خلفيات التصعيد الدموي الجنوني ومتطلبات حل الأزمة السورية
صحيفة الوطن السورية ـ
هيثم يحيى محمد:
تشهد سورية هذه الأيام تصعيداً دموياً جنونياً من المجموعات المسلحة بتوجيه ودعم مباشرين من بعض الدول الغربية والإقليمية والعربية في مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية والسعودية وقطر وتركيا وإسرائيل.
وهذا التصعيد الإجرامي الذي يحصد أرواح الكثير من المواطنين السوريين الأبرياء إضافة لتدمير المزيد من قدرات الدولة السورية يعود لأسباب مختلفة منها النجاحات التي حققها ويحققها الجيش العربي السوري في ملاحقة المجموعات الإرهابية لعدة مناطق عاثت فيها تلك المجموعات ذبحاً وقتلاً وفساداً وتخريباً.. ومنها أيضاً محاولة تحقيق أي مكاسب على الأرض من تلك المجموعات وداعميها قبل انعقاد مؤتمر جنيف2 المقرر في الثاني والعشرين من الشهر القادم علها تساعدهم على فرض ما يريدون على الشعب السوري الصامد والصابر في وجه إرهابهم.
السؤال الذي يراود ذهن كل إنسان حرّ في بلدان العالم المتخلف منها أو المتطور ما دامت كل دول العالم تقريباً باتت مؤمنه إيماناً مطلقاً أنه لا سبيل لحل الأزمة في سورية إلا عبر الحل السياسي.. ما دامت تعمل جاهدة لعقد مؤتمر جنيف2 لتحقيق هذا الحل كما تقول.. ما دام قادتها والمسؤولون السياسيون والأمنيون فيها باتوا على قناعة تامة أن ما يجري في سورية ليس إلا إرهاباً منظماً خطره عليهم في المستقبل القريب أو البعيد لا يقل عن الخطر الذي يطال السوريين في أمنهم وحياتهم ومعيشتهم ومقدراتهم ومستقبلهم.. وما دام كل الشرائع والقوانين الدولية تنص على محاربة الإرهاب بكل أشكاله والقضاء على المحرضين والداعمين والمنفذين له سواء أكانوا دولاً أم أفراداً أم منظمات وأحزاب.. لماذا إذاً لا تشكل دول العالم ممثلة بالأمم المتحدة ومجلس الأمن جبهة متراصة لمواجهة ومحاربة الإرهاب في سورية كما واجهته وحاربته في دول أخرى؟
وهل يجوز أن تستمر عدة دول في مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية (التي تدّعي دائماً أنها تحارب الإرهاب) في كذبها ونفاقها أمام العالم مدّعية أن ما تقدمه للمعارضة السورية من مال وسلاح إنما تقدّمه للمسلحين المعتدلين فقط وليس للمجموعات التي صنفتها (إرهابية) في الوقت الذي يدرك فيه الجميع أن كل من هو في المعارضة المسلحة يمارس الذبح والقتل والتخريب بحقّ كل مواطن يقع تحت يديه ليس على خلفيات طائفية وحسب إنما على خلفيات وطنية أيضاً.. حيث إن المسلحين يقتلون ويذبحون ويفجرون كل من هو مع الدولة تحت عنوان أنه مع (النظام).
أيها السادة في كل أنحاء العالم إن ما يتعرض له الشعب السوري على أيدي المجموعات التكفيرية والإرهابية الذي كان يعيش نموذجاً يحتذى من التآخي والمحبة بين كل أطيافه.. وكان يعيش حالة مثلى من الأمن والأمان.. لم يتعرض له شعب حتى خلال الحروب الأهلية أو العالمية التي وقعت على مدى القرن الماضي وحتى الآن والسبب هو هؤلاء الإرهابيين التكفيريين الذين قدموا من عشرات الدول لقتل أو ذبح كل من يقول لهم (لا).. وكل من يقول أنا أحب سورية وأريد أن تستمر دولة مدنية ديمقراطية.. وهذا الإرهاب لا يعرف حدوداً ومن ثم إذا نجح في تحقيق ما يريد فلن يقف في سورية إنما سينتقل إلى أماكن ودول أخرى بمن فيها الدول التي خلقته ودعمته ليمارس الممارسات الإجرامية نفسها ويفرض شريعته على شعوبها.. ومن يفعل ذلك لا يؤمن بأي حلول سياسية على الإطلاق والأدلة على ذلك أكثر من أن تعد وتحصى.. وما يجري في أفغانستان والعراق وليبيا واليمن ومصر خير مثال على ذلك..
لكل ما تقدم فإن إنهاء الأزمة التي تشهدها سورية منذ ما يزيد على ثلاثين شهراً يكون بالتوقف عن دعم الإرهاب وإدخال الإرهابيين إلى هذا البلد وبمساعدة الحكومة السورية للقضاء على المجموعات التكفيرية الإرهابية في الأرض السورية.. كما يكون بتشجيع الأطراف السورية كافة التي تؤمن بالحل السياسي (الموالية والمعارضة) أو بالضغط عليها للانخراط في حوار وطني شامل يؤدي بالمحصلة إلى الخروج الآمن من الأزمة والاحتكام إلى الشعب السوري في كل ما يتعلق بحاضر ومستقبل بلده في المجالات كافة.