دمشق العاصمة الأوسطية للدولة الروسيّةِ
موقع إنباء الإخباري ـ
يلينا نيدوغينا*:
الولايات المتحدة الامريكية لا تخون مصالحها الكونية والحيوية، لذا فهي تمنح إسرائيل أكثر الاسلحة المُنتَجة على اراضيها تطوراً وقهراً، لقهر العرب وأمانيّهم المشروعة، وعرقلةً لتحرير اراضيهم، وسحلاً لاستقلاليتهم.
من جهة أخرى، ، فإن روسيا بوتين ترسل الى سورية السلاح الأكثر تطوّراً لصد العدوان الاطلسي الامريكي الغربي والارهابي الدولي الواقع عليها، وهو السلاح الذي لم تكن موسكو تعطيه لأي من حلفائها الاشتراكيين في شرقي اوروبا من أعضاء حلف وارسو السابق.
وكما تضمن واشنطن ما يُسمى بـ”أمن” إسرائيل، (إقرأ: أمن الاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية، وأمن التواجد الامريكي في الشرق الاوسط)، تضمن موسكو أمن سورية الحليفة لها، وبالتالي ما تبّقى من السيادة العربية، بعدما وضع زعماء وشيوخ عرب كُثر مَصائرهم الشخصية ومصائر بلادهم، في الجيب الامريكي الصغير، وفي تصرف القادة الصهاينة.
صواريخ “أس 300″، صواريخ استراتيجية للردع وإفشال الهجمات المعادية بالجملة، وهي محطات ومجمعات ومنظومات حربية متكاملة للرصد والتمويه والتشويش الالكتروني وضمان وصول الصاروخ إلى هدفه بدون اعتراض العدو له.
ويتراوح مدى هذه الصواريخ ما بين 75 و150 كيلومتراً، أي أنها ضمانة كافية لرد الهجمات الجوية المنطلقة من دول الجوار ضد سورية، وبالأخص من تركيا واسرائيل.
وتعتبر “أس 300” الأكثر تقدماً في العالم، وتتجاوز بكفاءتها صواريخ “باتريوت” الأمريكية، التي باتت تحيط بسورية استعداداً لهجوم “أطلسي” مُحتمل عليها.
وفي تصريحات ترتدي أبعاداً متسعة سياسياً وعسكرياً، أكد وزير الخارجية الروسي، لافروف، قبل أيام، إن “إس300″، سلاح دفاعي مهمته حماية الدولة المستوردة من الهجوم الجوي، أي حماية سورية من العدوان الاجنبي السافر الذي يهدف الى القضاء على مراكزها الحيوية، ودفاعاتها، وخطوط قواتها، ولإفشال إقامة أية مناطق عازلة داخل الاراضي السورية.
ولمن لا يعلم، تُعد صواريخ “أس300” خطيرة، علماً بأن هذا النظام الحربي يتم تصنعيه منذ عام 1978، وتحديثه عدة مرات،
ويمكن لمنظومة واحدة من طراز “أس 300 بي. أم. يو. فاووريت” إطلاق ستة صواريخ في وقت واحد، ويتمكن كل واحد منها من تدمير الطائرات التي تحلق بسرعة تتعدى سرعة طائرات “أف 16″ و”أف 22” المقاتلة الشائعة الاستعمال في القوات الجوية الإسرائيلية والأمريكية، فضلاً عن أن هذه الأنظمة يمكنها اعتراض الأهداف البالستية، لذا، فإن مخاطر وتكاليف الهجمات الجوية على سورية سوف ترتفع بشكل كبير في هذه الحالة، لكون الصواريخ محددة الاهداف، فلا يدخل في مراميها التصدي للقوات البرية، برغم من أنه يمكن، تقنياً، إعادة برمجة منظومات “أس300” لضرب أهداف أرضية، ما قد يعتبر أمراً مضيعة للمال ومسيئاً للتقنيات نظراً لسعر الصاروخ الواحد الذي يتراوح بين 700 ألف ومليون دولار.
لكن، فإن أية محاولة من قبل القوى الأجنبية لفرض منطقة حظر جوي فوق سورية، كما حدث في ليبيا عام 2011، ستنتهي، وفقاً لروسيا، بعشرات الطائرات المدمرة وعدد كبير من التوابيت، وهذا أمر غير مقبول غربياً، لذا جهد الغرب برمته ونتنياهو، في محاولات متواصلة ومستميتة لحمل موسكو على التراجع عن هذه الصفقة، وللإبقاء على الاجواء السورية مستباحة أطلسياً، أردوغانياً وإسرائيلياً.
وإتساقاً مع هذه التصريحات، ترى الصحافة الروسية، استناداً الى خبراء عسكريين، بأن تسليم موسكو هذه المنظومة الدفاعية المتطورة لدمشق يُشير إلى قناعة الكرملين وعلى رأسه بوتين، بتحالف استراتيجي لا يتزعزع مع الدولة السورية بزعامة بشار الاسد، وضرورة بقاء نظام الرئيس بشار الأسد في السلطة، وبقاء منظومة الجيش السوري على حالها من دون أي تغيير منعاً لتكرار السيناريو العراقي، وللوقوف بوجه أي تغيير يُخطط أطلسياً للنيل من سورية، وضمانة لإجهاض أي إتفاق سياسي مُقبل قد يسعى الغرب الى تطبيقه في سورية بدون موافقتها، أو بلا موافقة حلفائها موسكو وبكين. لذا، وفي هذا السياق، فقد جاء في صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” الموسكوفية، بأن فعالية أسلحة الدفاع الجوي الصاروخية هذه، تتوقف على مدى كفاءة مستخدميها ومشغليها، ورجحت بأن يكون خبراء روس وصلوا الى سورية لتشغيلها والاشراف عليها، لتكون على أهبة الاستعداد القتالي الفعّال والكامل بقدراتها الحربية.
وهنا بالذات، تم تسريب معلومات مصدرها موسكو، بأن الصواريخ الجديدة تدار حالياً على الأراضي السورية من جانب الخبراء العسكريين الروس، ذلك أن مئات الكوادر التقنية العسكرية السورية يجب تأهيلهم وتدريبهم لتشغيل هذه الآلات المعقدة للغاية، وهو أمر سيستغرق ستة شهور.
ومن المفيد راهناً الاستعانة بالتاريخ لإدراك مدى عمق التحالف السياسي والعسكري بين موسكو ودمشق التي تُعتبر، فعلياً، جمهورية روسية من خارج قِوام روسيا الفيدرالية، فقد لا يعرف سوى البعض القليل عن أن روسيا سلّمت سورية صواريخ “أس200” التي أفشلت العدوان الصهيوني وغاراته الجوية على سورية، في الفترة ما بين 1983و1984، وعملت الطواقم الروسية أنذاك على تشغيلها بفعالية كاملة، ضمن الحلف الفعّال القائم بين الدولتين، وقد صمتت تل أبيب على هزيمتها، خشية افتضاح إنكسارها العسكري، ولئلا تتصارع بالأيدي وليس بالألفاظ فحسب، مع موسكو.
addiyar_elena@hotmail.com
*مُمَّثلة العالم العربي في اللجنة التنفيذية لرابطة الصحافة الروسية العالمية، وعضو في قيادة الإتحاد الدولي للصحفيين أصدقاء الصين.