خلاف في السياسة وتوافق في الاقتصاد
صحيفة الوطن السورية-
دينا دخل الله:
كانت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي السابق تفخران بأن توازن الرعب من السلاح النووي حمى العالم من حرب طاحنة بين العملاقين طوال أكثر من أربعة عقود ما بين عامي 1945-1990، واليوم يمكن القول إن ما يحمي العالم من حرب طاحنة بين روسيا والولايات المتحدة والصين وأوروبا هو توازن المصالح الاقتصادية.
ومن الملاحظ أن المصالح الاقتصادية بين روسيا ودول الناتو الأوروبية تحد بشكل جدي من توسيع الحرب بين الطرفين حول أوكرانيا، أما الصين والولايات المتحدة فإن المصالح الاقتصادية تربط بينهما بشكل كبير.
القمة التي انعقدت أول من أمس بين الرئيسين الأميركي والصيني في إطار قمة العشرين في بالي بإندونيسيا، جاءت في إطار الخلافات الكبيرة في المجال السياسي من جهة، والتوافق في مجال الروابط الاقتصادية متعددة الأنواع من جهة أخرى.
ويمكن إيجاز المواقف السياسية المتعارضة في ثلاث قضايا ومبدأين، القضية الأولى تتعلق بتايوان أو ما يعرف بـ«جمهورية الصين الوطنية»، ومن حيث المبدأ لا تمانع الولايات بتوحيد الصين لكن شرط أن تسيطر حكومة الجزيرة على البر وهذا مستحيل، أما توحيد الجزأين بالقوة فلن تسمح به أميركا بالتأكيد.
القضية الثانية هي بحر الصين الجنوبي، حيث هناك خلاف على مدى المياه الإقليمية الصينية، الأمر الذي لا توافق عليه الولايات المتحدة وفيتنام، فهما تصران على تضييق هذه المياه إلى أقل مسافة ممكنة، لأن بحر الصين الجنوبي ضيق.
القضية الثالثة هي مسألة حقوق الإنسان خاصة ما يتعلق بمنطقة شين جيينغ، حيث تحاول أميركا فرض مفاهيمها عن حقوق الإنسان على العالم وخاصة الصين، بينما لا تتدخل الصين بالشؤون الداخلية لأميركا.
أما المبدآن، فالأول هو أن الصين تؤكد عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى وعلى احترام استقلال هذه الدول، بينما المبدأ الأساسي للسياسية الدولية عند أميركا هو إرسال أساطيلها وبناء قواعدها في جهات العالم الأربع.
المبدأ الثاني هو أن الصين تؤكد حرية الشعوب في اختيار طرق نموها وتنظيمها الاجتماعي، بينما ترى الولايات المتحدة أن إيديولوجيتها القائمة على الليبرالية الجديدة صالحة لكل البشر وينبغي فرضها بالقوة تحت شعار الديمقراطية.
لقد أكد الرئيس الأميركي جو بايدن في القمة أنه لا يريد حرباً باردة مع الصين، طبعاً لأن المصالح الاقتصادية قوية جداً بنيوياً، وديون الصين لأميركا بلغت تريليون و95 مليار دولار على شكل سندات حكومية أميركية اشترتها الصين، أما التبادل التجاري والتعاون التكنولوجي فحدّث ولا حرج، فالتبادل التجاري بلغ عام 2021 نحو 755 مليار دولار بالاتجاهين، وفي الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي بلغت صادرات الصين لأميركا 185 مليار دولار مقابل 60 مليار دولار بالاتجاه المعاكس.
التعاون التقني واسع النطاق في مجال تكنولوجيا المعلومات وصناعة الطائرات، وأهم مصانع طائرات البيونغ الأميركية موجودة في مدينة تشي آن الصينية، حيث تستفيد أميركا من رخص القوى العاملة الصينية وقرب الصين الجغرافي من مستوردي الطائرات الأميركية في آسيا.