درعا, الشر القادم من الجنوب
انطلقت منها قبل 3 سنوات المطالب بشان الحصول على المزيد من حرية الرأي والتعبير والتعدد الحزبي, اسوة بمدن ما يسمى بالربيع العربي, ولأنها لم تكن تبطن ما تظهر تحولت بفعل اعداء الشعب السوري الذين لا يريدون له سوى الدمار والقتل والتشريد الى حركة اجرامية تتحكم بها قوى خارجية, بيادق يزج بها في امور هي ابعد ما تكون عن حرية التعبير والمناداة بالمساواة في الحقوق والواجبات وبناء وطن ينعم فيه كافة ابنائه بالأمن والسلام .
امكن التغلب على احداث الشغب التي حلت بالجنوب, انطفأت شمعة الذين ارادوها لإحراق الوطن بفعل فطنة اهلها الكرام البررة ,لكن ايدي العابثين لم تتركن السكان وشانهم ,بل استطاع هؤلاء المجرمون فتح جبهة الجنوب ليزداد العبء على القوات المسلحة التي تحارب التكفيريين في اغلب ارجاء سوريا,خاصة بالشمال حيث يتلقى هؤلاء الدعم والتأييد من عربان الخليج والباب العالي بالآستانة,فالسلطان العثماني الجديد, اراد ان يعيد امجاد اسلافه على حساب العرب,بعد ان قضم جزء عزيز من الارض السورية (الاسكندرونه) وألحقه بالدولة العثمانية,وللأسف الشديد تغاضى حكام الشام المتعاقبين عن المطالبة بعودة الارض المغتصبة الى حضن الام سوريا.
عندما تشتد معارك الشمال بفعل التدخل التركي السافر,يتسلل التكفيريون خلسة الى سوريا عبر الجنوب,تتظاهر الاردن بأنها لا تتدخل في الشأن السوري, فهي تعلم جيدا ان التكفيريين سيرتدون الى الاردن في نهاية المطاف,ويسببون للمملكة مشاكل هي في غنى عنها ولا قدرة لها على المجابهة,ولان الاردن مجرد محمية غربية فكان لزاما عليه الانخراط في الحلف المعادي لسوريا وتدريب خوارج العصر على الارض الاردنية ومن ثم الانطلاق الى سوريا لتخفيف العب على الجبهات الاخرى.
تتحدث هذه الايام امريكا والغرب عن امكانية دعم المعارضة السورية بما يمكنها من تقويض سلطة دمشق عبر الجنوب, وخلق بؤر تخريبية,بعد ان فشلوا في خلق خروقات يمكن القول بأنها تقض مضجع الاسد وتسبب له ارباكا ينعكس سلبا على مجرى العمليات القتالية على الحدود مع تركيا وبعض الجيوب الارهابية على الحدود مع لبنان,حيث شارف الجيش العربي السوري على السيطرة على طرق امداد المقاتلين التي ظلت مفتوحة طوال السنوات الثلاث الماضية.
الامريكان والغرب عموما يسعون بكل جدية على امداد المعارضة المسلحة بكافة الامكانيات, لكنهم في المقابل يخشون من ان تقع الاسلحة في ابدي التكفيريين,وبالتالي يمكن استخدام الاسلحة لتقويض المصالح الامريكية بالمنطقة وزعزعة امن كيان العدو ,كما فعل تنظيم القاعدة الذي صنعته امريكا فما ان تم انسحاب الروس من افغانستان,حتى انقلب السحر على الساحر فكانت احداث سبتمبر2001 التي هزت العالم وأربكت اقوى دولة في العالم, وجعلت نائب الرئيس الامريكي مختفيا عن الانظار لفترة محدودة (الرأي قبل شجاعة الشجعان) فلا داعي للمجازفة بنائب الرئيس وليذهب الرئيس الامريكي الى الجحيم .
يبقى السؤال المشروع هل ستقدم الاردن على فعل ما يطلبه الغرب منها وبالأخص امريكا؟ أ لا يدرك الملك انه في حالة انتصار التكفيريين سيكون اول من سيدفع الثمن,وفي حال انتصار الاسد سيعود هؤلاء الى الاردن الذي صار ممرا ومقرا للإجراميين,بمعنى انه في كلا الحالتين (انتصار الاسد او هزيمة الحلف الممانع) فان الخاسر الاكبر هو الاردن لأنه لا يملك القدرة على مواجهة هؤلاء,وان الامريكان سيضحون به كما تمت التضحية بآخرين لا يقلون عنه عمالة ,امثال ,ماركوس الفلبين,شاه ايران,انور السادات,وأخيرا حسني مبارك وغيرهم الكثير.
هل يستيقظ الملك من سباته, ويمنع اي تواجد مسلح على اراضيه ,ام انه مجرد دمية تحت تصرف الغير يؤمر فينفذ ,وبالتالي زوال ملكه الذي ورثه عن اسلافه, فماذا يا ترى بإمكان الملك ان يفعل,الجواب حتما سيكون قريبا, فالشعب الاردني البطل لن يرضى بان تستخدم اراضيه في زعزعة امن الجوار.
ميلاد عمر المزوغي – بانوراما الشرق الأوسط