دور ايران وأمريكا في أفغانستان.. كالفرق بين السماء والارض!
صحيفة الوفاق الإيرانية:
تقف الازمة الأفغانية على مدى الأسابيع الأخيرة في مفترق طرق، وتترقب أياماً حاسمة، نتيجة تكرار السياسات الأمريكية الأحادية، حيث تجلى سلوك امريكي “مثير للريبة” لدى اعلان القادة العسكريون الأفغان أن الأمريكيين فرّوا من قاعدة “باغرام” بين عشية وضحاها دون أي تنسيق مع القيادة الافغانية.
في المقابل، دخلت الجمهورية الاسلامية الايرانية الميدان رافعة راية الحلّ السلمي وإرساء الوحدة الوطنية في أفغانستان، وحظي الدور الايراني بالدعم والترحيب من قبل جميع الاطراف الأفغانية، وتمخّض عن ذلك إجراء مفاوضات إيجابية بين الوفود الأفغانية في طهران.
في غضون ذلك، سعى الأمريكيون دائما إلى تصوير الجمهورية الإسلامية على أنها تهديد للأمن الإقليمي، وحرّضوا اينما كانوا يعيثون فسادا في المنطقة على حذف إيران من المعادلة الإقليمية والقضاء على قدرتها الصاروخية، بالإضافة إلى تحييد ملفها النووي السلمي.
والسؤال الذي يلح علينا طرحه هنا، هو لماذا تؤكد جميع الأطراف في أفغانستان على ضرورة طرد امريكا، وأن تلعب إيران دورًا في حل أزمة هذا البلد؟ يمكن لنا الحصول على اجابة هذا السؤال لو وضعنا مجهرا على أسلوب تعاطي كل من إيران والولايات المتحدة مع أزمة أفغانستان والمنطقة:
-بحسب ما زعمه بايدن، تمثّلت المهمة الوحيدة لأمريكا في محاربة الإرهاب باغتيال بن لادن، وهي الخطوة التي أدت لتشكيل وتقوية تنظيمات من قبيل داعش في أفغانستان، خلاف ذلك؛ كانت إيران وجبهة المقاومة تشكلان مركز ثقل مكافحة الإرهاب في المنطقة.
-على مدى العقود الأربعة الماضية، كانت إيران دائما بلدا صديقا وشقيقا للشعب الأفغاني الذي مزقته الحرب، بينما قتلت الولايات المتحدة 47000 مدني وشرّدت 2.7 مليون آخر، وتسبّبت بنزوح 4 ملايين أفغاني داخل بلادهم خلال 20 عاما من احتلالها لأفغانستان.
-دور أمريكا المخرّب في هذا البلد لم يقتصر على هذا الامر، بل وقفت واشنطن موقف المتفرج تجاه مسألة مكافحة المخدرات في أفغانستان، كما أعماها طيشها وطمعها لتقوم بزيادة إنتاج المخدرات من 200 طن إلى 9000 طن في السنة.
– توجد نقاط إلتقاء وتشابه في العديد من العادات والخصائص الحياتية التاريخية والثقافية والدينية والاجتماعية بشكل واسع بين الشعبين الإيراني والأفغاني، والتي تجسّد أحد مظاهرها في تشكيل قوّة الفاطميون من قبل الأفغان للدفاع عن المراقد المقدّسة، في المقابل، قوبل التغريب الثقافي الأمريكي بردّ فعل صارم وواسع النطاق من قبل الشعب الأفغاني.
– واصلت الولايات المتحدة نهجها التخريبي وعملت على تقسيم أفغانستان بسياستها الفتنوية، بينما أكدت الجمهورية الإسلامية دائما على مبدأ التقارب والتعاطي والتباحث الأفغاني-الأفغاني.
– أيضاً كذلك، لم تتوقّف جرائم أمريكا في افغانستان عند هذا الحدّ، بل أقدمت وشركاؤها الغربيون على نهب موارد أفغانستان على مرّ السنين التي استعمروا فيها هذا البلد، بينما كانت إيران تنظر دائما إلى أفغانستان على أنها شريك اقتصادي في سياق المنفعة المتبادلة.
– علاوة على ماسبق، اعتبرت أمريكا أفغانستان مرتعاً لإشعال الانقسامات في المنطقة والضغط على دول الجوار، في حين صبّت الجمهورية الاسلامية جلّ جهودها لمساعدة أفغانستان للحفاظ على وحدة اراضيها واستقلالها، وتجسّد هذا من خلال اقتراح ايران خطة للسلام لدعم افغانستان وإنهاء الحرب فيها عام 2019 بمشاركة كل من الصين وروسيا وباكستان والهند.
– الجدير بالذكر هو وجه الاختلاف الكبير بين دور إيران ودور أمريكا في المنطقة، حيث لم تقدّم واشنطن في أي دولة دخلت إليها، من أفغانستان والعراق إلى سوريا ولبنان وليبيا وغيرها، سوء نقمات الحرب والقتل وانعدام الأمن والأزمات الاقتصادية والانقسامات الاجتماعية والسياسية، بينما أثبتت الجمهورية الاسلامية دائما دورها في إرساء الاستقرار والأمن في تلك الدول، ودعمت العملية السياسية القائمة على الإرادة والديمقراطية والشعبية في دول المنطقة، وهو ما يمكن تلمّسه في العراق وسوريا وفلسطين ، إلخ.
طبقاً لما سبق، يمكن ملاحظة أن نقطة الالتقاء بين الشعب والحكومة والتيارات الأفغانية هي الابتعاد عن امريكا، والاستعانة بقدرات إيران لتحقيق الاستقرار والأمن في بلادهم، ويعود هذا الامر الى صدق سلوك وأقوال الجمهورية الاسلامية في المنطقة، ما بثّ الطمأنينة في قلوب شعوبها.