ذعر في «إسرائيل» وخيارات متهوّرة في لبنان!
جريدة البناء اللبنانية-
عمر عبد القادر غندور:
أحدث خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في ذكرى القادة الشهداء، زلزالاً في «إسرائيل» عندما تحدث عن امتلاك الحزب التكنولوجيا لتحويل الصواريخ الى صواريخ دقيقة وبإعداد تفوق ما يعتقده العدو، وانّ لدى الحزب الخبرات والكفاءات، وبات يُصنّع الطائرات المسيّرة وهي برسم مَن يريد الحصول عليها.
محطة «سي أن أن» الأميركية أفردت بعد الخطاب مباشرة مساحات لتغريدات مغرضة وتصريحات لساسة لبنانيين أشدّ عداوة لحزب الله من «إسرائيل»، وتصريحاً بالصوت والصورة للمتحدث باسم الجيش «الإسرائيلي» أفيخاي أدرعي معلقاً على خطاب سماحة السيد فقال: ثلاثون عاماً من قيادة حزب الله انظروا كيف تحوّل هذا التنظيم الى «منصة إرهابية» معروفة في العالم!
ربما من حقّ الصهاينة ان يقلقوا من تطوّر الحزب الذي بات اليوم قوة إقليمية ولا نقول أكثر من ذلك.
أما الأغبياء الذين يصوّبون على الحزب في الليل والنهار وقبل الظهر وبعده وقبل الأكل وبعده، ويرون تطوّره بعيون حاقدة طائفية وكأنّ صواريخ الحزب موجهة الى لبنان وسيادته، بينما هي لحماية لبنان وثروته وترابه ومياهه وكما حصل فعلاً في العام 2000 و 2006 و 2018 و 2019.
وطبيعي ان لا يدرك هؤلاء انّ المشكلة اللبنانية تكمن في الأساس في بنية النظام السياسي القائم على تطييف السلطة ومحاصصة الدولة الى ما وصلنا إليه اليوم، وهو لا يمتّ الى الحزب المقاوم من قريب او بعيد، لا بل الحزب هو الذي حرّر الأرض عام 2000 وهو الذي هزم «الجيش الذي لا يُقهر» 2006 وهو الذي صدّ مع الجيش الغزو التكفيري، وهو الذي أرسى توازن الرعب مع العدو.
ونتيجة لهذه المراهقة لبعض ساسة لبنان، وحفاظاً على التنوع الثقافي والعيش الواحد في لبنان، ولاستدراك الخيارات المتهوّرة والحفاظ على الوجود المسيحي المتبقي في لبنان، من حقّ الفاتيكان ان يقلق من ارتفاع أصوات الأبواق المتناغمة مع العدو «الإسرائيلي» بالصراخ والعويل والثبور من وجود حزب الله و»الاحتلال الإيراني» المزعوم، فأرسل الى لبنان في الأسبوعين الماضيين أمين سر الفاتيكان للعلاقات مع الدول المطران بول غلاغر الذي قام بزيارات لمسؤولين وغير مسؤولين وحثّ على ضمان التعايش الثقافي والديني بين جميع اللبنانيين.
وقد تعمدت بعض وسائل الإعلام تغييب ما قاله سيادة المطران الزائر، وفيه الدعوة الى الحوار مع حزب الله في الشأن الداخلي وتصحيح العلاقة معه باعتباره يمثل نسيجاً اجتماعياً هو جزء أساسي من لبنان واللبنانيين وضرورة طمأنته داخلياً ودولياً وشطبه من لوائح الإرهاب الدولي، ليساهم في ترطيب الخلافات الداخلية، وتبرير دوره خارج لبنان كتدخل الولايات المتحدة في الشؤون الداخلية في كثير من الدول.
وقد تضمّنت الفقرة 93 من الإرشاد الرسولي الخاص بلبنان انّ الكنيسة الكاثوليكية منفتحة على الحوار والتعاون مع المسلمين في لبنان ومع سائر مسلمي العالم العربي ولبنان لا يتجزأ من هذا العالم الاسلامي.
ولا شكّ انّ الفاتيكان يدرك تماماً حجم المسيحيين اليوم في لبنان وينظر الى حجمهم بعد عقدين في ضوء النمو الاجتماعي للطوائف في لبنان وفي مقدّمهم المسلمين السنة والشيعة خاصة.
ولتبيان الحقائق وتوضيحها بالأرقام محاضرة قيمة لزميلنا رئيس قسم الدراسات في اللقاء الإسلامي الوحدوي الدكتور محمد مراد أستاذ المعهد الدولي العالي للدكتوراه في الآداب والعلوم الانسانية والاجتماعية في بيت المتقاعد المدني في محافظة النبطية بعنوان «الطائفية وأزمة لبنان الدائمة وطريق الخلاص».
ولأنّ الطائفية هي المحور الذي تدور حوله كلّ الأزمات الشديدة وتفرض على اللبنانيين انقساماً عمودياً بين المسلمين والمسيحيين بصرف النظر عن طبقاتهم الاجتماعية، فالنظام مأزوم بطبيعته وانّ الأزمة أزمة وطن.
وتقول الأرقام، انّ أعداد الناخبين بحسب المذاهب في لبنان لانتخاب المجلس النيابي الرقم 20 في تسلسل المجالس النيابية بين 1922 و 2022 ايّ خلال قرن كامل من الحياة النيابية في الدولة اللبنانية الحديثة تبيّن ان أحجام الطوائف الكبرى هي كالتالي :
السنة 1081520 28.865%
الشيعة 1073650 28.655%
الموارنة 746560 19.925%
ارثوذوكس 257818 6.881%
الدروز 210496 5.816%
ولما كانت تسوية الطائف قد أقرّت المناصفة النيابية بين المسلمين والمسيحيين فعلية يكون الوسط الانتخابي للنائب اللبناني على النحو التالي:
النائب اللبناني 29271 صوتاً
النائب المسلم 35521 صوتاً
النائب المسيحي 20946 صوتاً
وفي الاستنتاج…
1 ـ خلل في الكتلة الصوتية الناخبة بين المسلمين والمسيحيين بحيث تصل الفجوة الرقمية إلى 28.312 زيادة للمسلمين على المسيحيين.
2 ـ خلل في الوسط الانتخابي بين النائبين وبفجوة تصل 14.575 صوتاً زيادة للنائب المسلم.
هذه باختصار هي الأرقام، ولا نريد الغلبة لطائفة على أخرى، بل المساواة في الحقوق والواجبات في وطن يتسع للجميع، وعلى أصحاب الرؤوس الحامية ان يتحسّسوا مواقع أقدامهم وهو ما يريده الفاتيكان لهم…