دراسات تضع فنون المستشرقين على بساط البحث في الندوة الموازية لمعرض بلاد الشام
صحيفة الخليج الإماراتية ـ
الشارقة – عثمان حسن:
اختتمت صباح أمس فعاليات الندوة الموازية لمعرض بلاد الشام “الاستشراق الفني في بلاد الشام” بجلسة ختامية أدارتها د . مهى سلطان ومشاركة كل من غازي نعيم “الأردن” ود . عبد الكريم السيد “فلسطين” ومحمد حميدة “مصر” . وقد قدمت في الجلسة محاور عدة درست بعض الأعمال الفنية في معرض “بلاد الشام” كما تناولت تاريخية بعض الأمكنة في سياق المفهوم الاستشراقي وغيرها من العناوين .
قدم الباحث والتشكيلي غازي نعيم ورقة تحت عنوان (بلاد الشام في عين الغرب . . فن المختلف/مداخلة بحثية حول معرض بلاد الشام) تتبع فيها دوافع الاستشراق الفنية التي نقلت سحر الشرق بمواقعه الطبيعية وتضاريسه الجغرافية الخلابة فضلاً عن بعدها الروحي، وهو ما أضاء على الكثير من سمات هذا الشرق الذي شكل فيه الدين موضوعاً جوهرياً توقف عنده المستشرقون كثيراً، وهذا يعني من وجهة نظر غازي نعيم أنه لم تكن النزعة الرومانسية فقط هي ما دفع المستشرقين الغربيين لزيارة الشرق، بل كانت هناك دوافع أخرى باطنية حركتها دوافع اقتصادية وسياسية واستعمارية صرفة . وقال غازي نعيم “إن المتتبع لحضور الشرق المختلف في الرسم الأوروبي يلاحظ أنه بقي محصوراً في الطبقات الاجتماعية العليا حتى منتصف القرن التاسع عشر، حيث بدأ يتجه بحدة بالغة نحو المستويات الشعبية، ومرد ذلك أن المد الاستعماري والتجاري الأوروبي بدأ يتوسع باتجاه الشرق في تلك الحقبة، فأخرج “رحلات الشرق” عن إطارها النخبوي وجعلها بمتناول السواد الأعظم من الأوروبيين” .
محمد حميدة الباحث في الفنون البصرية قدم ورقة بعنوان: (تساؤلات مقتضبة حول الاستشراق) جاء فيها على الإشكالات المرتبطة بموضوع الاستشراق الفني، الذي لم يحظ من وجهة نظره بدراسة قادرة على الإلمام بكافة الجوانب المرتبطة بهذا الموضوع وعلاقته المباشرة مع حقب تاريخية متعددة، خاصة أن القسم الأكبر من الدراسات المنشورة في هذا المجال لا تكاد تفي بالغرض كونها تبحث فقط في الجانب التوثيقي، وتقف عند المناحي التاريخية وتتعامل مع منتج الفن الاستشراقي في هيئته الإصطلاحية المجردة .
واستخدم حميدة مصطلح “مسرحة الواقع” في تتبعه لظاهرة الإستشراق في جانبه الفني، تلك المسرحة التي دفعت كثيرًا من الرسامين والاستشراقين لأن يتصرفوا بصرياً في بناء اللوحة والاختزال والإضافة لإظهار عناصر على حساب أخرى وللتأكيد على أفكار محددة مقابل أفكار تم تجاهلها كما تبدى ذلك في أشكال الوجوه وفي وضعيات الشخوص داخل اللوحات بشكل يخلو من الحيوية فبدت كما لو أنها مجرد رسومات وموديلات رسمت في مكان وزمان مغايرين وفقاً لرؤية الفنان بما لا يتناص غالباً مع الواقع، وبما يخدم تصور الفنان فقط عن الشرق .
في ورقته التي عنوانها (معرض بلاد الشام . . كنوز من الأعمال الفنية) نوه د . عبد الكريم السيد بلقب “فن المستشرقين” الذي وضعه الناقد الفرنسي يوليوس كاستناري في القرن التاسع عشر، وقال “بدأت مرحلة فن المستشرقين مع الحملة العسكرية لنابليون بونابرت واحتلاله مصر خلال الفترة من 1798 إلى 1801 التي لفتت الأنظار لزيارة الشرق فكانت معظم الأعمال التي أنجزت في تلك الفترة تعكس مبررات التأخر والجهل الذي تعيشه المنطقة” وجاء د . السيد على نماذج من أعمال تلك الفترة واعتمدت فيها على تقنية الطباعة والحفر، في السياق ذاته تناول السيد تجربة مجموعة من الفنانين المستشرقين منهم ديلاكروا الذي أسس لمذهب الرومانسية في الفن، وكذلك ديفيد روبرتس الذي تتبع السيد حياته الفنية وساقه كنموذج فريد رسم العديد من اللوحات التي تميزت بالخبرة الفنية .