“داعش” تخطط لعراق آخر في لبنان
إستمرت الانظار مشدودة في بيروت الى ما يجري في عرسال وجرودها بعدما اختلط حابل العمليات العسكرية بنابل مساعي الحل، وسط مقاربات متباينة لما يحدث رغم “انتظام” اللبنانيين خلف جيشهم في معركة ضحيتها الرقم واحد بلدة عرسال.
وقالت مصادر خبيرة قريبة من “8 آذار” لـ”الراي” ان “تطورات الساعات القليلة الماضية دلت على انتهاء شهر العسل بين حركتي النصرة وداعش. فجبهة النصرة في عرسال رضخت ومعها الجيش السوري الحر وفصائل اخرى لمطالب الجيش اللبناني، كما كانت ترضخ في مناطق بيت سحم وحمص في سورية لتذهب الى التسوية بعدما تدرك ان لا فائدة من القتال العبثي، غير ان الدولة الاسلامية (داعش) كانت بالمرصاد لجبهة النصرة واشتبكت معها ومع آخرين من المعارضة السورية، لا سيما في جرود عرسال عند انسحابهم ليلاً، اضافة الى فتحها النار على الجيش اللبناني بهدف اسقاط الهدنة التي كان وافق عليها الجيش ومعه القوى السياسية اللبنانية افساحاً امام الجميع للخروج من عنق الزجاجة بعدما زجوا بانفسهم فيه”.
وتحدثت هذه المصادر عن “مأزق يعانيه الجيش اللبناني الذي لم يكن يتوقع ان يكون عرضة لمعركة الان، وكذلك لنقص العتاد والعدة والعديد مما يحوّل دون تمكنه من اكمال الحصار، ليس على عرسال البلدة بل على بقعة جغرافية ضخمة تمتد على طول 76 كيلومتراً ملاصقة للحدود مع سورية، والتي كانت تستخدم تاريخياً كطرق للتهريب”.
ولفتت المصادر عينها الى ان المسلحين وجدوا انفسهم ايضاً في وضع حرج، فهم خسروا ما يمكن وصفه بالجنة على الارض (عرسال) حيث لم يعد من مكان آمن لهم بعد اليوم، ووقعوا ضحية وجود عائلاتهم ضمن الـ 120 الف لاجئ سوري الى بلدة عرسال، وتالياً فانهم صاروا امام خيارين: اما الاستسلام واما الموت في المقلب الآخر من الحدود، اي من القلمون السورية حيث تنتظرهم قوات النخبة من حزب الله والمتربص بهم منذ اشهر عدة”.
واوضحت تلك المصادر ان “الدولة الاسلامية (داعش) اختارت التمركز داخل بلدة عرسال وخارجها لمقاتلة الجيش اللبناني النصيري، بحسب تعبيرها، والذي تعتقد ان لا بد من التخلص منه لاحكام دولة الخلافة على العراق والشام ولبنان، كما وعد الخليفة ابو بكر البغدادي”، مستنتجة ان “الحرب فرضت على الجميع في هذه المنطقة (عرسال وجرودها) من دون ان يكون لاي من المتحاربين رؤية لحل افضل، خصوصاً الجيش اللبناني او جبهة النصرة وحلفائها. باستثناء جنود الدولة الاسلامية ورجال الله (اي حزب الله) الذين يحاربون بعقيدة، وتالياً فان الحرب لن تنتهي بينهما الا بهزيمة فريق للآخر”، كاشفة عن “تراجع عدد المسلحين السوريين نتيجة المعارك الدائرة في عرسال والقلمون الى حدود 2000 مسلح”.
وابلغت مصادر معنية الى “الراي” ان “التحقيقات ما زالت جارية مع عماد احمد جمعة، الذي كان شكل توقيفه من الجيش اللبناني الشرارة التي اشعلت الحريق في عرسال وجرودها”، لافتة الى انه “ادلى باعترافات خطرة تشير الى انه كان للدولة الاسلامية حلفاء في اكثر من منطقة لبنانية ينتظرون الساعة صفر، وقد كشف عن بعض الاسماء”، موضحة ان “الضربة الاساسية كانت ستوجه لمناطق مسيحية كونها الحلقة الاضعف، خصوصاً تلك الواقعة على تخوم البقاع”، كاشفة عن ان “اعترافات جمعة دلت على ان العصب السياسي للدولة الاسلامية مزروع في جميع المناطق ضمن بيئة حاضنة، ليست لبنانية ابداً، بل موجودة في مخيمات النازحين السوريين”، معتبرة انه “لو تحرك 5 في المئة من المليون والـ 200 الف نازح سوري في لبنان لكان الامر في غاية الخطورة”.
ولفتت هذه المصادر الى ان “الخطير في الامر ان الدولة الاسلامية تعي تماماً خريطة انتشار الجيش اللبناني على جميع الاراضي اللبنانية، وخصوصاً انتشاره في جنوب لبنان انفاذاً للقرار الدولي 1701 الذي اعقب حرب تموز 2006، الامر الذي لا يسمح له بمجابهة التكفيريين في حال فتحت عليه جبهات عدة في آن واحد”، مشيرة الى ان “الدولة الاسلامية اثبتت قدرتها على خوض معارك على جبهات عدة في وقت واحد يوم هاجمت قواتها مدينة سامراء وتكريت على مدى يومين ليكون الهدف الحقيقي في الموصل فتتمدد قواتها الى تكريت وتلعفر وسينجار والفلوجة والرمادي والنخيب على تخوم كربلاء وعرعر على الحدود مع السعودية وخانقين على الحدود مع ايران، اضافة الى محاربتها قوات البيشمركة شمالاً”.
وتخلص هذه المصادر الى القول ان “الدولة الاسلامية تمددت في العراق على رقعة 70 الف كيلومتراً مربعاً فكيف سيكون الحال معها في الـ10425 كليومتراً مربعاً (مساحة لبنان) لو كتب لخطة انقضاضها النجاح”.