دراسة «آراء»: 13 % من اللبنانيين يريدون عون رئيساً
ملاك عقيل –
صحيفة السفير اللبنانية:
تعقّدت الامور الى حّد الضياع. اللبنانيون المختلفون تقريبا على كل شيء، لن يجمعهم استحقاق الرئاسة بالطبع. في غمرة الاسماء المرشّحة التي تسبح في بحر الرهانات والحسابات الاقليمية والدولية ورغبات الاكليروس والسياسيين، لا يمكن توقّع سوى المزيد من الضبابية والحيرة على مستوى القاعدة. فكيف اذا كانت المرحلة اصلا مرحلة كسر اصطفافات، وتبادل اوراق، وتسوية حسابات، واسقاط اقنعة، وتركيب اخرى، تحت كنف خريطة جديدة ترتسم معالمها في المنطقة.
من اوكلوا الى نواب الامة اختيار رئيسهم الثالث عشر للجمهورية، والرابع بعد الطائف، غير قادرين على التوافق، بالحدّ الادنى، على هوية من سيجلس على كرسيّ بعبدا، لا بالاكثرية زائدا واحدا، ولا بالثلثين، ولا بالاجماع!
أظهرت نتائج الاستطلاع الذي قامت به شركة «آراء للبحوث والاستشارات» بالتعاون مع «السفير»، حول رئاسة الجمهورية، تشتّتا واضحا في الخيارات الشعبية تجاه هذا الاستحقاق، اذ إن اي اسم من سلّة الاسماء الرئاسية المتداولة لم يحظ بنسبة تأييد وازنة بين اللبنانيين، وحتى بين المسيحيين.
هذا الواقع، الذي يبرّره غموض الرؤية محليا وخارجيا وشعور اللبنانيين عامة ان «سوبرمان» الجمهورية ليس موجودا الا في الخيال، لا يحجب الاساس. فوسط حالة الضياع، وتوسّع مروحة السيناريوهات حول مصير الرئاسة الاولى، هناك 13 في المئة من اللبنانيين، وفق استطلاع «آراء»، يرغبون بوصول العماد ميشال عون، رئيس اكبر تكتّل مسيحي، الى سدّة الرئاسة. بعد عون حلّ النائب سليمان فرنجية ثانيا بنسبة 10 في المئة.
والاستطلاع الذي اجري قبل اعلان رئيس حزب «القوات اللبنانية» ترشيحه للرئاسة، ابرز حلول جعجع في المرتبة الثالثة بنسبة 6 في المئة من اللبنانيين، وهي النسبة نفسها التي حصل عليها الوزير السابق زياد بارود. ولن يكون تفصيلا تساوي النسب بين وزير الداخلية السابق «نجم» العديد من الاحصاءات والمقرّب من الصرح البطريركي، وبين مرجعية مسيحية لها حيثيتها ووزنها في الشارع المسيحي، وتقدّم بطاقة تعريف عن نفسها بكونها «الاقوى» مسيحيا.
الدراسة الميدانية التي أجرتها شركة «آراء» شملت 500 مواطنًا لبنانيًا. توزّعت العيّنة على مختلف المحافظات والأقضية اللبنانية بما يتوافق والبنية السكانية للمواطنين اللبنانيين بحسب مكان السكن والنوع والفئات العمرية، بالإضافة الى التوزّع النسبي لمختلف الطوائف. وقد تمّ تنفيذ البحث الميداني عبر مقابلات تلفونية بواسطة الكومبيوتر في الفترة الممتدة بين 27 آذار و3 نيسان، وأشرف عليها وعلى دراسة نتائجها مدير «آراء» طارق عمار.
في الترتيب، حلّ خامسا الوزير والنائب بطرس حرب بحصوله على 3 في المئة من إجمالي الأصوات، فيما حصل كل من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وقائد الجيش العماد جان قهوجي على 2 في المئة، علمًا أن انتخابهما يحتم حصول تعديل دستوري للمادة 49. وحصل جان عبيد على 1 في المئة.
ومن ضمن العيّنة التي شملها الاستفتاء، برزت نسبة 29 في المئة «لا تعلم» من تريد رئيسا للجمهورية، و23 في المئة رفضت الإجابة، فيما 4 في المئة ذكرت شخصيات أخرى متفرقة.
اختلاف النتائج بحسب المذاهب كان بارزا ومعبّرا في ارقام الاستطلاع. فالاستحقاق الرئاسي هو ملف مسيحي بامتياز قبل ان يكون وطنيا. صحيح انه الموقع الاول للمسيحيين في رأس هرم الدولة، لكن تعدّد «طبّاخيه»، بخلاف موقعَي رئاسة مجلس النواب ورئاسة الحكومة، يحوّل المسيحيين الى مجرّد مرشّحين لا ناخبين ومرشّحين في آن معا.
وفق الدراسة، احتلّ سمير جعجع المركز الثاني بين المسيحيين (11 في المئة) بعد العماد عون (14 في المئة)، فيما اتى سليمان فرنجية في المركز الثالث (7 في المئة). أما الشخصيات الأخرى فحافظت على نتائجها العامة.
لكن جعجع، اول من اعلن رسميا ترشيحه للرئاسة، حل أولاً بين الموارنة متقدّما على عون العماد عون بفارق بسيط (13 في المئة لجعجع مقابل 11 في المئة لعون). أما فرنجية فحصل على 9 في المئة من الموارنة. (النسب هذه لا تتضمن الأشخاص الذين رفضوا الإجابة او لا يعرفون، وهم يمثلون نصف المستفتين تقريبًا. أي ان كلا من هذه الشخصيات قد حصل على ضعف هذه النسب بين المستفتين الذين أجابوا بإسم رئيسهم المفضل).
في المقابل، منحت نسبة كبيرة من الشيعة اصواتها للعماد عون (29 في المئة)، وهي الأعلى بين مختلف الشرائح، يليه فرنجية بنسبة 18 في المئة، وصفر لجعجع.
اما السنّة فقد توزّعت اصواتهم على العديد من الشخصيات. أغلبية بسيطة اختارت جعجع (9 في المئة). اما فرنجية، فنال 8 في المئة من اصوات السنة، تلاه بارود وحرب بنسبة 6 في المئة لكليهما. أما عون فحصل على 4 في المئة.
وبين الرغبات والامر الواقع ثمّة فرق. فعند سؤال المشمولين بالاستطلاع: من هو الأوفر حظًا، لتبوّء مركز الرئاسة، ارتفعت نسب جميع المرشّحين ما عدا جعجع.
ردا على هذا السؤال، ارتفعت حظوظ زياد بارود فحصل على 14 في المئة، وهي النسبة المماثلة التي حصل عليها عون. يليهما بفارق بسيط قهوجي وفرنجية، بنسبة 13 في المئة من اللبنانيين.
واختلفت النتائج بين الطوائف الكبرى، فحلّ بارود أولاً بين السنة (22 في المئة)، يليه قهوجي (17 في المئة). أما الشيعة فنسبة كبيرة منهم، وصلت إلى 30 في المئة، تعتقد أن العماد عون سيأتي رئيسًا، يليه فرنجية (17 في المئة)، وقهوجي (16 في المئة). اما المسيحيون فقد ذكروا ثلاثة أسماء: عون (17 في المئة)، فرنجية (15 في المئة)، وبارود (12 في المئة). ولا يظن سوى 5 في المئة من المسيحيين أن جعجع سيكون رئيسًا.
وبعيدًا عن بورصة الأسماء، هل يعتقد اللبنانيون ان الاستحقاق سيتمّ في مواعيده الدستورية؟
خلافا للتشتّت الذي طبع اجابات العينة المستطلَعة بشأن اسم مرشحها المفضّل وحظوظه في الوصول الى قصر بعبدا، فان اللبنانيين وبنسبة 40 في المئة يعتقدون أن الاستحقاق سيتمّ في موعده. أما نسبة 29 في المئة، فتعتقد أن لبنان سيدخل الفراغ الرئاسي مجددًا، و15 في المئة تعتقد ان الرئيس ميشال سليمان سيتمّ التمديد له.
البقية لا تعرف (15 في المئة)، او رفضت الإجابة (2 في المئة). وبلغة الطوائف، يعتقد المسيحيون أكثر من غيرهم ان الاستحقاق سيتم (48 في المئة)، كذلك الشيعة مع 44 في المئة مقابل 31 في المئة فقط لدى السنة، إذ يعتقد ربعهم أن التمديد سيّد الموقف.
يذكر أن 7 في المئة من المسيحيين و16 في المئة من الشيعة يعتقدون ان التمديد سيحصل.
والتفاؤل بامكان اجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده الدستوري، انسحب على الرغبة بحصول عملية الانتخاب بشكل ديمواقراطي في مجلس النواب، لا على اتفاقات معلّبة.
فقد ذكرت أغلبية موصوفة بين مختلف الطوائف والشرائح، بنسبة 64 في المئة، أنها تفضّل ان تتمّ العملية الانتخابية ديموقراطيا في مجلس النواب، مقابل 30 في المئة تفضّل التوافق المسبق، و4 في المئة لا تعرف، و3 في المئة رفضت الإجابة.
وقد تم سؤال العينة حول المواضيع التي على الرئيس العتيد أن يضعها على سلم أولوياته. ويبيّن أحد الرسوم البيانية، لائحة الأولويات التي تمّ سؤال العينة عنها والنتائج التي حققتها. (امكن للمستفتَى الإجابة على أكثر من أولوية واحدة).
فقد حل الوضع الأمني في أعلى سلم الأولويات لدى 67 في المئة من اللبنانيين. وجاء الوضع الاقتصادي ثانيًا ( 44 في المئة)، يليه التوافق بين جميع اللبنانيين عبر حوار وطني (39 في المئة)، وضع «قانون جديد للانتخابات النيابية»(27 في المئة)، «الإستراتيجية الدفاعية» (26 في المئة) وكذلك «تعزيز العلاقات الخارجية».
وأخيرًا تمّ سؤال العيّنة عن أداء الرئيس ميشال سليمان في عهده. وجاءت النتائج مختلفة حسب التوزيع المذهبي. أغلبية اللبنانيين ذكرت أن أداءه إيجابي (16 في المئة ممتاز و46 في المئة جيد)، فيما رأت نسبة 29 في المئة أنه سيئ (9 في المئة سيئ جدًا و20 في المئة سيئ).
ويبدو أداء الرئيس سليمان أفضل بنظر السنّة (81 في المئة يرونه إيجابي)، مقابل 37 في المئة فقط لدى الشيعة. إذ إن اغلبية الشيعة يعتبرون ان أداء سليمان في عهده كان سيئا (20 في المئة من الشيعة قالوا إن أداءه كان سيئا جدًا، و34 في المئة أن أداءه سيئ).
أما المسيحيون فقد ذكر 60 في المئة منهم أن أداءه إيجابي (13 في المئة ممتاز و47 في المئة جيد) وهي نسب قريبة من المعدل العام لمجمل اللبنانيين.