داعش في أفغانستان ..
موقع إنباء الإخباري ـ
هادي حسين:
ينقل التراث الشعبي لنا مثلاً قاله الحكماء قديماً وهو : “الشقى لمن بقى ” .
ويبدو أن الشعب الأفغاني مصداق بارز لهذا المثل الشعبي ، فجيوشٌ تأتي وتروح وحكوماتٍ مشلولة تتشكل بعد كل إنسحاب لمحتلٍ قضى من أفغانستان وطرا .
أمريكا خرجت مجرجرة أذيال الهزيمة وراءها بعد حرب استنزفت التاريخ والحاضر والمستقبل الأفغاني، مُخلفةً وراءها إتفاقية ذل لأجيال المستقبل وحكومة تبعثر وطني جمعت أضداد الطيف السياسي في أفغانستان.
لكن يبقى التحدي الأبرز أمام هذه الدولة المترهلة مؤسساتياً من سنين الحرب الطويلة هو الصراع الداخلي الذي يهدد أمن وإستقرار أفغانستان الأهلي، حيث أن كبار المراقبين للوضع الأفغاني قلقون من صراع نفوذ بين طالبان وما يسمى بتنظم الدولة الإسلامية.
وبالفعل فقد ظهرت إلى العلن أول الأدلة الدامغة التي تشير إلى أن ما يعرف بتنظيم “الدولة الاسلامية” يقوم بتجنيد مقاتلين في أفغانستان.
فقد أعلن الملا عبدالرؤوف، وهو قائد سابق في حركة طالبان في إقليم هلمند، بيعته لـ “أبو بكر البغدادي”.
وقال أحد وجهاء منطقة سنكين ـ ويدعى سيد الدين سنكينوال ـ لـ “بي بي سي” إن التنظيم الجديد اصطدم بحركة طالبان بعد أن استبدل علم طالبان الأبيض براية “الدولة الاسلامية” السوداء.
وقال الوجيه المذكور إن نحو 20 شخصاً من الطرفين قتلوا أو اصيبوا بجروح في الاشتباك.
من جانبه، أكد القائد العسكري الأفغاني المسؤول عن المنطقة، واسمه الجنرال محمود، بأنه اطلع على تقارير تفيد بتشكيل التنظيم الجديد في الأيام القليلة الماضية.
وقال الجنرال محمود إن أفراد التنظيم يحاولون شحذ التأييد “للدولة الاسلامية”، وإنهم يستعدون للقتال.
يذكر أن الملا عبد الرؤوف، قائد التنظيم الجديد، كان من كبار قادة حركة طالبان وقضى ست سنوات في معتقل غوانتانامو بعد أن القت القوات الامريكية القبض عليه عام 2001.
وثمة تقارير تحدثت عن خلاف وقع بينه وبين زعيم الحركة الملا عمر.
ومن الجدير بالذكر أن الملا عبد الرؤوف له صلة قرابة بحاكم ولاية نمروز، أمير محمد، الذي قال إنه (اي عبد الرؤوف) فقد احدى ساقيه قبل أن ينقل إلى غوانتانامو.
وقال أمير محمد إن تنظيم “الدولة الاسلامية” حاول بالفعل تجنيد مقاتلين في ولاية فارح جنوب غربي افغانستان، ولكن السكان المحليين والشرطة طردوهم منها.
وقال الحاكم إن هؤلاء يحملون الأفكار نفسها، ومضى للقول “تارة يحاربون تحت اسم القاعدة، وتارة تحت اسم طالبان، والآن تحت اسم الدولة الاسلامية، ولكنهم نفس البشر ولديهم نفس البرامج.”
وفي إشارة أخرى إلى الصراعات داخل حركة طالبان، قال الناطق السابق باسم حركة طالبان باكستان “شاهد الله شاهد ” في شريط مصور نشر على الانترنت إن هناك العديد من قادة “الدولة الاسلامية” ناشطون في افغانستان، وإن حركة طالبان باكستان تحالفت مع “الدولة الاسلامية.”
ورغم تعذر تأكيد هذا الادعاء من مصدر مستقل، فإن الشريط المذكور يحتوي على صور لعدد من القادة من مناطق متعددة في افغانستان يقال إنهم بايعوا “الدولة الاسلامية.”
ويقول هؤلاء في الشريط إنهم حولوا ولاءهم من الملا عمر الى زعيم “الدولة الاسلامية” أبو بكر البغدادي.
ويعتبر هذا أخطر تحد لوحدة قيادة حركة طالبان منذ عدة سنوات.
ولم يشاهد الملا عمر علناً منذ عام 2001، ولكن مسلحيه يواصلون شن هجماتهم على الجيش الأفغاني حتى بعد انتهاء مهمة القوات الغربية في افغانستان نهاية العام الماضي.
ولكن القوات الأفغانية تمكنت من الصمود بوجه هجمات طالبان رغم تكبدها خسائر جسيمة خصوصاً في صفوف الشرطة.
وكان قد أقيم حفل كبير في مقر قيادة قوات الجيش في إقليم هلمند لإحاطة الزعماء السياسيين المحليين علماً بأن القوات الافغانية تسيطر على الموقف في الولاية.
ويقول أحد القادة العسكريين الافغان الذين حضروا الحفل إن موسم القتال قد طال بسبب جفاف موسم الشتاء الذي لم يتسم بالبرودة المعهودة، ولكنهم يضيفون انه لو نجح تنظيم “الدولة الاسلامية” في التسلل الى افغانستان فإن طبيعة الحرب ستتغير لا محالة.
أما الشيوخ الذين حضروا الحفل الذي أقيم في معسكر الجيش البريطاني السابق في هلمند فقالوا إنهم شهدوا مرحلة دخول وخروج الروس والبريطانيين والامريكيين، ولكنهم يأملون الا تأتي “الدولة الاسلامية.”
وثمة تقارير تتحدث أيضاً عن محاولات تبذلها مجموعة تدعى “مجموعة خراسان” لتجنيد مقاتلين في إقليم وارداك.
وكان الأمريكيون قد أعلنوا في ايلول/ سبتمبر من العام الماضي أن طيرانهم أغار على قاعدة تقع قرب حلب تعود لمجموعة خراسان.
ومع أن مجموعة خراسان متحالفة مع تنظيم “الدولة الاسلامية”، فإنه من غير المعلوم إن كان لذلك أي صلة بمحاولات جماعة خراسان شحذ التأييد في افغانستان.
ويعني كل هذا أن الحرب الأفغانية تدخل في منعطف خطير.
فقد ازدادت الهجمات الانتحارية التي تستهدف المدنيين، بما في ذلك الهجوم الذي استهدف مؤخرا مباراة بالكرة الطائرة، وهي أهداف لم تهاجمها حركة طالبان في السابق.
فلو صحت الاخبار القائلة إن الملا عمر يفقد سيطرته على حركة طالبان، وإن “الدولة الإسلامية” قد نجحت في التسلل إلى افغانستان فإن ذلك سيشكل أكبر تهديد لحكومة الرئيس أشرف غني الجديدة التي أعلن عنها بعد ثلاثة أشهر من إنتخابه رئيساً لأفغانستان .
ويبقى كما تقدم القول: “الشقى لمن بقى”.