رؤية الإمام الخامنئي للتحول الاقتصادي في إيران
موقع الخنادق-
زينب عقيل:
في علم النفس الاجتماعي، تعتبر الثقة الوطنية بالنفس هي التي تسهل التأثير والتغيير والتطور من جهة، وتعطي حالة يقين بالمصداقية والجدية والكفاءة من جهة أخرى. من هنا انطلق السيد علي الخامنئي في رؤيته للواقع الاجتماعي للبلاد الذي من شأنه أن يسهّل “التحوّل نحو الأفضل” كما عبر، بدل “التبدل” الذي يريده الأعداء للجمهورية الإسلامية. وقد ركزّ في خطابه على اقتصاد البلاد باعتباره مادة أساسية للتحوّل المنشود.
“التحول” هو تغيير الأجزاء والنقاط المعيوبة
تحويل نقاط الضعف إلى نقاط قوة هو الأمر الذي ركز عليه السيد الخامنئي.”ما أعنيه بكلمة «التحول» هو تغيير الأجزاء والنقاط المعيوبة، سواء في النظام الإسلامي أو المجتمع الإيراني. لدينا نقاط معيوبة وأجزاء ضعيفة ونقاط ضعف. يجب أن نتعرف إلى نقاط الضعف هذه ونحددها، وبإرادة حازمة – سأتحدث الآن عن أنها ليست مَهمة سهلة أيضاً – نعالج نقاط الضعف ونحوّلها إلى [نقاط] قوة، وسوف أتطرق إلى بعض الأمثلة عليها لاحقا”. ويعتبر أن هذا الأمر صعب وشاق ويتطلّب ثقة وطنية بالنفس، فإذا كان شعب يثق بمواهبه وبقدراته، فإنه قادر على الإجراءات التحولية. ويعتبر القائد أن ” أهم نقاط القوة لدى الشعب الإيراني ومجتمعنا الإسلامي أن البنية الداخلية لمجتمعنا الإسلامي قوية وصلبة، وصلابة البنية الداخلية للنظام الإسلامي والشعب الإيراني”.
التقدم رغم الحصار الاقتصادي غير المسبوق
والدليل على ذلك هو تغلّب الشعب الإيراني على الأعمال العدائية المتتالية على مدى العقود الأخيرة. وعلامة أخرى هي التقدم الكبير للشعب الإيراني كلها كانت خلال الحظر والحصار وأشد الضغوط الاقتصادية على إيران. وعلى الرغم من أنه كان أكبر ضغط اقتصادي غير مسبوق في التاريخ كما يعترف الأمريكيون، إلا أنّ الشعب الإيراني أحرز تقدّمًا في مجال العلم والتكنولوجيا، في مجالات النانو، والتكنولوجيا الحيوية، والصحة والمجال النووي، والجو-فضاء، والتقدم الدفاعي. بالإضافة إلى التقدم في مجالات البنى التحتية وساحة العلاقات الخارجية. ويؤكد القائد أنها “ينبغي ألا تتلقى أي ضربة”.
اقتصاد البلاد هو من نقاط الضعف
يرى السيد الخامنئي أن كثير من السياسات الاقتصادية هي “إرث السابقين”. فبعض هذه المشكلات الاقتصاديّة والبنى التحتيّة الاقتصاديّة الأساسيّة مرتبطة بالمرحلة التي سبقت انتصار الثورة الإسلاميّة، وبعضها الآخر له صلة بما بعد انتصارها، ومن أهم المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد الإيراني:
– التصدي الحكومي: بسبب تسليم مفتاح الاقتصاد للحكومة، تمكّن العقوبات من محاصرته. ويعتبرها القائد نقطة الضعف الأبرز والمشكلة الأهم، حيث تُسلّم الأعمال الكُبرى والشركات المهمّة والإنتاجات التي تعود بالثروات على البلاد للحكومة، ولا تكون في متناول الناشطين الاقتصاديّين من الناس. ويرى أن العدالة الاقتصادية أثبتت أنها لا تتحقق بهذا الشكل، ودعا الحكومة أن تقلّص مقدار التصدي وترفع مستوى الرقابة. وهي توصية قد جرت لكل الحكومات لمتعاقبة، فكان الحال، أنها إما لم تسلّم الاقتصاد، أن أنها سلّمت بأسلوب خاطئ.
– اقتصاد قائم على صادرات النفط الخام: تصدير النفط الخام من دون الإمساك بمقاليده لا يحقق الإيرانيون أرباحًا كالتي يحققها المستوردون، وبالتالي يدعو القائد إلى التحرك نحو زيادة الصادرات غير النفطيّة والأنشطة الاقتصاديّة غير النفطيّة.
– الاعتماد على الدولار: أعطى مثالًا عن بعض الدول التي تعرّضت للحظر وقطعت اعتمادها على الدولار، وتحسّنَ وضعها. ودعا إلى توقف الارتباط بـ «سويفت» – وهو آلية دولية غربية – نحّت الدولار جانباً، وأبرمت تجارتها بالعملات المحلية، وعملت على التصدير والاستيراد، فتحسّنَ وضعها. وإيران قد بدأت العمل لتحقيق ذلك مع روسيا.
– النمو الاقتصادي الضعيف: كان قد تمّ الإعلان ضمن السياسات الاقتصادية بأن الحكومات مطالبة بتحقيق النمو بنسبة 8%. في حين أن هذا النموّ في عدد من أعوام العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين كان تحت الصفر. ولذلك دعا الحكومات مجددا إلى أن يشجّعوا الناس على لعب دور مُنتج في الاقتصاد وأن يوجّهوهم ويخلقوا حالة من الثقة لدى القطاع الخاصّ كي يبادروا إلى الاستثمار وريادة الأعمال. وأعطى ثقته للقطاع الخاص.
– ضعف التجارة الخارجية: على الرغم من إمكانات الداخل الكثيرة سواء في قطاع الزراعة أو الصناعة، إلا التحرك الخارجي قليل، وهذا من الأمور الذي يحتاج إلى تحوّل من خلال توسّع الشركات وإنشاء المؤسسات الصغيرة والعمل على تحويلها إلى كبيرة.
– التحوّل في التشريع: من الأمور التي غالباً ما كانت موضع خلاف بين السلطتين التنفيذيّة والتشريعيّة في مختلف الحكومات والفترات، ومنها المرحلة الحاليّة أن هناك شكوى من أنّه يوافق أحياناً على مصاريف قطعية في قانون الموازنة السنويّة داخل المجلس وتوضع مقابلها مداخيل غير قطعية (احتمالية)، وهو ما يؤدّي إلى عجز في الموازنة. ودعا إلى أن تحظى السياسات العامة لوضع القوانين بالاهتمام وأن يكون التشريع مدروسًا.
التحوّل يبدأ من الممارسات الاقتصادية للشعب
تحدّث السيد علي الخامنئي عن الاسراف في المياه والكهرباء والغاز ورمي الخبز، بالإضافة إلى سباق الترف المفرط بين الناس كعيوب أساسية لا علاقة للنظام بها وتؤثر على الاقتصاد. وركزّ على مسألة التعصّب تجاه الإنتاج المحلي، خاصة في السلع التي يجري انتاجها محليًا، فلا يجب على المستورد أن يحضرها إلى السوق على الرغم أنه في بعض الأحيان تكون بنفس جودة المحلي، بل قد يكون المحلي أعلى في بعض الأحيان.