة استفساراتٍ، هي:
1- لماذا أمريكا وإيران عاجزتان عن إجراء مفاوضاتٍ ثنائيةٍ ثابتةٍ من أجل التعاون المشترك وإزالة التوتّر؟
2- ما سبب فشل السياسة الأمريكية تجاه البرنامج النووي الإيراني، والذي قد تتمخّض عنه حرباً تتطوّر فيها إيران عسكرياً أكثر من أيّ وقتٍ مضى؟
3- ما الاستراتيجيات والسياسات التي يجب اتّباعها للخروج من النفق المظلم الذي دخلته المفاوضات النووية، ولتسهيل عملية إزالة التوتّر بين البلدين؟
إنّ الصراع والتناقض المتناميان بين إيران وأمريكا هما مسألتان يستندان إلى عدّة محاور، ففي الوقت الراهن تركّز أمريكا اهتمامها على برنامج تخصيب اليورانيوم، وتسعى إلى منع إيران من الحصول على أسلحةٍ نووية.
وتابع الباحث: ومن القضايا الأخرى التي يمكن اعتبارها أسباباً للنزاع بين البلدين والتي تتذرّع بها الإدارة الأمريكية، هي قضية دعم الإرهاب وتهديد الأمن الإسرائيلي ونقض حقوق الإنسان وترويج الفكر المناهض للولايات المتّحدة.
ويضيف: أمّا أهمّ سببٍ تذكره إيران بالنسبة إلى عدم انسجامها مع أمريكا، فهو تهديد أمريكا لكيان الجمهورية الإسلامية. فقد نشرت مقالةً لمكتب الرئاسة الإيراني عام 2007م جاء فيها: منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران فإنّ أمريكا والغرب لم ينفكّا عن مهاجمة بلدنا واستقلاله وسيادته عن طريق طرح بعض المسائل، كحقوق الإنسان وترويج الفكر الثوري وحقوق المرأة وحقوق الأقليات ودعم الإرهاب ومعارضة ما يُسمى بعملية حفظ السلام في الشرق الأوسط والسعي لزعزعة الاستقرار في العراق وأفغانستان، وكذلك بالتشبّث بذريعة البرنامج النووي الإيراني. فأمريكا تحت شعار الدفاع عن الديمقراطية تتحدّث بصراحةٍ عن تغيير نظام بلدٍ يعتبر أكثر بلدان المنطقة والعالم ديمقراطيةً.
أمّا بالنسبة للقضية النووية الإيرانية، يقول الباحث: إيران تعتقد أنّه يجب العمل في هذا السياق وفقاً لما جاء في معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية (NPT). طبقاً لهذه المعاهدة فإنّ البلد الذي هو عضوٌ فيها يمتلك الحقّ في تخصيب اليورانيوم بغية تأمين وقود منشآته النووية لتوليد الطاقة الكهربائية.
والإدارة الأمريكية تؤيّد أنّ إيران لم تصنع قنبلةً نوويةً لحدّ الآن، ولكنّها ما زالت قلقةً من أن إيران تطوّر نفسها في هذا المضمار، وكذلك فقد أعربت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقرير لها في شهر شباط \ فبراير عن قلقها بشأن الجوانب العسكرية للبرنامج النووي الإيراني، حسب ادعاء الكاتب.
واردف الباحث قائلا: لقد اتّبعت الولايات المتّحدة سياسة ضغطٍ تجاه إيران من أجل إيقاف الجانب العسكري في البرنامج النووي الإيراني، وهي تعتقد أنّه يجب الالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي الذي يلزم إيران بتعليق التخصيب حتّى يزول القلق عن حقيقة هذا البرنامج بشكلٍ كاملٍ. وتتابع أمريكا حصارها ضدّ إيران بشكلٍ متشدّدٍ يوماً بعد يومٍ، وتدعم المعارضين السياسيين في داخل إيران وتحرض الفئات القومية والطائفية، وكذلك تحاول أن تمرّر هذا الحصار عن طريق منظّمة الأمم المتّحدة والاتّحاد الأوروبي؛ والهدف من كلّ ذلك هو عزل إيران عن العالم.
وتابع: ومع كلّ هذا، فإنّ الجمهورية الإسلامية تخالف تعليق برنامجها لتخصيب اليورانيوم، وتعتقد أنّ البلدان الغربية ترغم مجلس الأمن الدولي على إصدار قرارٍ ضدّها. وقد صرّح قائد الثورة الاسلامية في إيران مؤخّراً: ان هدف الغربيين الأساس هو إرغام الشعب الإيراني على الخضوع لطغيانهم والاستسلام لمطالبهم على طاولة المفاوضات، ولكنّ الغرب أضعف من أن يُخضع إيران.
ويضيف: وبالطبع فإنّ سياسة أمريكا الازدواجية ضدّ إيران محكومةٌ بالفشل، لأنّ الكثير من الخبراء السياسيين يؤكّدون أنّ هذه الازدواجية تشابه سياسة (العصا والجزرة)، فالجزرة هي المزايا الاقتصادية والتحفيزات التي يعدون بها إيران لترك برنامجها النووي، والعصا هي الحصار المفروض عليها وسائر الضغوط. ولكن بمضيّ الزمان فُقدت الجزرة ولم تبقَ سوى العصا بيد أمريكا!
وعن أسباب خطأ السياسة الأمريكية تجاه البرنامج النووي الإيراني، يقول الباحث:
1- لم يقم أي بلدٍ من أعضاء معاهدة (NPT) بتوسيع نطاق الأسلحة النووية، ولو كان هدف إيران هو صناعة قنبلةً نوويةً كان بإمكانها الانسحاب من هذه المعاهدة.
2- لو كانت إيران تروم الحصول على أسلحةٍ نوويةٍ بالخفية، فلماذا تعرّض نفسها لحصارٍ قاسٍ ولحربٍ محتملةٍ؟!
3- الرؤية التي تقول بفاعلية الضغوط على إيران، هي في الحقيقة باطلةٌ وهي جزءٌ من سياسة العصا والجزرة.
ويختم الباحث قوله: برأينا لا بدّ من طرح نموذجٍ سياسيٍّ جديدٍ يتضمّن بياناً دقيقاً ومنطقياً لأسباب الخلاف بين إيران والولايات المتّحدة، حيث يتناول دور فقدان الثقة والفهم الخاطئ للهوية الوطنية والتقييمات الخاطئة في العلاقات بين الجانبين. ولو أنّ أمريكا لا تتبّع هذا النموذج، فلا يبقى أمل لتحسّن العلاقات بين البلدين.