داء الموت يغزو البشرية
موقع إنباء الإخباري ـ
دانيال المقدسي:
يحتاج الكثير من الناس في لبنان إلى قراءة التاريخ القريب والمتوسط حتى يعرفوا سمات الذين يأتون من مشارق الأرض ومغاربها للقتال في سوريا.
منعوتون بـ”التكفير”، معروفون بـ”القتل المرير”، ذباحون، غازون، سطحيون، على أقل تقدير. العقل المدبر والفكر السائد والثقافة المسيطرة على هؤلاء مدرسة خاصة أنشئت باسم الإسلام وأصالته، يخالفها الكثير من المسلمين.
الجميع من العلماء المعتبرين في العالم الإسلامي يعرف أن هؤلاء لا يرحبون بأي فكر آخر، ولا بأي تيار آخر، ولا أي مدرسة أخرى.
يعاني منهم الجميع. فمنذ أواخر عهد الأترك إلى يوم ليس ببعيد انتشرت جثث المسلمين على أيديهم في كل أرض الحجاز وغيرها. هم يستغلون ويستفيدون من أي دعم حتى لو كان من الشيطان نفسه لينتشروا ويمكنوا سلطانهم وأسلوبهم وحياتهم الخاصة.
دائما ما يحق لهم لا يحق لغيرهم. سلطتهم ممتدة من الله ربهم بحسب ما يزعمون.
هم خلفاء رب العالمين على البشر، وغيرهم عبيد عندهم.
يتعلمون من محيطهم أساليب التنكيل بغيرهم ويعتبرون ذلك بأسا وقوة ورباطة جاش.
يأكلون طعام غيرهم بحجة أنه بالأصل لهم ونيتهم بذلك التقرب إلى ربهم، والتقوية على طاعته.
كل من لا يتولاهم فهو عدوهم، ومن يتولَّ عدوهم يصر بالتالي عدوهم أيضا وهكذا.
يسبون النساء بفخر ويغتصبوهن بكل ما أوتوا من قوة، يتباهون بعدد من ينكلون بهم وبأطفالهم.
في ساحة القتال هم جهاديون بحسب رأيهم، وهم في المساجد علماء فقهاء. غايتهم إقامة “خلافة إسلامية”. ولكن لا أحد يعلم من أي طراز هذه الخلافة.
المستمع لهم يرى أن كل صفات الرحمة الإلهية غير موجودة في أسماء الله. فقط الأسماء الانتقامية هي السائدة في مفرداتهم. كل ما يقوي شوكتهم هو قرآن نازل. وكل ما يضعفها هو خارج عن ملتهم ومنصوص عليه بفتوى الذبح.
صنّفوا البشر في لائحة طويلة، البشر كلهم كفرة بنظرهم حتى يثبت العكس. الحكومات كافرة ومن والى تلك الحكومات كافر. يستسهلون إراقة الدم ويربون أجيالهم على قسوة القلوب لأن الجهاد “بنظرهم” ليس فيه رحمة.
لا تسمع لهم على مدى التاريخ بنتاج أرخى على جماعة بشرية سلاما أو أمنا أو علما أو تقدما أو تكافلا أو سعة. من يعش بينهم يشعر أن أهل الأرض جميعا محكومون بالموت على أيديهم. ليس لديهم طريق آخر للحياة وللهداية. إما أن تكون معهم وإما أن تهادنهم بمالك، أو يقتلونك. هذا غيض من فيض أوصافهم في العصر الحديث. وما يدهش أكثر أن الذي يدافع عنهم ويمهد لهم الطريق في أي مكان خوفا أو طمعا لأشد بيانا وأعظم مكانا عندهم.
هؤلاء خرجوا من بيوتاتهم، وشدوا هممهم وجاؤوا ليلقوا القبض على سوريا، وأعلموا العالم أنهم آتون إلى كل أرض يضعونها في رأسهم، أو تسول نفوس قاطنيها الاستسلام لهم والتمهيد لمجيئهم.
وفي لبنان هناك من يظنهم الفرج الآتي من الله، والمخلص الموعود، والواعد بالسعادة الأبدية، فراحوا لا يتورعون عن تقديم المساندة والترحيب بهم. وهم مستعدون لأن يستعيضوا عن مقاومة هزمت إسرائيل بأولئك، وهم يكابرون في أنفسهم بأنهم مستعدون لأن يدينوا بالولاء لأمراء الولايات على أن يحتملوا جيرانهم في الوطن ومحققي انتصاراتهم ورافعي كراماتهم، ومستعدون أيضًا أن يشهدوا المذابح ويحضروا عمليات الاغتصاب ويشاركوا في توزيع الغنائم على أن يشاركوا الحياة مع أخوتهم في وطنهم.
عندما يصبح في الجماعات البشرية هذا النوع من الكتل البشرية التي تهدد الجميع، فإن المجتمعات كلها مهددة بخطر قتل الذات، عبر السماح لمثل هذه الكتل بالتفشي شيئا فشيئا.
وعندما يكون في الكتل البشرية رادع لهؤلاء فإن ذلك الرادع جدير بأن ينال جميع أوسمة الحفاظ على السلام العالمي والأمن المجتمعي.