خلفيات ارتباك المستقبل
وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:
الموقف الذي اتخذه تيار المستقبل داخل اللجنة الفرعية النيابية وعرقل به فرص التفاهم على ما سمي بالنظام المختلط عبر الجمع بين النظامين النسبي و الأكثري في قانون الانتخاب يعكس حالة الارتباك السياسي التي تعيشها قيادة المستقبل واستمرار الرهانات غير الواقعية على دورة العنف والإرهاب التي تستهدف سورية كوسيلة للتأثير في التوازنات اللبنانية.
أولا: ما تزال حسابات قيادة المستقبل والرئيس سعد الحريري المتعلقة بالانتخابات النيابية وما بعدها مرتبطة بالمراهنات الفاشلة على نجاح العصابات الإرهابية في تغيير المعادلات السورية وعلى الرغم من مرور سنتين من المواعيد الخائبة التي ضربها سعد الحريري لعودته عن طريق مطار دمشق فإنه مرر لأركان حزبه ولمعاونيه معلومات منقولة عن بندر بن سلطان مفادها أن معركة جديدة ستدور في دمشق خلال شهر شباط المقبل ولهذا التوقيت كما بات معلوما علاقة بمحاولة استباق القمة الروسية الأميركية القادمة واستنفاذ القدرات العسكرية لعصابات الإرهاب في محاولة يائسة تبديل المعادلة الميدانية التي نجح الجيش العربي السوري في فرضها منذ مطلع الصيف حتى اليوم عبر انتقاله إلى الهجوم والمبادرة استراتيجيا وتسديده لضربات قاتلة وموجعة إلى خليط اللصوص والإرهابيين على الأرض.
ثانيا: إن ما بات محسوما في حصيلة النقاشات هو كون أي تسوية يمكن التوصل إليها بين الكتل النيابية الرئيسية ستقوم على مبدأ النظام المختلط انطلاقا من التطورات السياسية المهمة التي فرضها تمسك العماد ميشال عون وحلفائه من قوى 8 آذار بتصحيح التمثيل وباعتماد النسبية وبرفض قانون الستين وبالتالي يعتبر تيار المستقبل أن أي تسوية حتى لو تضمنت النظام الأكثري وإعادة رسم الدوائر لن تسمح له بالحفاظ على حجمه النيابي بعدما بات محسوما أن تبدلات وتحولات تجري على صعيد الموقف الشعبي كما برهنت محطات جماهيرية عديدة فشل المستقبل خلالها في تجديد مشاهد الحشود التي تقلصت إلى بضعة ألاف مختلف على إحصاءهم وعدهم بين أركان التيار ومسؤوليه في بيروت وطرابلس في حين تتعدد القوى والكتل والتيارات الساعية إلى وراثة المستقبل في ظل العزوف الشعبي عن التيار وعن زعامته بشكل سافر.
ثالثا: يخشى تيار المستقبل من النسبية لأنها تؤدي إلى بروز القوى السياسية المناوئة والمنافسة في قلب الطائفة السنية ونيلها حجما تمثيليا يتناسب مع شعبيتها وكذلك في ظل نجاح الرئيس ميقاتي في اختراق مواقع دولية وإقليمية كانت منذ الطائف ممسوكة بمفتاح حريري بينما جاءت مواقف سفراء الدول الغربية وحكوماتها بعد اقتحام السراي من قبل تيار المستقبل وحلفائه ومجموعات ما يسمى بالجيش الحر عكس ما اشتهى الحريري ومعاونه الرئيس فؤاد السنيورة وجاءت أخيرا زيارة الرئيس ميقاتي إلى المملكة السعودية فاكتملت دائرة التسليم بالتعدد السياسي وتعزز الخوف الحريري من النسبية إضافة إلى أن التطورات التي حملها النقاش في مشروع القانون الأرثوذكسي فرضت على حليف الحريري الرئيسي سيمر جعجع وكذلك على حزب الكتائب التمسك بفكرة استرجاع المقاعد المسيحية التي آلت واقعيا إلى المستقبل منذ اتفاق الطائف عبر النظام الأكثري ومن خلال تقسيم الدوائر خلافا لاتفاق الطائف.
رابعا: يبدو واضحا أن أمد المناورة الحريرية قصير لا يتعدى الأسابيع القليلة وليس مستبعدا في ظل هذا المأزق السياسي الذي يحيط بالحريرية أن يذهب التيار في اتجاه تعطيل الانتخابات فحصيلة المعادلة القائمة تحسم حقيقة أن المستقبل يخشى الفشل في الحفاظ على حجمه النيابي إذا نجحت مساعي التوصل إلى تسوية حول قانون الانتخاب والأكيد أيضا أن متاعب المستقبل الناتجة عن تهوره السياسي والإعلامي وعن تورطه في الحرب على سورية تفاقم من مأزق القيادة المسؤولة عن ما يلحق بالناس